في حين تزداد المخاوف من خطورة التكنولوجيا القابلة للارتداء على خصوصية المستخدمين وانتهاكها لابسط حقوق الافراد، كشفت دراسة تسويقية جديدة أن مبيعات الأجهزة القابلة للارتداء زادت ثلاثة أضعاف خلال عام واحد في 2013، وأنها ستنمو بنسبة 500% خلال الأعوام الأربعة المقبلة. ووفقا لدراسة أعدتها مؤسسة "إي دي سي" للدراسات التسويقية الاميركية فقد تجاوزت مبيعات الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء على مستوى العالم 19 مليون وحدة خلال العام الجاري وهي بالتالي تعيش زمنها الوردي، كما ستصل عام 2018 إلى 111.9 مليون وحدة بمعدل زيادة سنوية يبلغ 78.4%، أي أن مبيعات هذه النوعية من الأجهزة ستقفز خلال أربع سنوات بنسبة تكاد تصل إلى 500%. وتضم فئة الأجهزة القابلة للإرتداء كل من النظارات والساعات والملابس الداخلية والخواتم الذكية، بالإضافة إلى الأساور الرياضية التي تستشعر المؤشرات الحيوية لمستخدمها. والأجهزة القابلة للارتداء مصممة لكي تلبس على الجسم وليس لحملها، وهذه الأجهزة مثل النظارات والساعات تلتقط الصور وتسجل مقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية، وترد على الاتصالات وتجري المكالمات وتتصفح الإنترنت، وتعتبر أهم خاصية تقدمها الأجهزة القابلة للارتداء هي الحصول على المعلومة الفورية للأشياء من حولك. وصنفت الدراسة التي أوردتها مجلة "بي سي ورلد" الأميركية المعنية بشؤون التقنية -على موقعها الإلكتروني- الأجهزة الإلكترونية التي يمكن ارتداؤها إلى ثلاثة أنواع مختلفة، الأول هو "الإكسسوارات المعقدة" وقصدت بها أجهزة رصد الحركة والأنشطة الرياضية التي يتم ارتداؤها كسوار حول المعصم مثل جهاز "جو بون" و"فيت بيت"، وتتطلب هذه النوعية من الأجهزة أن يتم توصيلها بتطبيقات معينة على الهواتف الذكية للحصول على إحصائيات بشأن أنشطة المستخدم ووظائفه الحيوية. أما النوع الثاني من الأجهزة فهو -حسب تصنيف المجلة- "الإكسسوارات الذكية" ويطلق على الساعات الذكية، مثل "بيبيل" وسامسونغ "غلاكسي غير" وسوني "سمارت ووتش"، وهي تعمل بشكل متكامل مع الهواتف الذكية وتوفر للمستخدم مجموعة متنوعة من الوظائف التكنولوجية. أما النوع الثالث فهو "الأجهزة الإلكترونية الذكية التي يتم ارتداؤها"، مثل "نظارات غوغل" على سبيل المثال. وتقول إي دي سي إن هذه النوعية من الأجهزة ما زالت في طور الطفولة، وما زال الطريق أمامها طويلا، وإننا لن نشهد بيع ملايين الأجهزة من هذه النوعية قبل عام 2016. ويعود الاهتمام الكبير بالتكنولوجيا القابلة للإرتداء في الوقت الحالي، نتيجة دخول شركات مهمة على غرار آبل وسامسونغ وغوغل وسوني الى حقل المنافسة، إضافة إلى ما تقدمه تلك المنتجات من خدمات وميزات بالنسبة للمستخدمين، حيث باستطاعتها تزويدهم بالمعلومات الضرورية إينما كانوا، وتبقيهم على اتصال دائم بالشبكات الإجتماعية بطريقة سهلة. وعلى رغم اعتماد بعض الأجهزة الذكية بشكل أساسي على هاتف المستخدم، إلّا أنها ستشهد تطوراً كبيراً في المستقبل، بحيث سيصبح في مقدورها تخفيف اعتمادها عليها الى أن تستقِلّ عنها بشكل كامل. ودخلت أكثر من شركة تقنية كبرى في مجال صناعة الأجهزة القابلة للارتداء سواء غوغل عبر نظارتها الذكية أو سوني وسامسونغ بإنتاجهما لساعات ذكية، بالإضافة إلى شركات مثل آبل ومايكروسوفت. ويرى خبراء في التكنولوجيا ان الاجهزة القابلة للارتداء قادرة على قضم حصة الهواتف الذكية واجهزة الكمبيوتر المحمولة والتابلت لا سيما في ظل اقبال المراهقين والشباب ومحبي الصرعات التكنولوجية على كل ما هو غريب وملفت للانتباه في العالم الرقمي. كما يرون ان الاجهزة القابلة للارتداء عملية وتوفر راحة اكثر في استعمالها، فبامكانك ان تلتقط صورة او تؤرخ حدثا ما دون ان تضطر لاخراج هاتفك الذكي من جيوبك وتحريكه في الاتجاه المطلوب، فيكفيك مثلا ان ترتدي نظارة ذكية او ساعة ذكية تلتقط لك ما تريده من احداث وصورا على الفور دون مشقة او عناء يذكر. ويرى الشق المعارض ان التكنولوجيا القابلة للارتداء تثير مخاوف على خصوصية المستخدمين، وتنتهك ابسط حقوق الافراد دون وجود ضوابط مُحددة لعملها. وما يزيد من حدة هذه المخاوف، عدم إمكانية حصر جميع المنتجات التقنية القابلة للارتداء، نظراً إلى تنوعها بين ساعات، ونظارات، وسوارات تتبع النشاط البدني، إضافة إلى كم كبير من البيانات الحساسة التي يمكنها جمعها حول الشخص وأنشطته وبياناته الصحية، وشكوك كثيرة بشأن كيفية استخدام هذه المعلومات والجهات التي ستؤول إليها. وبحسب مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن من بين العوامل التي تُسهم في تفاقم المخاوف حولها، وفق بعض المدافعين عن قضية الخصوصية، إغفال التوجيهات الصادرة عن "هيئة الغذاء والدواء" الأميركية، مسألة الخصوصية في تناولها للتطبيقات الطبية، وهو ما يعني عدم تحديد الجهة المسؤولة عن تنظيم البيانات الصحية التي تجمعها المنتجات القابلة للارتداء. ويُثير الانتشار الواسع لتقنيات التصوير والتعرف إلى الأشخاص من خلال الصور قلق الكثيرين، وتطالب المنظمات الحقوقية بتوفير ضمانات أكثر للحفاظ على الخصوصية ووضع ضوابط وشروط عملها وانتشارها، وتؤكد على ضرورة ترشيد استعمالها لكي لا تؤذي مشاعر الاخرين.