بعد التصريحات غير المنتظرة للرئيس الجزائري تجاه المغرب، والتي حملت لأول مرة إشارات إيجابية، جاء الدور على وزيره في الخارجية، ليسير على نفس النهج، مايفتح الباب نحو إمكانية وجود تغيير لدى المسؤولين الجزائريين في ملف العلاقات المغربية الجزائرية. التغير الجديد في الخطاب الجزائري، جاء في سياق غير متوقع، إذ ظلت سلطات قصر المرادية تصم آذانها على العديد من المبادرات المغربية، والداعية لتصفية الأجواء بين البلدين الجارين، مصرة على تغليب الخطاب العدائي، قبل أن يحدث التغير الجديد. ففي خطوة مفاجأة وبلغة غير معهودة، صرح وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، بتعليقات تتسم بكثير من الود اتجاه المغرب، حيث أكد أن العلاقات الجزائرية المغربية هي "مستقبل المغرب العربي الكبير". ممثل الديبلوماسية الجزائرية، وخلال حوار أجراه مع التلفزيون الروسي الناطق بالعربية، عبر عن عمق ومتانة العلاقات المغربية الجزائرية، كما تحدث عن تفادي قيادة بلاده الصدام مع المغرب. بل أكثر من ذلك عبر بوقادوم عن متمنياته أن لا يصدر عن أي مسؤول جزائري كلام يسيء للمغرب، مؤكدا أن بلاده ليس لها أي مصلحة في أن تدخل في صراع الكلام والسب والشتم مع المغرب ، ومشددا على أن بلده لن تصل المغرب بأي سوء . ومايجعل من تصريحات وزير الخارجية الجزائري، ذات دلالات عميقة، ولا يمكن اعتبارها مجرد خطاب ديبلوماسي عابر، أنها تأتي أيام قليلة بعد تصريحات مماثلة أدلى بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مؤخرا، والتي تحدث من خلالها عن ماأسماه عمق العلاقات المغربية الجزائرية . خرجة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، كانت خلال حوار أجرته معه قناة "فرانس24"، وخلاله صرح أنه ليس لدى الجزائر "أي مشكل مع إخوتنا المغاربة، ويبدو أنهم هم من لديهم مشكلة معنا". وواصل تبون تعليقه الذي يفتح بعض الأمل عن تغير محتمل في تعاطي النظام الجزائري مع ملف العلاقات مع المغرب، حيث قال "إذا كانت هناك مبادرة من الإخوة المغاربة لتجاوز التوتر، سنرحب بها بالتأكيد، وأظن أنهم يمكنهم إطلاق هذه المبادرة لإنهاء هذه المشاكل". وعن مستقبل العلاقات بين البلدين قال تبون: "لحد الآن التوتر ما زال لفظيا، ونرى أن الأشقاء المغاربة مروا إلى مرحلة أخرى، ونتمنى أن تتوقف الأمور عند هذا الحد (..) صوت العقل كان دائما الأعلى في علاقات البلدين". تغير الخطاب الجزائري يحمل الكثير من الأمل في تطبيع العلاقة بين البلدين الجارين، في ظل استمرار السؤال المشروع حول مدى وجود رغبة حقيقة في طي صفحة الماضي بين البلدين، والدخول في تطبيع حقيقي ينهي سوات الخلاف والعداء، والاستجابة لصوت العقل، والذي سبق أن ضمنه جلالة الملك في رسالة التهنئة التي سبق أن بعث بها للرئيس تبون، إثر تعيينه في دجنبر 2019، حين دعاه فيها إلى "فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء".