كان حصول عمر حاسي لاعب وداد فاس على لقب هداف البطولة الوطنية مفاجئا لكثيرين، خصوصا أنه صانع ألعاب أكثر من مهاجم، كما أن فريقه كان ينافس على البقاء، لكن حاسي نجح في إحراز 12 هدفا جعلته يتربع على عرش الهدافين. عندما فكر حاسي مرغما، ذات يوم من سنة 2008، في اعتزال لعبة كرة القدم والابتعاد عن الملاعب إلى الأبد، جراء تأثره بما تسبب له فيه بعض المحسوبين على مسيري فريقه الأم المغرب الفاسي، لم يلبث أن استفاق على نصيحة والدته "الحاجة رقية" من أجل الاستمرار في مزاولة الكرة، إلى حد كانت فيه نصيحة الوالدة تتسم بنوع من الإصرار والضغوط في اتجاهها الإيجابي، كما لو أن قلبها أخبرها بولادة كروية جديدة للإبن عمر، الذي لم يجد بدا من الانصياع لنصائح الأم، وإزالة حيرة لازمته، وكاد أن يطويه النسيان على إثرها. وطالما أن قلب الوالدة لا يخطئ، فإن عمر يتيم الأب منذ حوالي 12 سنة، تمكن من تعويض ال12 عاما من حرمان عطف الوالد الراحل إلى 12 هدفا، والرقي بفضل رقية الأم وحنانها وتوجيهاتها إلى صدارة الهدافين والتتويج بلقب الهداف وإنجازات أخرى موازية، مفضلا إهداء لقبه الذي وصف ب"العزيز" إلى والدته وزوجته وابنتيه (أية: 10 سنوات وحفصة: 4 سنوات). ونجح حاسي في رد الجميل ل"الواف" ورئيسها ومسيريها وجمهورها، عندما ركب التحدي وأتبت مؤهلاته لمن سعى إلى التشكيك فيها من طرف بعض مسيري "الماص". وبقدر ما يحتفظ بحب فريق المغرب الفاسي ويضعه في القلب، فهو ما يزال يحمل غصة ألم في ثناياه إزاء "تصرف بعض الساعين وقتئذ إلى تهميشه".
بداية مسار حاسي ارتبطت بفريق المغرب الفاسي، الذي قضى فيه زهاء 20 سنة، بدءا بكل الفئات الصغرى، ووصولا إلى فئة الكبار الذي جاورها لمدة 11 سنة، انطلاقا من موسم 95/96. وبعد مرور بفترة إعارة لبضع شهور من أواخر موسم 2000/2001 لفريق الشباب السعودي، الذي بلغ معه المباراة النهائية لكأس آسيا الممتازة، عاد مجددا إلى فريقه الأم "الماص"، قبل أن يكون الفراق سنة 2007، إذ اضطر إلى اللعب خارج فاس في موسم 2007/2008، موزعا بين شباب المسيرة واتحاد طنجة. وكان صيف 2008 حاسما لدى حاسي عندما حول فكرة الاعتزال إلى مرحلة جديدة من التميز وكتابة صفحات كروية أخرى استثنائية، بانضمامه لفريق الوداد الفاسي بطلب من رئيسه عبد الرزاق السبتي، إذ ساهم في عودة "الواف" إلى القسم الأول في أول موسم يلعب له فيه (2008/2009)، مع احتلال المرتبة الثانية في ترتيب هدافي القسم الثاني بتوقيعه13 هدفا، فالحفاظ على مكان "الواف" بقسم الكبار في الموسم المنتهي قبل أقل من أسبوع، وهو الذي كان ساهم خلال مناسبتين في صعود "الماص" أيضا، في موسمي 96/97 و2005/2006، فضلا عن لعبه نهايتين في كأس العرش رفقة "الماص" أمام الوداد والرجاء عامي 2001 و2002 على التوالي. وطالما أن سر تألق حاسي (34 سنة) يكمن بالتأكيد في جديته واجتهاده وعزيمته وأخلاقه وانضباطه، فضلا عن يسراه الساحرة، ومثلما يبدو أن الرجل ما يزال يحمل في جعبته مزيدا من زاد التميز لسنوات أخرى غير محددة، فهو لا يجد أدنى تردد في القول إنه ما يزال شابا وبعيدا عن ما يسمى ب"الشيخوخة الكروية"، ثم إنه لا يرى أي دافع لإعلان اعتزاله قبل الأوان، تبعا لقدرته على العطاء أكثر وعلاقته الوثيقة بمعشوقته الكرة، وقال ضاحكا: "حتي يكلسوا بعدا ما لين 40 سنة". حاسي الذي يفكر في ولوج عالم التدريب ما بعد الاعتزال يسكنه هاجس التكوين منذ مدة، بدليل أنه خاض تكوينا وحاز على دبلوم الدرجة الثانية في التدريب من مدرسة هامبورغ في صيف 2008، واعتبر ذلك بمثابة بداية، في انتظار مزيد من التكوين والتحصيل، سعيا منه إلى دعم معارفه التدريبية.