في الوقت الذي كانت فيه مدينة بني انصار (12 كيلومترا من النّاظور) تحتفل بمرور مائة سنة على انتصار المقاومة الريفية في معركة "إِغْزَارْ نْ أُوشْنْ" (وادي الذئب) التي كانت أولى شرارات وقوف المغاربة في وجه الأطماع الاستعمارية في القرن الماضي، أقدم عدد من الإسبان، يوم الأربعاء الماضي، في مليلية على استهداف جدران المسجد المركزي بالمدينة المحتلّة، حيث تمّ على التعبير عن الكراهية تجاه المغاربة بتبنّي ألفاظ غير أخلاقية وحركات مشينة، قبل أنّ يَتمّ خطّ عبارات عنصرية من بينها "فْوِيرَا مُورُوسْ دِي مِيلِييَّا" (أخرجوا المغاربة من مليلية)، إضافة إلى عبارات مذكّرة بفظائع الجنرال فرانكو في حقّ الريفيين ورموز عنصرية أخرى، وهو تقريبا نفس الحادث الذي وقع بمسجد آخر، ويتعلّق الأمر بمسجد الحيّ، أو كما يطلق عليه بالإسبانية "لاّ مِسْكِيتَا مَانْطِيليتِي"، حيث كتبت على جدرانه عبارة "لِنِييَّا آلْ مُورُوس" (الجحيم للمغاربة)، وهما الحدثان البارزان اللذان فتح في شأنهما تحقيق عاجل من لدن الشرطة المحلّية بالثغر المحتل، والذي من المرتقب أن تلتحق به عدّة فرق أمنية أخرى. كما شهد النّادي العسكري الإسباني بالثغر المحتلّ عقد منتدى حوَاري من لدن مجموعة من الضبّاط الذين اختاروا التداول حول معركة "وَادي الذئب" ودواعي تخليد مائويتها من لدن المغاربة على بعد أمتار قلائل من مليلية، وهو الحوار الذي عرف شنآنا كبيرا بفعل وجود تيار يعتبر الأمر شأنا داخليا للمغرب، باعتباره بلدا ذا سيادة، في حين يعارض ذلك تيار متعصّب عنصري. وقد أعلنت جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان، في مواكبة منها لهذه الأحداث، عن عزمها فضح أي ممارسة عنصرية تنال من المغاربة القاطنين بالثغر المحتل. حيث جاء على لسان رئيسها، سعيد شرامطي، أنّه لا يمكن السكوت عن أي استهداف عنصريّ يطال أيّ مغربي أينما كان، مطالبا سلطات المدينة المحتلّة بالضرب بيد من حديد على كل محاولة من شأنها تعكير صفو استقرار المغاربة بوصفهم سكّانا أصليين بمليلية. وكانت منطقة قد عرفت يوم الخميس الماضي انتهاء الاحتفالات بالذكرى المائوية لمعركة " وادي الذئب"، حيث إن الموعد الذي استمرّت فعالياته ليومين عرف اعتماد مقاربات علمية لتخليد ذكرى هذه المعركة التي عرفها فجر المقاومة، غير بعيد عن ثغر مليلية المحتلّ، والذي أسفر عن خسائر هامّة للعسكر الكولونيالي الإسبانيّ بفقدانه لأزيد من سبعمائة فرد من مختلف الرتب العسكرية، إضافة إلى قطع عديدة من العتاد. إحياء الذكرى المائوية لمعركة "إِغْزَارْ نْ أُوشْنْ" جاء بناء على فكرة للمجلس البلدي لبني انصار، وبتنظيم كلّ من المندوبية السّامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والكلّية متعدّدة الاختصاصات بجامعة محمّد الأوّل، وشراكة مع مجلس بلدية بني انصار والمندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة بالنّاظور، واحتضن عددا كبيرا من الندوات التّاريخية العلمية بهدف التوثيق لهذا التاريخ المنسي من ملاحم الدفاع عن حوزة الوطن ضدّ التوغّلات الأجنبية عموما والإسبانية على وجه الخصوص.