تتجه بلدان عربية لرفع الدعم عن الوقود وزيادة أسعار بعض السلع والخدمات وفرض ضرائب للمرة الأولى في تاريخها، في محاولات لزيادة الإيرادات وتحسين أوضاعها الاقتصادية التي تضررت كثيراً في السنوات الأخيرة. تلك الدول، تعلل الأسباب وراء اتخاذ تلك الإجراءات التقشفية الصعبة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي يتوقع أن تتحسن تدريجياً خلال العام الجديد 2018. ولعل تقليص دعم الخبز أو إلغاءه كان المتصدر للمشهد في مناقشات الموازنة العامة لتلك الدول مؤخراً، التي سعت بشكل كبير للموازنة بين المطالب الاجتماعية بتخفيف ضغوط الغلاء والحد من عجز الموازنة. وقوبلت هذه القرارات باحتجاجات وردود فعل غاضبة في الكثير من الدول منها تونس والسودان، وسط مخاوف من انفلات الأسعار مع غياب الرقابة على الأسواق، وهو ما سيؤثر سلباً على أوضاع المواطنين والمقيمين في تلك الدول. تونس كانت البداية مع تونس، مع تصاعد الغضب منذ إعلان الحكومة عزمها رفع أسعار البنزين وبعض السلع، وزيادة الضرائب على السيارات والاتصالات والإنترنت والإقامة في الفنادق، اعتباراً من يناير الجاري، في إطار إجراءات تقشف اتفقت عليها مع المانحين الأجانب. كما شملت الإجراءات التي تضمنتها موازنة 2018، خفض 1% من رواتب الموظفين للمساهمة في سد العجز في تمويل الصناديق الاجتماعية. ويبلغ حجم موازنة تونس للعام الجاري، 36 مليار دينار (15 مليار دولار)، وتتوقع الموازنة عجزاً يبلغ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي. السودان ولم يكن الوضع في السودان أحسن حالاً عن تونس، إذ خرجت احتجاجات على رفع أسعار الخبز في العاصمة الخرطوم، وانتشرت في مدن في جنوبي البلاد، في الوقت الذي ألقت فيه السلطات القبض على أحد قيادات المعارضة، وصادرت صحفاً في محاولة لإخماد اضطرابات متنامية. المظاهرات في الخرطوم، جاءت في أعقاب احتجاج مماثل في مدينة سنار (جنوب شرق)، بعد مضاعفة سعر الخبز في الأيام الأخيرة، عقب إعلان الحكومة في أواخر الشهر الماضي أنها ستلغي الدعم في موازنة 2018. وأحدثت الزيادات في الأسعار غضباً شعبياً بسبب أسعار الخبز الجديدة، بعد أن أعلنت المطاحن الرئيسية في البلاد زيادة أسعار شوال الطحين بنسبة 200%. الأردن قررت الحكومة الأردنية رفع أسعار الخبز، بداية شهر فبراير المقبل، مع تقديم دعم نقدي للفئات المستحقة بدلاً عنه، وفقاً لتصريحات وزير الصناعة والتجارة، يعرب القضاة. وتأتي قرارات الحكومة الأردنية بعدما حصلت مؤخراً على موافقة البرلمان على برنامجها المالي، وخطط رفع الأسعار وفرض الضرائب. وبموجب القرار الحكومي من المرتقب أن ترتفع أسعار الخبز بنسب تتراوح بين نحو 66 إلى 100%، على أن تسري الأسعار الجديدة لمدة عام على أن يعاد النظر فيها بعد ذلك، وتغييرها بحسب أسعار القمح عالمياً، وكلف الإنتاج من أسعار محروقات وغيرها. السعودية ومطلع العام الجاري، دخلت ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات في السعودية بواقع 5%، حيز النفاذ. وقررت السلطات السعودية مطلع الشهر الجاري، رفع أسعار البنزين بداية من العام الميلادي الجديد 2018 بنسب تراوحت بين 82% و126%، كما دخل الأسبوع الماضي قرار رفع التعريفة لأسعار الكهرباء في البلاد. وتوقعت الحكومة السعودية أن يرتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بنسبة 5.7% في 2018، مع تحسن النشاط الاقتصادي وتطبيق بعض التدابير الإيرادية وتصحيح أسعار الطاقة. وشهدت المملكة خلال العام الماضي، تطبيق الضريبة الانتقائية بواقع 100% على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، وبنسبة 50% على المشروبات الغازية.