تواصل قيادات حزب الأصالة والمعاصرة تصفية حساباتها مع بعضها البعض بحدة وشراسة غير مسبوقة. وبينما كانت بعض هذه القيادات تعقد ندوة صحافية للتنديد بقرارات الأمين العام، حكيم بنشماش، في حق عدد منها، عمد الأخير في قرار جديد أصدره إلى إحالة رئيس فريق الحزب بمجلس المستشارين، عزيز بنعزوز، على لجنة التحكيم والأخلاقيات، مع تجميد وضعيته كرئيس للفريق بالهئية البرلمانية. وعلل بنشماش في بلاغ أصدره بهذا الصدد مساء الأحد 2 يونيو 2019، القرار، الذي اتخذه بحق " صديق الأمس القريب"، بأنه يستند على مقتضيات المادة 39من النظام الأساسي لحزب الأصالة والمعاصرة، وعلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 59 من النظام الداخلي، التي تجيز للأمين العام "اللجوء إلى لجنة التحكيم والأخلاقيات للاستشارة أو إجراء تحقيق أو تحري في أي موضوع أو شكاية تهم مصداقية الحزب وسمعته ومصالحه"، وهو يبرر أنه القرار، الذي اتخذه باستشارة مع ممثلي الحزب بالغرفة الثانية. في ذات الأثناء، كانت قيادات من حزب الأصالة والمعاصرة تعقد ندوة بالرباط، وجهت فيه سهام النقد الشرس إلى بنشماش وطعنت في شرعية قرارته، ودعت في ختام اللقاء إلى عقد لجنة تحضيرية ثانية بتاريخ 15 يونيو الجاري يرأسها سمير كودار بأكادير في أفق الحسم في موعد للمؤتمر الوطني الرابع للحزب. وأعلنت هذه القيادات كذلك مباشرة الطعن قضائيا في قرارات بنشماش. الندوة، التي شارك فيها كل من أحمد اخشيشن، و عبد اللطيف وهبي، وسمير أبو القاسم، ومحمد الحموتي، وغابت عنها فاطمة الزهراء المنصوري، كشفت أن الأيام القادمة ستكون عصيبة على حزب الجرار، الذي يعيش أزمة قاتلة. وجدد المتدخلون التنديد بكافة القرارات، التي اتخذها بنشماش في حق منسقي الحزب وأمنائه الجهويين وانتهاء بتجميد رئاسة بنعزوز للفريق بمجلس المستشارين واصفين إياها ب"الطائشة"، التي تعكس "الاستفراد بالقرار "، و" الاستحواذ على الحزب عبر تصفية المنتقدين والمعارضين لطريقة تدبير بنشماش لأمور الحزب". بالموازاة مع كل هذا، خرج الأمناء العامون السابقون لحزب الجرار مجددا ببيان ثان إلى الرأي العام بعد تفاقم الأزمة التنظيمية، وتعذر الخروج بموقف وموعد حاسم للمؤتمر الوطني الرابع. البيان، الذي وقعه كل من حسن بنعدي، ومحمد الشيخ بيدالله، و مصطفى باكوري، وعلي بلحاج، ومحمد بنحمو، فيما لم يوقعه إلياس العماري، جاء فيه أنه "ما فتىء الأمناء العامون السابقون لحزب الأصالة و المعاصرة، منذ أن أطلقوا نداء المسؤولية، يتابعون التطورات و الدينامية والحيوية (التي لا تخلو أحيانا من تجاوزات) و التي أضحى الحزب يعيش على وقعها". و أضاف الأمناء العامون السابقون أنه "بعد تحليلهم الدقيق لتلك التطورات، يرون أن الواجب يقتضي التدخل العلني مجددا للتوجه إلى مسؤولي الحزب و أعضائه و منتخبيه و أنصاره بنداء جديد يدعو هذه المرة إلى اليقظة و الانضباط الواعي والمسؤول ، أكثر من أي وقت مضى". وشدد الأمناء العامون السابقون في ذات بلاغهم على ضرورة أن "يتمسك [الحزب]بما هو ضروري من الحذر و الحرص على وحدته و تماسك صفوفه و التصدي بحزم لكل محاولات السطو و الاختراق التي بدأت إرهاصات بعضها تتضح". ونبه الأمناء العامون السابقون لحزب الجرار إلى أن حزبهم "كان و لا يزال مستهدفا ، لا لما هو عليه الآن ولكن لما يستطيع أن يكون، و سيستهدف بشراسة أقوى لأنه بما يعيشه اليوم من تدافع، يعطي الدليل بأنه قادر على أن يضطلع بدوره في معركة تجديد الحياة الحزبية على الأسس التي بدونها لا يصح بناء؛ و هي ربط المسؤولية بالمحاسبة و التقيد المطلق بالأخلاق و التزام خطاب الحقيقة و الشفافية في التدبير". وزاد الأمناءالعامون السابقون للبام محذرين من أن " الذهاب إلى المؤتمر الوطني المقبل لن تكون من ورائه طائلة إن لم يشكل فرصة تاريخية لتقوية العزم على رفع التحديات الحقيقية التي استحضرها الحزب إبان التأسيس و التي يختزلها شعارنا المعروف: السياسة بشكل مغاير!". وذلك بما يعني، وفق ما أوضحه البلاغ من أن :" ممارسة السياسة بشكل مغاير تعني القطع مع النفاق و الكذب الممنهج في التواصل الداخلي و التواصل مع المواطنين، ممارسة السياسة بشكل مغاير تعني خدمة الصالح العام بنزاهة و تجرد،لا استخدام المواقع لتحقيق أو حماية المنافع والمصالح الشخصية"، وأن " ممارسة السياسة بشكل مغايرتعني بناء مؤسسات حزبية حقيقية،على كل الأصعدة و الحرص الدائم ألا تسند المسؤوليات لغير أهلها ، بعيدا عن المحابات و الزبونية و العناية بالكفاءات الحقيقية و الطاقات الأصيلة". وأيضا أن "ممارسة السياسة بشكل مغاير تعني نبذ كل السلوكات المبنية على التناور الرخيص والقفز على الضوابط القانونية و التزوير و التفصيل على المقاس و غير ذلك من الأساليب المتخلفة التي لم تعد عيوبها تخفى على أحد في زمن توفر وسائل التواصل و سيولة المعلومات و يسر تقاسمها بين المواطنين العاديين". وزاد الأمناء العامون السابقون للبام أنه "بعد التذكير بهذه المبادئ التي ندعو الجميع لالتزام بها قولا و فعلا، نجدد الدعوة إلى اليقظة والالتزام، مهما كانت مؤاخذاتنا أو تحفظاتنا- بشرعية المؤسسات و بالضوابط القانونية- و نبذ كل أشكال الشخصنة والكف عن كلام الحق، الذي يراد به الباطل، كما ندعو الجميع إلى جعل المحطات القادمة، على درب الاستعداد للمؤتمر فرصة لفسح مجالات التعبير عن كل الطموحات المشروعة و احترام قواعد التنافس النزيه أمام الجميع و خاصة طاقات الشباب المغمورة و الموؤودة أحيانا بعيدا عن المركز و عن الولاءات المحظوظة. كما نهيب بالجميع للتسلح بما يمكن للطاقات العلمية و الفكرية و المهنية التي يزخر بها الحزب أن تضخه في شرايين الجسم الحزبي و ما يمكن أن نساهم بضخه مجتمعين في شرايين الحقل الحزبي الوطني، الذي تحول أو يكاد إلى بيداء قاحلة لا تهب فيها إلا رياح الشعبوية الرخيصة أو العدمية القاتلة". ودعا الأمناء العامون السابقون في ختام بيانهم ب"كل مناضلي الحزب الصادقين، بدون تمييز أو إقصاء، إلى السمو إلى مستوى هذه التحديات، حتى يتمكن حزبنا من كسب معركة التخليق و التطهير، التي بدونها لا يمكن استرجاع ثقة المواطنين في الأحزاب و في العمل السياسي مما يشكل أكبر خطر يهدد تجربتنا الوطنية المتفردة في التماس مسالك الرقي على درب الديمقراطية و الحداثة، بقيادة الملك محمد السادس. مرة أخرى يخرج الامناء العامون السابقون لحزب الأصالة و المعاصرة ببيان إلى الرأي العام بعد تفاقم الازمة التنظيمية داخل حزب الجرار، وتعذر الخروج بموقف وموعد حاسم للمؤتمر الوطني للبام".