استفاقت العديد من المدن الأمريكية على وقع الخسائر التي خلفتها أعمال الشغب والحرائق وعمليات النهب والتخريب التي كانت مسرحا لها ليلة أمس ، في خضم الاحتجاجات ضد تعسف الشرطة بعد وفاة أمريكي من أصل إفريقي تم توقيفه بطريقة عنيفة في مدينة مينيابوليس، الاثنين الماضي. وتقاطر المتطوعون صباح اليوم الأحد على المناطق التي شهدت احتجاجات صاخبة في العديد من المدن حاملين أكياس القمامة والدلاء والمكانس للقيام تنظيف وإزالة مخلفات المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن. واتخذت الاحتجاجات على وفاة جورج فلويد منحى تصعيديا لافتا أمس السبت في معظم مناطق البلاد، مما اضطر قوات الأمن إلى استخدام القوة لتفريق المتظاهرين. وانتهكت الاحتجاجات حظر التجول الليلي الذي صدر في عدة مدن مع نشر قوات إضافية ، بما في ذلك الحرس الوطني ، في محاولة لفرض احترام القانون. وشهدت 75 مدينة على الأقل احتجاجات في الأيام الخمس الاخيرة، فيما فرض رؤساء بلديات أكثر من 20 مدينة حظر التجول. وتعد هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها هذا العدد من المسؤولين المحليين في وقت متزامن مثل هذا الإجراء لمواجهة الاحتجاجات المدنية منذ سنة 1968 ، إبان الاحداث التي أعقبت اغتيال القس مارتن لوثر كينغ. وحولت الاحتجاجات التي نظمت على نطاق واسع يوم السبت الى " ليلة للنار والغضب" في جميع أنحاء البلاد مع اشتداد التوتر والاصطدامات في عشرات المدن الأمريكية. وأ ضرمت النيران في سيارات الشرطة والمباني الحكومية ، وتم تحطيم النوافذ ، ون هبت المتاجر ، وتم تخريب المعالم الأثرية ، وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لردع المتظاهرين. وفي واشنطن العاصمة ، تم تخريب المباني الفيدرالية واندلعت الاشتباكات بين عناصر جهاز المخابرات والمتظاهرين خارج البيت الأبيض. واندلع حريق هائل في مبنى متعدد الطوابق على مرمى حجر من المجمع الرئاسي. وفي كاليفورنيا ، أعلن حاكم الولاية جافين نيوسوم حالة الطوارئ وقام بنشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس بعدما احتدمت المواجهات العنيفة وتحولت إلى مشاهد للنهب في منطقة التسوق بوسط المدينة. كما أضرمت النيران في السيارات والمباني. وفي نيويورك ، نزل الآلاف من المتظاهرين أمس السبت إلى الشوارع لليوم الثالث على التوالي، مما أدى إلى عرقلة حركة المرور وإحراق سيارات الشرطة خلال المسيرات المتزامنة التي شهدتها مختلف أرجاء المدينة . وفي وقت مبكر من صباح اليوم الأحد ، كشفت مصالح الشرطة عن اعتقال أزيد من 345 شخصا ، وإصابة 33 من ضباط الشرطة بجروح ، فضلا عن تخريب أو إحراق 47 سيارة للشرطة ونهب أزيد من عشرة محلات تجارية في مانهاتن السفلى. ودخلت هذه الاحتجاجات أمس السبت يومها الخامس منذ وفاة جورج فلويد أثناء اعتقاله. وكان مقطع فيديو صوره أحد المارة قد أظهر ضابط شرطة أبيض ، تم في مابعد تسريحه ومتابعته بتهمة القتل من الدرجة الثالثة، جاثما بركبته على عنق الضحية فلويد لأكثر من ثماني دقائق فيما كان هذا الأخير يصارع من أجل التنفس. وبعد نحو ثلاثة أشهر من فرض تدابير الحجر الصحي الرامية إلى وقف تفشي وباء كورونا وما نجم عنها من انكماش اقتصادي تاريخي ، أثار الشريط المصور الذي يوثق وفاة فلويد موجة جديدة من المخاوف إزاء عدم المساواة وتجاوزات جهاز الشرطة. وفي الوقت الذي تحبس فيه البلاد أنفاسها خوفا من تدهور الوضع أكثر ، لاسيما مع خروج مظاهرات اليوم الأحد ، دعا العديد من المسؤولين المحليين والسياسيين إلى إلى التهدئة وخفض التوتر. وقال رئيس بلدية سانت بول ، المدينة التوأم لمينيابوليس ، ميلفين كارتر ، إن ما تحتاجه مدينته لاستعادة النظام بعد أيام من الاحتجاجات ليس مساعدة عسكرية ، "بل تطمينات بأن شخصا ما ستتم مساءلته عن وفاة فلويد". وفي حديث لشبكة "سي ان ان" الاخبارية ، دعا كارتر إلى "السلم وليس الصبر" ، مؤكدا أن ما لا يقل عن 170 شركة تعرضت لأضرار خلال الاحتجاجات في المدينة. وبدورها حذرت عمدة أتلانتا كيشا لانس بوتومز ، وهي أمريكية من أصل أفريقي ، من أن تحجب هذه المواجهات الانظار عن " الأسباب التي حركت الاحتجاجات". وقالت بوتومز في تصريح مماثل، "بالأمس لم نتحدث عن جورج ، كنا نتحدث عن سيارات شرطة تحترق في شوارعنا". وأضافت "هذه الاحتجاجات والانتفاضات في شوارعنا تحيد بنا عن القضية الحقيقية. علينا أن نعود إلى لب المشكل ، وهو قتل السود العزل في أمريكا" ، وفي هذا الخضم حث بعض حلفاء الرئيس دونالد ترامب هذا الأخير على توجيه خطاب بشأن الاحتجاجات، فيما أصدر غريمه الديمقراطي ، نائب الرئيس السابق ،جو بايدن ، بيانا عبر فيه عن استشعاره للألم الذي حرك العديد من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد وحث على تجنب العنف كوسيلة للتعبير.