الغرض من الإشارات هو إيصال فكرة أو إبداء رأي لمخاطب قد يتعذر التكلم معه ، بطريقة ذكية ومختصرة ومفهومة ... فهناك إشارات عالمية موحدة مثل إشارات المرور أو إشارات نراها في الأماكن العمومية ، وهناك إشارات لا أخلاقية وأخرى يعاقب عليها القانون ، وأخرى تدل على منهج أو توجه أو ديانة أو حدث مثل مجزرة رابعة ، وقد تطورت هذه الإشارات إلى أن أصبحت لغة متكاملة قائمة بذاتها وهي لغة الصم والبكم... وهناك رموز اكتسحت حتى ملابسنا فوجب علينا التعرف عليها وتجنبها كي لا نسيء لسمعتنا أو نضم أنفسنا لتجمع مشبوه ونحن غافلون ، أو نكون محط سخرية ، وهنا أستغرب من بعض الدعاة والمشايخ الذين لا يستطيعون رفع السبابة إلا ومعها الخنصر وهم – المفترض - أعلم من غيرهم بمعنى تلك الإشارة وأعلم أيضا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر الصحابي قائلا : "...أحِّد ، أحِّد ، وأشار بالسبابة " فالله تعالى واحد ... من بين تلك الإشارات التي انتشرت كالفيروس إشارة النصر من خلال رفع الوسطى والسبابة مفتوحين ليشكلا الحرف الأول من فيكتوار أو فيكتوري ، على أن تكون ظهر كفك تجاهك ، فإذا جمعتهما قليلا أصبح المعنى اثنين ، والذي يُظهر ظهر كفه للمخاطب يعتبر ببساطة جاهلا بهذه الإشارة ، أما في بريطانيا ومستعمراتها وأستراليا ونيوزلندا وأيرلندا فمعناها بذيء ومهين كالذي يرفع الوسطى لوحدها ، وهكذا فأي تغيير طفيف في الإشارة قد يغير معناها ، مثلا إشارة الاستحسان هي أن تضم الأصابع سوى الإبهام فتبسطه وتجعله للأعلى صوب مخاطبك ، فلو بسطت السبابة أيضا ستتحول الإشارة إلى مسدس ولو بسطت السبابة لوحدها فالمعنى أنت أو هذا ... لكنها في أيامنا هذه أصبحت – إشارة النصر – فارغة المعنى ، وتحولت من التعبير إلى التقليد الأعمى، حتى شكلها تغير وتبعثر ، فأصبحنا نرى في كل صورة مقصا مفتوحا يمينا وشمالا ، أحيانا إلى الأسفل وكأنهم يلعبون "مقص حجر ورق '' أحيانا بكلتا اليدين مثل السلطعون .... بينما في الماضي كنا نرى مناضلين ومقاومين وثوار ورؤساء يرفعون علامة النصر فنفهم أنهم صامدون حتى النصر ، أو متفائلون بالنصر ... أما الآن فعند الاستيقاظ من النوم وعلى الشاطئ وفي المسجد وعلى المائدة وفي السيارة ، وأثناء الخروج من (أنظر الصورة) ... وليتها اقتصرت على المراهقين فقط ، بل داعت وشاعت في كل الفئات حتى الملتحين والمنقبات ... وتسأل أحد أصحاب ثورة المقصات فيقول لك هي علامة السلام ، منذ متى ولماذا وأي قاعدة اتبعتم ؟؟ علامة السلام سابقا كانت هي الحمامة تحمل غصن زيتون ، فلو بحثت وجدتها مبنية على أسطورة تحكى على سيدنا نوح عليه السلام ، إذن لم يتخذ الرمزعبثا ، وفي سنة 1958 صنع أحدهم رمزا لحركة نزع السلاح النووي وهي على شكل دائرة وسطها كصليب منكوس شكله أقرب لعلامة سيارة مرسيدس ، وبغض النظر عن باقي التعريفات ، وببساطة وبدون تكلف فهي مثل أثر قدم الطائر على الرمل ، فهو لم يبتعد كثيرا عن الحمامة ، فأصبح ذلك الرمز هو علامة السلام وانتشر استخدامه في أماكن النزاعات .. فما علاقة المقص المفتوح بالسلام إذن ؟؟ هو التقليد بجهل فحسب .