أقدم وفد رفيع المُستوى من المتحكمين في مناحي القرارات السياسية والعسكرية للتواجد الإسباني بثغر مليلية المُحتل، يوم أمس الأحد، على تنظيم زيارة رمزية لمثوى الجنود القتلى ضمن معركة "إيغزار ن أوشن |وادي الذئب" التي دارت رحاها ببني انصار، إذ توجّهت العديد من الفعاليات المدنية والعسكرية، مُتصدَّرة بكل من مندوب الحكومة المركزية كريكوريو إيسكوبار، ورئيس الحكومة المحلية خوان خوسي إمبرودا، وسيزار ماورو قائد الحامية العسكرية لسلطات الاستعمار الإسباني بمليلية لمثوى العسكريين المذكورين من أجل استذكارهم ب "دقيقة صمت" أُعقبت بإلقاء كلمات رمزية اعتبرتهم "قتلى مُساندة المليليين" وكذا "ضحايا الهمجية المغربية التي نالت منهم عن طريق التقتيل بالتعذيب"، وذلك في إجراء أتى بعد مرور مائة سنة على مقتلهم سنة 1909 خارج النفوذ الترابي للثغر المغربي المحتلّ. وجاء هذا الإجراء "الرسمي" الإسباني بعد أقل من اثنين وسبعين ساعة على تصريح المُستشار البرلماني يحيى يحيى ورئيس بلدية بني انصار الكبرى المُحيطة بمليلية، بمعية أطر علمية وثقافية وتمثيلية لأسرة المُقاومة وأعضاء جيش التحرير، بأنّ يومي 11 و12 من شهر دجنبر المُقبل ستكون لتخليد ذكرى ملحمة وطنية كبرى تمّت عن طريق مُقاومة المجاهد الشريف محمّد أمزيان للأطماع الكولونيالية الإسبانية بالريف، وذلك بتبني أساليب علمية وثقافية في استحضار الذكرى وتوثيق المداخلات والبحوث التي ستعرف المناسبة تقديمها. وفي معرض الردّ على هذا الحدث المُستجدّ من لدن التواجد الرسمي الاستعماري بمليلية، اعتبر يحيى يحيى هذه المُمارسة شأنا داخليا لقوى الاستعمار التي تحيي مناسباتها من خلال منظورها الرسمي للأحداث، معتبرا أنّ نفس السياق هو الذي سيُتبنّى ببني انصار بداية الثلث الثاني من دجنبر المقبل، حيث سيستحضر المغاربة المُناسبة من وجهة رأيهم الوطنية، مُستغربا في الآن نفسه حديث الرسميين المليليين عن "تعذيب الجنود الإسبان" بفلسفة "أبو غريب" و"غوانتانامو" رغم أنّ الأمر يتعلّق بأحداث دائرة بداية القرن العشرين، وهي الحقبة التي عرف فيها الإسبان، أكثر من غيرهم، استماتة الريفيين في الدفاع عن وطنهم بتبنّي ثقافة التسامح ونُبل المُعاملة التي يشهد عليها التاريخ في باب تعامل المقاومة الريفية مع الأسرى، مُعتبرا أنّه من حقّ الباحثين والمؤرّخين المغاربة للمقاومة الريفية أن يجيبوا عن هذا الادّعاء الإسياني المُجانب للصواب جملة وتفصيلا. وقد اعتبر عدد من الفاعلين الإسبان أنّ إقدام المغاربة، في شخص المستشار يحيى يحيى، على اقتراح إحياء مائوية معركة "إغزار ن أوشن" احتفاء بمنجزات المقاومة الريفية التي نالت من ثمانمائة عسكري كولونيالي إسباني خلال هذا الموعد، تأتي تتويجا لمخاوف إسبانيا، من خلال تمثيليتها الديبلوماسية بالمغرب، وتواجدها الإستعماري بثغر مليلية، من ترأس يحيى لبلدية بني انصار قبل عشر أشهر من الآن. في حين لا يرى البعض في الموعد سوى احتفالا عاديا بمنجز تاريخي يضاهي احتفال المغاربة بذكرى معركة أنوال أو حتّى احتفال المليليين بذكرى احتلال الثغر في موعد مرتبط بمعارك دامية نالت من عدد كبير من المغاربة.