بات الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وسوء استخدامها من أكثر المشكلات الصحية إلحاحاً بالعالم، وفقاً للدكتورة أشا توماس، المدير الطبي لخدمة "دكتور أون كول"، المنشأة التي تُقدم خدمات طبية على مدار الساعة، وخدمات رعاية صحية في المنازل والفنادق في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. وأوضحت الدكتورة توماس: "ما يزال البعض يعتقد بأن استخدام المضادات الحيوية يؤدي إلى حل سريع لكافة الأمراض، بما في ذلك أمراض البرد والإنفلونزا. بيد أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يؤدي بنهاية المطاف إلى إلغاء فعالية المضاد الحيوي ضد بعض أنواع البكتيريا والفيروسات، كما يمكن أن تؤدي إلى آثار جانبية مثل الإسهال، وآلام المعدة، والصداع، ومرض القلاع أو فطريات الفم". وتُعتبر المضادات الحيوية أدوية بالغة الأهمية لمنع إنتشار العدوى والحد من مضاعفات المرض. وبلغ حجم سوق المضادات الحيوية في العالم نحو 41 مليار دولار أمريكي في العام 2015، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 44.7 مليار دولار بحلول العام 2020، وفقاً لدراسة أجرتها مجلة "بروسيدنجز" الصادرة عن الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولاياتالمتحدة. ورغم أن معظم المضادات الحيوية تُستخدم لعلاج العدوى البكتيرية، إلا أنها لا تُستخدم دائماً لمعالجة العدوى الفيروسية. على سبيل المثال، يمثل المضاد الحيوي الدواء المفضل لعلاج التهاب الحلق العقدي، لكنه ليس الخيار المناسب لعلاج التهاب الحلق الناجم عن فيروس. كما أن استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى الفيروسية لن يشفي المرض، بل سيؤدي إلى آثار جانبية ضارة، ويزيد من مقاومة المضادات الحيوية. وتزداد خطورة عواقب مقاومة المضادات الحيوية، وتؤدي إلى طول فترة الاستشفاء من الإلتهابات، وتكرار مراجعة المستشفى، وطول فترة الإقامة فيه، واللجوء إلى خيارات علاجية أكثر تكلفة. ولوحظ بأن نحو ثلث إلى نصف استخدام المضادات الحيوية لدى البشر إما غير ضروري أو غير مناسب. وينبغي على المرضى استخدام المضادات الحيوية بشكل مناسب وصحيح، وعند الحاجة، لأجل الحد من مقاومتها وتجنب الارتكاس. وللحد من نمو مقاومة المضادات الحيوية، يجب ممارسة العادات الصحية التي تؤدي إلى تجنب الالتهابات البكتيرية التي تتطلب وصفة مضادات حيوية. وبالإضافة إلى ذلك، يوصي الخبراء بتلقي اللقاحات في الوقت المناسب، نظراً لدورها في الحماية من العدوى البكتيرية مثل الخناق والسعال الديكي. كما يجب إتباع عادات غذائية جيّدة للحد من خطر الإصابة بالتهابات بكتيرية تنتقل عن طريق الأغذية. واختتمت الدكتورة توماس: "يطلب معظم المرضى الذين يراجعونا وصفة مضادات حيوية لعلاج حالاتهم بدون فهم التأثيرات الجانبية التي قد تحدثها. كما بات من الشائع استخدام هذه المضادات الحيوية لعلاج مريض آخر، رغم أن ذلك قد يؤدي إلى عواقب طبية خطيرة. ومن المهم استخدام المضادات الحيوية الموصوفة من قبل الطبيب بالجرعة المناسبة والوقت المناسب". ويُقدر الخبراء بأن مقاومة المضادات الحيوية قد تودي بحياة نحو 10 ملايين شخص في العالم بحلول العام 2050، ما لم يتم التدخل. وتبقى المضادات الحيوية رغم ذلك إحدى أهم فئات الأدوية حتى تاريخه، وفي الكثير من الحالات تُعتبر دواءً ضرورياً لإنقاذ حياة المرضى.