بوابة الصحراء: حكيم بلمداحي هناك مغالطات في موضوع الصحراء المغربية، يتم الترويج لها على مستوى واسع منذ سبعينيات القرن الماضي.. هذه المغالطات للأسف مازالت تروج وتستقطب جزءا مهما من المجتمع المدني والرأي العام في العديد من البلدان الغربية.. من بين هذه الأشياء الخاطئة ما تضمنه التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، خصوصا ما يتعلق بالفقرتين 68 و73، واللتين أشارتا إلى أن «جماعات حقوق الإنسان الصحراوية تواجه صعوبات في تنفيذ أنشطتها، حيث رفضت الحكومة المغربية طلبات التسجيل الخاصة بها، وبالتالي الاعتراف القانوني بها... وأن جماعات حقوق الإنسان المحلية القليلة الموجودة في مخيمات اللاجئين استمرت في العمل بحرية، دون أي عوائق تم الإبلاغ عنها». الفقرتان المذكورتان تبينان بالملموس مدى قصور الديبلوماسية المغربية في توضيح الحقيقة للمنتظم الدولي الرسمي منه والشعبي. فمن ناحية، يعلم كل متتبع لما يجري في مخيمات تيندوف أن أي رأي خارج نسق قيادة البوليساريو، المسلوبة الإرادة أصلا، غير مقبول على الإطلاق. وقد نشرنا قبل أيام في «بوابة الصحراء» فيديو للقيادي البشير مصطفى يهدد فيه الأصوات الرافضة لديكتاتورية البوليساريو، معتبرا أن لا صوت في المخيمات يعلو على صوت الجبهة. أما ما يسمى بالجمعية الحقوقية الوحيدة التي تنشط في المخيمات فهي تابعة للقيادة، والحقوقيون يعرفون جيدا أن تقاريرها تتضمن عيوبا في المنهجية، وفي الاشتغال، وتقاريرها ليست حقوقية وإنما هي تقارير سياسية لا يعتد بها في مجال حقوق الإنسان. إذن فالحديث عن النشاط المدني في مخيمات تيندوف هو ضرب من الخيال، حيث لا وجود لهذا النشاط أصلا ولا يمكن أن يوجد لأن ما يسمى بدستور الجمهورية يمنع ذلك بنص صريح. أما في ما يتعلق بالأقاليم الجنوبية، فالمجتمع المدني والحقوقي بلغ مرحلة متطورة جدا وصلت إلى حد تطوير الأداء بالتشبيك، مما يوضح الكثرة العددية. ويكفي أن نعطي هنا رقما، حيث إن مدينة العيون وحدها تتوفر على أكثر من 450 جمعية في مختلف المجالات. والمتتبع للحقل المدني يعرف مدى فعالية وحركية المجتمع المدني في الأقاليم الجنوبية، وتوفره على طاقات بشرية مكونة تكوينا متينا وتشتغل بنضالية كبيرة رغم محدودية الإمكانيات المادية أحيانا. إضافة إلى النسيج الجمعوي في الأقاليم الجنوبية، لا يمكن إنكار العمل الذي تقوم به اللجان الجهوية لحقوق الإنسان الثلاث التي تقوم بعمل متميز، يتسم بالجدية والمصداقية والاستقلالية، وذلك باعتراف دولي حيث تمت الإشادة بها في تقارير مجلس الأمن نفسه. صحيح أن هناك ملفين أو ثلاثة في الأقاليم الجنوبية لجمعيات لم تحصل على الاعتراف، وذلك لأن السلطات ترى فيها تنظيمات لا تمت للعمل المدني بصلة، ولا يمكن أن تدخل في إطار حرية التعبير، لأن موالين لها انفصاليون يقوم بعضهم بتلقي تداريب عسكرية في الجزائر، ويتلقون أموالا من هذا البلد للقيام بأعمال عنف داخل المملكة. ورغم ذلك هناك توصية في الموضوع قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. هذا جزء بسيط من معطيات متوفرة عما يجري في الأقاليم الجنوبية، غير أن الاشتغال عليها من طرف الديبلوماسية الرسمية والشعبية والمدنية المغربية لا يتم كما يجب.. وقد سبق لحقوقي مغربي أن قال ذات مرة إن الدولة المغربية بكماء لأنها لا تعرف كيف تروج لقضيتها العادلة، على الرغم من توفرها على حجج دامغة.