أثار قرار وزير التربية الوطنية إعفاء الكاتب العام للوزارة، يونس السحيمي، بالتزامن مع عودة عدد من الفئات التعليمية إلى الشارع ترافعا عن مطالب جزء منها له صلة بتفعيل مقتضيات النظام الأساسي، وبعد تعليق التنسيق الخماسي لنقابات التعليم مشاركته في لقاءات اللجنة التقنية، تساؤلات فاعلين تربويين حول "مصير عدد من مضامين هذه الوثيقة، التي ما زالت بحاجة إلى تفعيل". مبعث التساؤل هو أن الكاتب العام المعفى كان "من بين الفاعلين الأساسيين في التفاوض على النظام الأساسي، وفي جلسات تنزيله"، كما يقر بذلك نقابيون، رغم أن جلسات الحوار بين الوزارة والنقابات كانت شهدت بعد اجتماع 9 يناير التحاق مسؤولين جدد ممثلين للقطاع الحكومي إلى جانب يونس السحيمي. وكان مصدر عليم نقل لجريدة هسبريس الإلكترونية نبأ إعفاء الكاتب العام للوزارة، الذي عُين في 13 أبريل 2023، وهي السنة التي شهد الحراك التعليمي خلالها توقيع اتفاقي 10 و23 دجنبر، وإقرار النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية. وشدد المصدر ذاته على أن الإعفاء يتعلق بمسألة تدبيرية، "بعيد عن أي حسابات سياسية". "بلا تأثير" واستبعد مصدر مطلع من داخل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة "إمكانية تأثير إعفاء الكاتب العام يونس السحيمي على وتيرة الحوار مع النقابات لتنزيل النظام الأساسي"، موضحا أن "الاتفاق مع الطرف الآخر، يهم الوزارة، وليس شخصا". وأضاف المصدر، ضمن إفادات لهسبريس، أن "الكاتب العام المعفى لم يعد، أساسا في الأسابيع الأخيرة، وحده من يناقش النقابات، بل كان إلى جانبه كل من مدير الموارد البشرية، ومدير الشؤون القانونية"، مفيدا بأن "الوزير كان دائم التتبع لمخرجات الاجتماعات؛ بحيث يتم إعلامه بها من قبل المسؤولين المذكورين". وشدد مصدر هسبريس على أن "سيرورة التنزيل من جانب الوزارة موجودة، غير أن النقابات كما هو معلوم اتخذت قرارا بتعليق المشاركة في أشغال اللجنة التقنية، ما يجعل التساؤل المطروح هو: هل سترجع إلى جلسات الحوار أم لا؟". وأوضح المتحدث ذاته أن "المسؤولين الممثلين للوزارة حاليا داخل لجنة التتبع، متمكنون وْضابْطينْ أمورهم"، مردفا: "نحن في نهاية المطاف نتحدث عن حوار اجتماعي أفضى إلى مخرجات موثقة يجري تطبيقها، مع وجود التزام للجميع داخل الوزارة بتطبيق هذا القانون (النظام الأساسي)"، موجها التساؤل حول "مدى تأثير مقاطعة النقابات لأشغال اللجنة التقنية". مسألة إرادة الصادق الرغيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، قال: "من غير الواضح ما سيكون عليه مآل الحوار لتنزيل النظام الأساسي بعد المستجدات التي عرفها القطاع، على أن نجاحه من عدمه يرتبط بإرادة الوزارة والحكومة وليس بالأشخاص". وأوضح الرغيوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن "جميع المتتبعين للشأن التربوي تفاجؤوا بإعفاء الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية، في وقت كنا نعتبر أن وجوده ضروري لتنزيل مجموعة من مقتضيات النظام الأساسي؛ فالرجل كان يشتغل بكل جدية ودينامية، وهذا من باب الإنصاف"، مشددا على أن "إعفاء السحيمي جاء بينما كانت ثمة حاجة لتزيل عدة مضامين أخرى من الوثيقة المذكورة". وأكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم أن "الأيام القليلة المقبلة من شأنها الكشف عن مدى توفر الإرادة لدى الجهات الحكومية المعنية في تنزيل ما تبقى من مقتضيات النظام الأساسي والاستجابة للمطالب المستجدة لنساء ورجال التعليم"، قائلا: "أساسا، هناك حاجة لإرادة سياسية حقيقية قوية لإصلاح المنظومة التعليمية". مخاوف من تعثر الحوار ويرى عبد الله اغميمط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، أن "إعفاء 16 مديرا إقليميا وكذا الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية، يُترجم وجود صراع داخل الوزارة بين الأطراف، كل منهم له مصلحة مختلفة بعيدة عن مصالح المرفق ونساء ورجال التعليم"، مضيفا أنه "عطّل تنزيل الاتفاقات المبرمة مع النقابات". واستحضر اغميمط، ضمن تصريح لهسبريس، "التغيير الذي طرأ في تدبير منهجية الحوار عقب اجتماع 9 يناير؛ بحيث بات يتم مع ثلاثة مسؤولين من الوزارة، ما دل حينها على أن الأمور تسير نحو التعثر والبلوكاج"، مشيرا إلى أنه "منذ ذلك الحين، صار الكاتب العام المعفى موجودا على الهامش". وذكّر الفاعل النقابي نفسه بأنه "مبدئيا، هناك تعثر للحوار مع الوزارة، بعد مقاطعة أشغال اللجان التقنية"، مشددا على أن "ما يهم النقابات في نهاية المطاف هو التزام القطاع الحكومي وكافة الوزارات المعنية بتنزيل ما تم الاتفاق عليه". وقال اغميمط: "إلى حدود اللحظة، تلمس النقابات غيابا للالتزام الكافي من لدن الوزارة؛ إذ إن تطمينات الوزير برادة خلال جلسة 18 فبراير بقيت مجرد كلام قاعات"، مردفا أن "التنسيق الخماسي يحمّل الوزارة المسؤولية، وينتظر ما إذا كانت سوف تنتصر لمصلحة التلاميذ فتغير من منهجيتها، أم إنها سوف تستمر في الممارسات ذاتها، علما بأن التنسيق مستعد للرد بمعارك وحدوية".