رغم المبادرات العديدة التي أطلقها المغرب، وتأكيده الدائم استعداده لتطبيع سليم للعلاقات مع الجارة الجزائر، إلا أن قاطني قصر المرادية ظلوا على الدوام متبنين نفس النهج العدائي ضد المغرب. وبالرغم من تغير رأس النظام الجزائري، برحيل بوتفليقة وتعيين تبون، إلا أن قضية تطبيع العلاقات بين البلدين، ظلت القاسم المشترك بين العهدين، مايؤكد أن هذا العداء هو عقيدة مستحكمة لدى النظام الجزائري. آخر مايؤكد هذه العقيدة، هو الخرجة الجديدة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي صرح في حوار مع قناة "فرانس24" أنه ليس لدى الجزائر "أي مشكل مع إخوتنا المغاربة، ويبدو أنهم هم من لديهم مشكلة معنا"! هذا التصريح للرئيس تبون، يأتي ليناقض ماسبق أن صرح به تبون مباشرة بعد تعيينه، حين قال أنه لافتح للحدود مع المغرب، إلا بعد أن تعتذر الرباط للجزائر! لكن الرئيس تبون الذي ظل يتجاهل كل المبادرات المغربية، والتي آخرها ماسبق أن ضمنه جلالة الملك إحدى خطبه، والتي أعلن فيها مد المغرب يده للجزائر من أجل طي صفحة الخلاف بين البلدين، قال بالمقابل، في حواره أمس السبت "إن بلاده منفتحة على أي مبادرة لتجاوز الأزمة مع الجارة المغرب". وواصل تبون تعليقه الذي يفتح بعض الأمل عن تغير محتمل في تعاطي النظام الجزائري مع ملف العلاقات مع المغرب، حيث قال "إذا كانت هناك مبادرة من الإخوة المغاربة لتجاوز التوتر، سنرحب بها بالتأكيد، وأظن أنهم يمكنهم إطلاق هذه المبادرة لإنهاء هذه المشاكل". وعن مستقبل العلاقات بين البلدين قال تبون: "لحد الآن التوتر ما زال لفظيا، ونرى أن الأشقاء المغاربة مروا إلى مرحلة أخرى، ونتمنى أن تتوقف الأمور عند هذا الحد (..) صوت العقل كان دائما الأعلى في علاقات البلدين". كما علق الرئيس الجزائري، حين سواله عن معلومات متداولة بشأن قرار بلاده بإنشاء قاعدتين عسكريتين على الحدود مع المغرب ردا على مشروع مماثل من الرباط، بقوله: "لا أؤكد ولا أنفي ذلك". وأمام هذه التصريحات التي تظهر بعض التغير في تصريحات تبون، يظل السؤال مشروعا حول مدى وجود رغبة حقيقة في طي صفحة الماضي بين البلدين، والدخول في تطبيع حقيقي ينهي سوات الخلاف والعداء، والاستجابة لصوت العقل، والذي سبق أن ضمنه جلالة الملك في رسالة التهنئة التي سبق أن بعث بها للرئيس تبون، إثر تعيينه في دجنبر 2019، حين دعاه فيها إلى "فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء".