مازالت قضية الالتفاف على أراض للدولة بمراكش و تفويتها لبعض الخواص من ذوي النفوذ في ظروف غامضة، و بأساليب وصفت ب»الملتوية»، تثير المزيد من ردود الفعل و خاصة لدى المجتمع المدني، و في هذا السياق تقدمت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بشكاية لدى الوكيل العام باستئنافية مراكش بداية الأسبوع الماضي، تلتمس فيها فتح تحقيق قضائي في هذا الملف. و أكدت الشكاية « أنه من خلال المعلومات والمعطيات التي حصلت عليها الجمعية ، اتضح أن منتخبين ورجال سلطة ومسؤولين بمصالح خارجية بمراكش، توافقوا على تفويت مجموعة من العقارات المملوكة للدولة، ظاهرها تشجيع الاستثمار، وباطنها المضاربة وتبديد أموال عامة». و أوضحت « أن مجموعة من العقارات التي تم تفويتها لبعض الشركات، في إطار تشجيع الاستثمار سرعان ما كانت موضوع مضاربة، إذ بمجرد مصادقة لجنة الاستثناءات على بعض هذه المشاريع، بادر المستفيدون إلى بيعها لأشخاص آخرين، ما يكشف أن مضاربين، بمعية مسؤولين من مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية والمنتخبة ، ساهموا جميعا في تبديد أموال عمومية. كما أن عقارات مملوكة للدولة كان مقررا أن تحتضن مشاريع ومرافق عمومية سرعان ما تم تفويتها لبعض الشركات، بدل إنجاز المشاريع العمومية المقررة». الشكاية التي طلبت من الوكيل العام إصدار تعليماته للضابطة القضائية بإنجاز تحرياتها في ظروف وملابسات تفويت عقارات في ملك الدولة لفائدة منتخبين ومضاربين بأثمان زهيدة، خلال الفترة الممتدة ما بين 2016 و2018 بمدينة مراكش ونواحيها، ركزت على مجموعة من الوقائع المرتبطة بهذا الملف و التي تشير مباشرة إلى ضلوع نافذين في السطو على هذه الأراضي مستغلين شعار» تشجيع الاستثمار». و من التفاصيل التي كشفتها الشكاية ، أن « المجلس الجماعي لمراكش، سبق له خلال الفترة الانتدابية (2009-2015) أن صادق على مقرر يقضي باقتناء ثلاث بقع أرضية بمنطقة العزوزية في ملك الدولة، من أجل تشييد محطة طرقية للمسافرين على الأولى، وإنشاء محطة لوقوف سيارات الأجرة بالثانية، وتوسيع السوق البلدي على حساب البقعة الثالثة. وقد باشر المجلس الجماعي المساطر الخاصة بعملية الاقتناء، حيث شرع فعلا في بناء المحطة الطرقية، قبل أن تنتهي المدة الانتدابية للمجلس، ويتم انتخاب مجلس جماعي جديد بمكتب مسير جديد منتصف سنة 2015، لتتوقف مسطرة اقتناء البقعتين السالف ذكرهما، في ظروف غامضة، وتدخل شركتان خاصتان على الخط وتعملان على اقتناء البقعتين ، اللتين أصبحتا تحتضنان فندقا ومحطة لتوزيع المحروقات، وهما البقعتان موضوع الرسمين العقارين7372م، و 12387م». و قالت الشكاية إنه من خلال المعاينة التي أجراها أعضاء من الجمعية ،» بعد انتقالهم إلى الورشين المذكورين، تبين أنهما لا يشهران اليافطات التي تكشف عن طبيعة المشروع وصاحبه ومكتب الدراسات واسم المهندس المشرف على الورشين ورخصة البناء حسب قانون التعمي»ر. الشكاية تطرقت أيضا الى «قضية الالتفاف على عقار من أملاك الدولة كان مخصصا لبناء مرافق عمومية بمنطقة سيدي يوسف بن علي، حيث كشفت المعلومات والمعطيات التي حصلت عليها الجمعية ، أن مصالح وزارة التربية الوطنية بمراكش، سبق وأن تقدمت بطلب لاقتناء البقعة الأرضية ذات الصك العقاري رقم 15145/م، المتواجدة بالحي الجديد (دوار الجديد) بمقاطعة سيدي يوسف بن علي، ذات المساحة المقدرة بحوالي عشرة آلاف متر مربع، من أجل تشييد مؤسسة تربوية عمومية، و شرعت فعلا في إجراء مساطر الاقتناء وتوفير الغلاف المالي للمشروع، قبل أن يتم تفويت هذه البقعة لفائدة إحدى الشركات الخاصة، وذلك من أجل تشييد محطة لتوزيع المحروقات ومطعم ومقهى، علما بأن لجنة الاستثناءات برئاسة ، الوالي السابق لمراكشآسفي، هي التي أشرت وصادقت على هذا المشروع بدل المؤسسة التربوية المذكورة». و من الوقائع المثار في الشكاية نجد أيضا قضية البناية الأثرية « دار زنيبر» بطريق « طوالة بوعشرين» بمقاطعة مراكشالمدينة، حيث تشير إلى أنه سبق وان تمت برمجة هذه البناية في إطار المشروع الملكي "مراكش: الحاضرة المتجددة"، وذلك من أجل إعادة تأهيله وإصلاحه وتحويله إلى فضاء يحتضن أنشطة ثقافية وفنية لفائدة ساكنة المدينة، وقد تم إنجاز تصميم لمجموع هذه المنطقة يشمل إعادة إصلاح دار زنيبر، غير انه في ظروف غامضة توقف هذا المشروع، ليتم تفويت الرياض التاريخي لفائدة شركة خاصة من أجل إقامة مطعم». و المثير في الأمر، حسب شكاية المنظمة الحقوقية ، «أن رياض زنيبر المملوك للدولة، سبق وأن وضعته إدارة الأملاك المخزنية سنة 1967 رهن إشارة وزارة الثقافة لإنشاء مدرسة للصناعات التقليدية، ولم يسبق لوزارة الثقافة أن تنازلت عن هذا الحق، ومع ذلك تم تفويت الرياض لفائدة شركة خاصة، عملت على هدم أجزاء كبرى منه وإعادة بنائه، ومازالت عملية البناء متواصلة حتى الآن، بالرغم من أن الورش لا يحمل بدوره أية يافطة تشير إلى صاحب المشروع وطبيعته، والمهندس المشرف على الأشغال أو رخصة البناء، ومع ذلك لم تتدخل أية جهة لإيقاف ورش البناء المخالف لقانون التعمير». و بالجماعة القروية "أغواطيم" بإقليم الحوز، ذكرت الشكايةلا « أن العقار المملوك للدولة ذي الرسم العقاري 1184/م، قد فوت لفائدة احدى الشركات التي كان وراءها أحد المنتخبين بالمجلس الجماعي لمراكش، وهي نفس الشركة التي استفادت من إحدى البقعتين الأرضيتين بمنطقة العزوزية بمراكش، حسب ما تمت الإشارة إليه سابقا.بل تمكنت إحدى الشركات المسنودة من قبل أحد كبار المنتخبين بالمجلس الجماعي لمراكش، من تحويل بقعة أرضية مساحتها حوالي ثمانية هكتارات توجد بتراب الجماعة الحضرية لأيت أورير بإقليم لحوز،إلى تجزئة سكنية، بعد مصادقة لجنة الاستثناءات برئاسة الوالي السابق لجهة مراكشآسفي، بالرغم من أن البقعة تقع في منطقة منزوعة البناء عبارة عن منطقة خضراء بحسب تصميم التهيئة». وبذات المنطقة تمكنت شركة ثانية، حسب الشكاية ، من تحويل بقعة تمتد على مساحة تقدر بحوالي ثلاثة هكتارات إلى تجزئة سكنية، بعدما صادقت لجنة الاستثناءات على المشروع، بالرغم من أنها ملك خاص للدولة وموضوعة رهن اشارة المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي لجهة مراكشآسفي لإقامة مشروع لتربية الماعز وكذلك اقامة تجزئة سكنية لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الفلاحة و جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي المجلس البلدي لآيت اورير، إضافة إلى تشييد مقر للوقاية المدنية». و بمقاطعة المنارة بمدينة مراكش، وتحديدا بمنطقة تاركة، أشارت الشكاية إلى «أن العقار المملوك للدولة ذي الرسم العقاري 5938/م، قد فوت لفائدة أحد منتخبي المجلس الجماعي لمراكش، بثمن زهيد لا يتعدى 620 درهما للمتر المربع الواحد، وذلك من أجل تشييد تجزئة سكنية، وهو المشروع الذي تمت المصادقة عليه من طرف لجنة الاستثناءات. وقد عملت إدارة الأملاك المخزنية على طرد مجموعة من الأسر والعائلات التي كانت تستغل العقار وتؤدي واجبات الكراء لفائدة الإدارة المذكورة، وعند اعتراض هذه الأسر على عملية الطرد التي لم تراع أوضاعهم الاجتماعية، زج ببعضهم في السجون». و بعد إشارتها إلى الرمزية الروحية والاحسانية التي كان ومازال يتمتع بها العقار الوقفي المسمى « جنان سيدي بلعباس» المتواجد مباشرة خلف المحطة الطرقية بباب دكالة، وعلى امتداد شارع 11 يناير، كشفت الشكاية أنه تم كراء جزء منه لفائدة شركة مسنودة من طرف أحد كبار المنتخبين بمراكش، «من أجل إقامة مطاعم ومقاه وفضاء للألعاب دونما احترام للقيمة الروحية والتاريخية لهذا العقار، الذي سبق للمجلس الجماعي السابق أن قرر بتنسيق مع مصالح الأوقاف أن يتحول إلى فضاء أخضر بعد تهيئته وتحويله إلى منتزه لفائدة سكان المدينة العتيقة، والذين لا يتوفرون على أي متنفس حقيقي، قبل أن تمتد أيادي الأطماع والجشع المسنودة من قبل منتخبين إلى هذا الفضاء، وتتمكن من اقتطاع جزء كبير منه من أجل إنشاء مقاه ومطاعم». و أكدت شكاية الجمعية أن الحالات المشار إليها آنفا، لا تعدو أن تكون» سوى سطو واستيلاء على أملاك الدولة باسم الاستثمار، واستغلالا لبعض الأطراف لمناصب المسؤولية في المؤسسات المنتخبة من أجل الحصول على منافع، عبر المضاربة في أملاك الدولة»، طالبة من الوكيل العام باستئنافية مراكش،» فتح تحقيق في شأن جميع أملاك الدولة التي تم تفويتها لفائدة منتخبين ومضاربين، خاصة على مستوى لجنة الاستثناءات التي ترأسها والي جهة مراكشآسفي خلال الفترة الممتدة ما بين 2016 ودجنبر 2017 «.