وكما كان منتظرا صوتت أحزاب المعارضة والأغلبية في صف واحد خلال اجتماع لجنة الداخلية واعتمدت القاسم الإنتخابي على أساس المسجلين عوض المصوتين، في جلسة وصفتها مصادر برلمانية بالسرية، واقتصرت التدخلات فيها لمناقشة التعديل المذكور على نواب العدالة والتنمية، حيث أخذ الكلمة 12 نائبا "بيجيديا" فيما "صام" باقي نواب الفرق الأخرى عن الكلام. حزب العدالة والتنمية المتضرر الأكبر إن لم يكن الأوحد من هذا التعديل، والذي سيحرمه على الأقل من أكثر من 40 مقعدا، دون احتساب "الكسور" كما نقول بدارجتنا البليغة، وهي "كسور" ناجمة عن تدبير الشأن العام وعن الدفاع عن قوانين أضرت بمصالح كثيرين من ضعفاء وفقراء هذا الشعب وخصوصا ما هَمَّ صندوق ومنظومة تقاعد الموظفين وإلغاء دعم عدد من المواد الأساسية إلى جانب فضائح تدبير شؤون مدن كبرى كالبيضاء ومراكش. الحكومة تبرأت من التعديل بل ورفضته، ولكن 29 نائبا ينتمي عدد كبير منهم لأحزاب الأغلبية صوتت بنعم، في مواجهة 12 ينتمون جميعهم للمصباح.. تصويت عجل بإشعال فتيل حرب برلمانية بين حزب العثماني ومن معه في الإئتلاف الحكومي، خصوصا وأن قياديي الحزب "الحاكم" هددوا في أكثر من مناسبة برد "الصاع" من خلال التصويت ضد مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، بحيث صرح نائب الأمين العام سليمان العمراني في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن حزبه "لا يزال ثابتاً على موقفه برفض احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين"، مضيفا "..نقولها بكل وضوح وبكل مسؤولية إنه إذا، لا قدر الله، سعى البرلمان بمجلسيه إلى الذهاب في هذا الاتجاه، فإن فريقي الحزب في البرلمان سيضطران للتصويت بالرفض ضد مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب". العمراني قال كذلك: "كان عندنا موقف واضح بشأن السعي لاحتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، وعبرنا عن رفض ذلك في بيانات الأمانة العامة لاعتبارات قلنا بأنها مبدئية ودستورية، والتجربة المقارنة لا تسندها، كما أن عدداً من الأكاديميين المغاربة يقولون بهذا". وكانت أحزاب "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية" المعارضة، قد ضمنت تعديلاتها على مشاريع القوانين الانتخابية، اقتراحا بتعديل المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي، بالتنصيص على توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة "قاسم انتخابي" يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور، مبررة ذلك ب"تحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدائرة المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية"، فيما يرى الغاضبون أنه سيجعل فوز حزب بأكثر من مقعد بدائرة معينة أمرا مستحيلا... وضع سيجد إخوان العثماني أنفسهم فيه في مواجهة أحزاب المعارضة الثلاثة (الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية)، مآزرين بأحزاب الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحركة الشعبية)، ولربما نجح هؤلاء في فرض الأمر الواقع إستنادا إلى الأغلبية العددية لإقرار التعديل، فيما يرى آخرون أن "فقهاء" التشريع بالعدالة والتنمية قد ينقلون المعركة للمحكمة الدستورية حفاظا على ما تبقى من أواصر "الحكومة" خصوصا وأن الإنتخابات على الأبواب... ولكن في جميع الحالات "التصعيد التصعيد... هذا صوت القواعد..." شعار دأبنا على سماعه بمحيط البرلمان ولربما سمعناه بداخله في القادم من الأيام.