وصفت افتتاحية الزميلة «التجديد» لسان حال حزب «العدالة والتنمية»، المحتجين على الحكومة بالمتواطئين. النقابات والأحزاب السياسية والفئات المتضررة والجرائد، بل وحتى وكالة المغرب العربي للأنباء، كل هؤلاء في رأي «التجديد» متواطئون. حاجة واحدة لم تفصح عنها الجريدة المذكورة هي على من يتواطؤ هؤلاء ومع من يتواطؤون. منطق «التجديد» هذا يتماشى مع منطق رئيس الحكومة حينما خاطب صحافيين تحملا مشقة التنقل إلى مقر رئاسة الحكومة لمحاورته، قائلا «خليوني نهضر». «سكوت من فضلكم إننا نحكم» شعار جديد لإخوان بن كيران. وهو شكل جديد من فن تدبير حكومة «الإخوان» في المغرب، يعتمد على رغبة في إقصاء الجميع،ودعوتهم للصمت وقمع حريتهم في التعبير. وهو أمر خطير يخفي وراءه منطقا استبداديا لا علاقة له بالديموقراطية وحقوق الإنسان. والحالة أن طريقة تدبير حكومة بن كيران لم تقنع أحدا لحد الآن، ولم تبرهن،لحد الساعة، على أنها تمتلك القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. فلحد الساعة لم تقم الحكومة سوى بعمليات ترقيعية، والقرار العملي الوحيد الذي شعر به المغاربة هو الزيادة في أسعار المحروقات. فالحكومة،بعد ما قدمته من وعود واعدة في تصريحها أمام البرلمان،لم تقم بأي إجراء عملي من الإجراءات «الحقيقية» التي وعدت المواطنين بها. ولا يزال المغاربة ينتظرون،رغم مرور حوالي أربعة أشهر على تنصيبها،القرارات الجريئة التي قالت بأنها ستبدأ بها. من الواجب تذكير «التجديد» بأن الاحتجاجات التي انطلقت منذ أسابيع ضد الحكومة، جاءت بعدما تبين للناس أن الأمور ليست على ما يرام، وأن الحكومة بدأت في خذلان الموالين لها قبل المعارضين. ثم إن المعارضة تبوأت مكانة مهمة في وثيقة الدستور، ودورها أساسي يتمثل في دفع الحكومة للقيام بعملها بشكل فعال،واتهامها بالتواطؤ لأنها تمارس الاحتجاج هو محاولة للقفز على مقتضيات الدستور. أما المجتمع فمن الغرابة أن تطلب منه أية جهة أن لا يعبر عن رأيه، وأن لا يدافع عن مصالحه، وكل دعوة للركون إلى الصمت إنما هي استبداد في الرأي والحكم، وبوادر للقمع والإقصاء. أما المطلوب من الحكومة هو أن تواجه احتجاج الناس بالعمل، آنذاك لن تعطي الفرصة ل «المتواطئين» في الكلام . ولو أن الحكومة تقوم بعملها كما وعدت به،في الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد وحل مشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية، لكان لعملها هذا أبلغ الآثار من افتتاحية تصفهم بالمتواطئين. [Bookmark and Share]