بعد مرور سنة على الحراك السلمي، مازال يزال الشعب الجزائري غريبا في وطنه، و رافضا لقيادته السياسية التي تضع ملف الصحراء المغربية فوق قضايا الجزائر الوطنية. فبعد أن صرّح الرئيس عبد المجيد تبّون عقب تسلّمه السلطة أنه سيعمل على تجديد الثقة بين الشعب و السلطة السياسية، لم يهدأ الشارع الجزائري الذي رفع بدوره سقف المطالب الاجتماعية، بغية تحسين الأوضاع الداخلية للدولة. و لا يخفى أن الشعب الجزائري أبان خلال الحراك عن وعي و مسؤولية وازنة للحفاظ عن سلمية الحراك، و دعوة الجيش للخروج من الدائرة السياسية، و الانضمام إلى صوت الشعب عبر شعارات نادت ب”الجيش و الشعب خاوة خاوة”، و للقيادة السياسية وجّه الشعب نداء “يتنحّاو قاع”، لكنّها ما تزال ماضية على خطى العهد القديم. لقد بات من الواضح أن الجزائر تلعب سياسة ماكرة تجاه المغرب، و “تصبّ الزيت على النار” كما أشار وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم خلال الندوة الصحفية التي عقدها مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط،، التي حسب سياق تصريحه تعتبر زلة لسان، حيث كان يقصد العكس، لكن في علم النفس السياسي حسب غوستاف لوبون Gustave le Bon قد يكون اعتراف اللاوعي هو الكاشف عن النوايا الحقيقية. فالتحرّكات التي قام بها مؤخرا الرئيس الجزائري تبون بخصوص ملف الأزمة الليبية، من خلال السعي نحو الاستفراد بالمنطقة المغاربية و احتضان المشاورات حول الوضع في ليبيا، تستهدف عزل المغرب دبلوماسيا كرد فعل على افتتاح عدد من الدول الإفريقية قنصلياتها في المناطق الجنوبية للمغرب. و بهذا، تكون السياسية الخارجية الجزائرية ترى سرابا و تدور في حلقة مفرغة حيث أنها تؤكّد وجودها كطرف رئيسي في النزاع المفتعل حول منطقة الصحراء. و للتوضيح، لا بدّ من الإشارة إلى أن تصريح وزير الشؤون الخارجية و التعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، “أن وثائق رسمية موجودة للأسف لدولة جارة تدعو من خلالها الدول إلى عدم المشاركة في كرانس مونتانا” يأتي بعد تتبّع دقيق بمهنية عالية من طرف المغرب، تم من خلاله رصد المؤامرة الجزائرية لإبعاد المغرب عن الخط الدبلوماسي الإفريقي، و تعتيم إشعاع سياسته الخارجية في الساحة الدولية. و بعيدا عن هذا، فإن تباعد العلاقات الجزائرية المغربية لا يخدم أمن المنطقة، حيث أن إصرار الجزائر على مضاعفة حدّة التوتر مع المغرب و إقصاء خبرته الأمنية في التعاون الثنائي، قد يضع المنطقة في حالة استنفار دائم، كما أن الجهاز الأمني الجزائري قد يجد ثغرات في تجميع المعطيات و المعلومات، خاصّة في مجال مكافحة الإرهاب. و من المهم التذكير أن المغرب بسط يده لفتح حوار ثنائي مع الجزائر، و أعلن عن رغبته في فتح الحدود البرية، لكن ظلت القيادة الجزائرية في حالة ارتياب و انعدام الثقة، و ترجم ذلك في محاولاتها المستمرّة لاستهداف المغرب و خلق احتباس دبلوماسي بين بلدين شعباهما “خاوة خاوة”. * باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة