رمضان كريم من الديار الأمريكية من ولاية تكساس وبالضبط من دلاس وضواحيها التي أتواجد بها هذا الشهر ، وعيد مبارك للمغاربة التواقين للحرية والتغيير ولسان حالي يقول مع الشاعر المتنبي ، عيد بأية حال عدت ياعيد = بما مضى أم لأمر فيك تجديد . أريد في هذا المقال أن أشارككم أعزائي القراء بعض الإنطباعات والأفكار التي قد تدفع بنا للعمل أكثر ونسرع نحو التغيير. فدلاس المدينة التي عرفت ابشع جريمة سياسية بمقتل الرئيس كيندي في القرن العشرين لها من البنيات التحتية ما لم نحلم به نحن كدولة يقال أنها استقلت لأزيد من 60 سنة ، فها هي القناطر متشابكة كما لو انها بيت العنكبوت، ونحن أقمنا قنطرة على واد أبي رقراق لم تزد حركة السير إلا تعقيدا لأنها ببساطة ضيقة ولا تتسع إلا لعربتين في حين أن القناطر والطرق العادية وليس السيارة بدلاس ثلاثية في الإتجاهين ، يقول قائل تلك دولة متقدمة ولها من الإمكانات ما لا نملك نحن المغاربة ، صحيح ولكن لنا القدرة على صنع المستحيل التي تتجلى في 60 في المائةمن الشعب ، شباب أقل 25 سنة ولكن لا نملك الإرادة السياسية ، فالولايات المتحدةالأمريكية لها من الإمكانات الإقتصادية والتكنولوجية والعسكرية بفضل عمل شعبها الذي أسس الدموقراطية بمفكريها ومثقفيها وباحزابها التي تنبعث كل تحركاتها وقراراتها من الشعب ، اما نحن أين مثقفينا ؟ في المهجر أو مهمشون او ممنوعون من التعبير بأشكال متعددة. أما أحزابنا فتلك طامة كبرى ابتلي بها الشعب المغربي فهي كلها في جبة المخزن يحركها كلما أراد أن يقوم بمناورة لتقوم بدور التعبئة بأموال الشعب وليتها تعبئة تصب في المنحى التوعوي والتثقيفي للمواطنين بل لتكريس ممارسات لا علاقة لها بالدموقراطية ولا بالعمل السياسي الصحيح. إن العيش في امريكا كمن يعيش في المدينة الفاضلة لأفلاطون او قريبة منها جدا ، لأن السكون والهدوء والنظام والضبط والقانون والعمل والجودة وحسن الجوار والإبتسامة في وجه الإنسان دون معرفته والإحترام والصدق وكل الأخلاق الحسنة التي هي من المفروض أن تكون عندنا نحن "أحسن أمة أخرجت للناس"هي موجودة في البلد الذي قيل أنه بلد " الإمبريالية" فلا جشع رأيته عند التجار ولا أصحاب المطاعم والمقاهي بل الخدمة الجيدة والكلام الجميل والإبتسامة والدعوة لك بالحماية والسلامة وأنت تسوق عائدا لبيتك. اما في المغرب فالعملة السائدة هي الجشع عند جل التجار و أصحاب المقاهي ، بل يذهب بهم الإستغلال الى حد تحديد وقت استهلاك المشروب والطلب ثانية أو يفرض عليك تناول الحلويات مع المشروب وإلا لن يسمح لك بالجلوس ، تلك وقاحة لم أشهد منها في عالم الماركوتينك والتسويق إلا في المغرب الحبيب، كما لو أن لسان حالهم يقول" هم (مالكي السلطة ) نهبوا فلننهب كذلك " فالدولة المغربية بكل أجهزتها غائبة ، لامراقبة للأسعار ولا لجودة الخدمة ولا لصحة المواطن وحمايته ، فالذبيحة السرية منتشرة في كل أسواق البوادي والمدن والغش في المواد الإستهلاكية تملأ صفحات اليوميات ولا من يحرك تلك المياه الراكدة التي تنام فيها السلطات العمومية لأنها بكل بساطة ليس لها رادع ولا حسيب من قبيل الردع الذي يوجد في الدول الدموقراطية كأمريكا التي تسمع للمواطن عبر نقرة على الحاسوب وتستجيب لطلبه ولحقه كما يستجيب هو لمستحقاتها كأداء الضرائب والرسوم دون تهرب ولا تدخل أو وساطة ، فلو مررت والضوء الأحمر مشتعل فالشرطة لك حاضرة وهي مجهزة بالحاسوب لتتعرف عنك كمواطن أو كزائرلهذا البلد وهل تستوفي شروط السياقة ، ودون الدخول معك في نقاش فالحجة موجودة بشريط فيديو، وما لك سوى الذهاب للمحكمة لأداء المبلغ المحدد أو قد يقرر القاضي أن تعيد اجتياز امتحان السياقة عبر الأنترنيت في أجل محدد ، لن تسمع من أحد إهانة ولا تعسف ولن يرغب أحد من المخالفين للقانون في إرشاء الشرطي وإن حاولت مجرد النزول من السيارة فردة الفعل ستكون عنيفة لأن الشرطي في تلك الحالة يخرج سلاحه لأنه يعتقد أنك ستهاجمه ويتخذ كل الإحتياطات الضرورية ، لذا أنصحك أخي المواطن بعدم الخروج من سيارتك لو تعرضت لمثل هذا الموقف بالتكساس . وماذا بعد ؟ أأحدثك عن السكن والسكينة بدلاس؟ فهي متعة الجوار فلا حدادة ولا نجارة تقللق راحة بالك ولا مقهى الحي يسمعك رواده كلمات ملوثة مسمومة لك ولأبنائك النشئة التي سيعول عليها لبناء مغرب الغد .أم أخبرك أنك لو سقطت مريضا في جادة الطريق بسرعة خارقة تحملك سيارة إسعاف وهي ليست كسيارة إسعافنا عفوا سيارة "إسلاخنا" فهي مستشفى كامل به جميع المتطلبات لإنقاذ الإنسان ، ولن يقول لك أحد اعطني بطاقتك الوطنية ولن يسألك عن اسمك ولا دينك ولا من أي بلد أنت ؟ . أما مستشفياتنا فلن تقبل دخولها ولو أن الأطباء يعرفون أن حالتك خطيرة وأن الأجل المحتوم سيقربونه لك لو لم توقع على شيك كضمانة أو تأتي بموافقة جهات التغطية الصحية (وسير تضيم ، من الضامة وليس الضيم الذي هو ذاته أصبح يشفق على حال مرضانا ) ، ولتك المستشفيات من المواصفات ما لا يقبلها إنسان ، وأجهزة التطبيب منعدمة وإن وجدت فهي معطلة وتعود لأجيال قديمة لم تعد تستعمل في الدول المتقدمة بل توضع فقط في المتاحف لتشهد عن تاريخ التطور الطبي التكنولوجي . وبالرغم من كل ذلك أقول صباح الخير يا دلاس ومساء الخير يافكيك وكل عام والشعب في أحسن حال .