بالموازاة مع اعتقال خالد وايا المدير العام للوكالة الحضرية لمراكش، وقرار النيابة العامة بإحالة ملف القضية على قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف، يأتي قرار النيابة العامة بالمحكمة ذاتها بإحالة ملف عبد الفتاح البجيوي والي جهة مراكش- آسفي المعزول على محمد عبد النبوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض للاختصاص. وتبرز في هذا السياق الشكاية التي تقدم بها نشطاء الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب للنيابة العامة، يلتمسون من خلالها فتح باب البحث والتحري في ظروف وملابسات «تفويت عقارات في ملك الدولة لفائدة منتخبين ومضاربين بأثمان زهيدة، خلال الفترة الممتدة ما بين 2016 و2018». مع توجه بشكل مباشر أصابع الاتهام ل«منتخبين ورجال سلطة ومسؤولين بمصالح خارجية بمراكش، توافقوا على تفويت مجموعة من العقارات المملوكة للدولة، ظاهرها تشجيع الاستثمار، وباطنها المضاربة وتبديد أموال عامة. من نماذج المضاربات المثيرة إقدام المجلس الجماعي لمراكش، خلال الفترة الانتدابية (2009-2015) على المصادقة على مقرر يقضي باقتناء ثلاث بقع أرضية بمنطقة العزوزية في ملك الدولة، من أجل تشييد محطة طرقية للمسافرين على الأولى، وإنشاء محطة لوقوف سيارات الأجرة بالثانية، وتوسيع السوق البلدي على حساب البقعة الثالثة. وقد باشر المجلس الجماعي المذكور المساطر الخاصة بعملية الاقتناء، حيث شرع فعلا في بناء المحطة الطرقية، قبل أن تنتهي المدة الانتدابية للمجلس، ويتم انتخاب مجلس جماعي جديد بمكتب مسير جديد منتصف سنة 2015، لتتوقف مسطرة اقتناء البقعتين السالف ذكرهما، في ظروف غامضة، وتدخل شركتين خاصتين على الخط لتعملا على اقتناء البقعتين، وإنجاز فندق ومحطة لتوزيع المحروقات فوقهما، في تجاوز صارخ للأهداف المعلن عنها في اقتناء البقعتين ذواتا الرسمين العقارين 7372م، و12387م. من الوقائع الصادمة التي تضمنتها الشكاية كذلك، إقدام مصالح وزارة التربية الوطنية بمراكش، على تحرير طلب لاقتناء البقعة الأرضية ذات الصك العقاري رقم 15145/م، الموجودة بالحي الجديد (دوار الجديد) بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، ذات المساحة المقدرة بحوالي عشرة آلاف متر مربع، من أجل تشييد مؤسسة تربوية عمومية، حيث شرعت فعلا في إجراء مساطر الاقتناء وتوفير الغلاف المالي للمشروع، قبل أن يتم تفويت هذه البقعة لفائدة إحدى الشركات، وذلك من أجل تشييد محطة لتوزيع المحروقات ومطعم ومقهى، علما أن لجنة الاستثناءات برئاسة عبد الفتاح لبجيوي والي جهة مراكش المعزول، هي التي أشرت وصادقت على هذا المشروع بدل المؤسسة التربوية المذكورة. حبل المضاربات امتد لبعض الجماعات القروية، كما هو الشأن مثلا بجماعة «اغواطيم» بإقليم الحوز، حيث كشف النشطاء الحقوقيين المعنيون عن واقعة تفويت العقار المملوك للدولة ذي الرسم العقاري 1184/م، لفائدة إحدى الشركات التي كان وراءها أحد المنتخبين بالمجلس الجماعي لمراكش، وهي الشركة نفسها التي استفادت من إحدى البقعتين الأرضيتين بمنطقة العزوزية، حسب ما تمت الإشارة إليه سابقا. تماما كما هو الشأن بالنفوذ الترابي لجماعة آيت أورير بالإقليم ذاته، حيث أقدمت إحدى الشركات المسنودة من قبل أحد كبار المنتخبين بالمجلس الجماعي لمراكش، على تحويل بقعة أرضية مساحتها حوالي ثمانية هكتارات إلى تجزئة سكنية، بعد مصادقة لجنة الاستثناءات برئاسة الوالي المعزول على الرغم من أن البقعة تقع في منطقة منزوعة البناء عبارة عن منطقة خضراء، بحسب تصميم التهيئة. وبالمنطقة نفسها تمكنت شركة ثانية، مسنودة بدورها من طرف رئيس المجلس البلدي لآيت أورير، من تحويل بقعة تمتد على مساحة تقدر بحوالي ثلاثة هكتارات إلى تجزئة سكنية، بعدما صادقت لجنة الاستثناءات على المشروع، بالرغم من أنها ملك خاص للدولة وموضوعة رهن إشارة المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي لجهة مراكشآسفي لإقامة مشروع لتربية الماعز، وكذلك إقامة تجزئة سكنية لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الفلاحة وجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي المجلس الجماعي لآيت أورير، إضافة إلى تشييد مقر للوقاية المدنية. وبمقاطعة المنارة بمدينة مراكش، وتحديدا بمنطقة تاركة، تم تفويت العقار المملوك للدولة ذي الرسم العقاري 5938/م، لفائدة أحد منتخبي المجلس الجماعي لمراكش، بثمن زهيد لا يتعدى 620 درهما للمتر المربع الواحد، وذلك من أجل تشييد تجزئة سكنية، وهو المشروع الذي تمت المصادقة عليه من طرف لجنة الاستثناءات. وقد عملت إدارة الأملاك المخزنية على طرد مجموعة من الأسر والعائلات التي كانت تستغل العقار وتؤدي واجبات الكراء لفائدة الإدارة المذكورة، وعند اعتراض هذه الأسر على عملية الطرد التي لم تراع أوضاعهم الاجتماعية، تم الزج ببعضهم في السجون.