عانى الاقتصاد المصري على مدى الثلاث سنوات الماضية من اختلالات هيكلية واضحة وإن كانت في معظمها نتيجة تراكمات من السنوات السابقة منذ وقوع الأزمة المالية العالمية، وأضيف إليها أثر الإضرابات الفئوية والتي ضرت الاقتصاد المصري في وقت كان الشعب يأمل بعد ما حدث من تغيرات جوهرية على الساحة السياسية المصرية بعد الخامس والعشرين من يناير 2011، وكان من المأمول أن يلمس الشعب المصري نمواً حقيقياً من خلال تحسن مستوى المعيشة على مستوى الأفراد. وعلى قدر اتساع تطلعات الشعب المصري بتحقيق معدلات فارقة في مستوى المعيشة، كان هناك تدهور في أوضاع المالية العامة، فاستمر عجز الموازنة العامة للدولة في تسجيل مستويات مرتفعة بلغت في العام المالي 2011/ 2012 نحو 167 مليار جنية بنسبة بلغت 11% من الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغ الدين العام نحو 1.310 تريليون جنية بنسبة بلغت 85% من الناتج المحلي الإجمالي. وجاء العام المالي 2012/2013 ليشهد زيادة في العجز ليصل إلى 239.7 مليار جنيه بما يعادل 13.7% من الناتج المحلى، كما بلغ الدين العام نحو 1.644 تريليون جنية بنسبة بلغت 93.8 % من الناتج المحلي الإجمالي. وأظهرت نتائج الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2013/2014 أن العجز الكلى للموازنة العامة بلغ 255.4 مليار جنيه أو ما يعادل نحو 12.8% من الناتج المحلى. ولاشك أن العجز في الموازنة العامة للدولة يعد من الأسباب الرئيسية لزيادة حجم الدين العام، ومن ثم وصل إجمالي حجم الدين العام إلى نحو 1.908 تريليون جنيه بما يعادل 95.5% من الناتج المحلى الإجمالي. ويبلغ العجز المقدر في مشروع الموازنة نحو 281 مليار جنيه أو ما يعادل 9.9% من الناتج المحلى الإجمالى، مقابل 10.8% عجز متوقع للعام المالى الجارى ومقارنة بعجز بلغ نحو 12.8% خلال عام 2013/2014. وتقدر إجمالى الإيرادات العامة في مشروع الموازنة بنحو 612 مليار جنيه بزيادة 26% عن العام الحالى، بينما تقدر المصروفات العامة بنحو 885 مليار جنيه بزيادة 20% عن المتوقع خلال العام الجاري. لعله من المفيد أن ننظر إلى الرصيد الهيكلي لاستيعاب ما هو جارٍ بالفعل في شأن العجز. فمن خلال هذا الرصيد، يمكن استبعاد الآثار الواقعة على الموازنة من جراء تباطؤ النمو أو زيادة سرعته، وكذلك العوامل المتكررة التي قد تجعل النتائج تبدو أسوأ أو أفضل لفترة مؤقتة لكنها لا تعاود الظهور في السنوات القادمة. ونفهم من خلال الرصيد الهيكلي كيف تحسن العجز أو ازداد سوءاً بشكل منفصل عن العوامل الدورية وغير المتكررة. وفي عام 2011، وصل التغير في الرصيد الهيكلي، في كل بلد على حدة، إلى متوسط 0.75% – 1% من إجمالي الناتج المحلي. ونفس التصحيح تقريباً يحدث هذا العام، بواقع 0.75% – 1% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط. التضخم بالمعنى الاقتصادي هو ضعف القوة الشرائية للعملة، فإذا كان عشر وحدات من عملة البلد تشتري كيلو غرام من اللحم أو فرختين في الزمن الحاضر، ثم ضعفت القيمة الشرائية للعملة بعد سنة وأصبح ثمن كيلو اللحم أو قيمة الفرختين ما يعادل خمس عشرة وحدة من وحدات العملة المحلية، فهذا يعني أن التضخم حدث بمعدل كبير وهو 50%. لذا فإن المستثمر الذي ربط أمواله لفترة طويلة بعائد مقبول لديه وقت بداية الاستثمار، أصبح خاسرا، ليس بسبب سوء اختياره لقناة الاستثمار، بل لأن عاملا آخر وهو التضخم قد قضى على قدر كبير من قيمة استثماره. والتضخم أمر لا بد منه، فالأشياء ترتفع أسعارها، فبذلك تقل قيمة النقود أمام السلع، فما كان الإنسان يشتريه منذ ثلاث سنوات بمبلغ 20 دولارا مثلا فإنه الآن غالبا ما يكون بخمسة وعشرين دولارا، وهذا هو التضخم. والتضخم المقبول والمعقول والمتوقع وجوده يكون صغير المقدار وقد لا يتجاوز نصفا في المائة أو واحدا في المائة في العام، عندما يكون الوضع الاقتصادي للبلد سليما وصحيحا. علما بأن تضخما في حدود 1-2% لا يمكن اعتباره نذير سوء، ولكن في حالة تجاوز معدل التضخم لهذا المعدل فإن هذا يعني وجود خلل اقتصادي كبير. ويوضح مشروع الموازنة العامة للدولة على تحقيق نقلة نوعية وتطوير ملموس في برامج الحماية الاجتماعية، والتنمية البشرية، وتحسين مستوى الخدمات العامة الأساسية وتطوير البنية الأساسية، وذلك مع الاستمرار في السياسات الداعمة للسيطرة على معدلات العجز والدين العام لتحقيق الاستقرار المالي الإقتصادى على المدى المتوسط، وبما يحفز معدلات النمو الإقتصادى والتشغيل وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وخفض معدلات التضخم. أن تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للفئات الأولى بالرعاية هو محور تلك الموازنة من خلال توجه الحكومة في تكثيف الدفع ببرامج موجهة للحماية الاجتماعية مثل مظلة المعاشات الضمانية والعلاج للفئات الأقل دخلاً والإسكان المنخفض التكاليف وكذلك تطوير العشوائيات بجانب الاستثمارات في مجالات البنية الأساسية وتطوير الخدمات العامة، إلا أن ذلك يتطلب موارد ضخمة ولعدد من السنوات حتى ترتقى تلك الخدمات وهو ما يتطلب إتخاذ إجراءات اقتصادية لتمويلها بعيداً عن أصحاب الدخول الأدنى. إن الوضع الإقتصادى يشهد تحسناً تدريجياً وهو ما عكسه إرتفاع معدلات النمو والتشغيل وتقييمات المؤسسات الدولية إلا أن قدرة الاقتصاد على تمويل عجز الموازنة وإحتياجات المجتمع لا تزال أقل من طموحاته وطموحات الشعب المصرى وهو ما يستدعى الإنتباه إلى ذلك بمنتهى الحرص وتحمل مسئولية إتمام الإصلاح الإقتصادى وتحقيق العدل في توزيع مواردنا لصالح الفئات العريضة من المواطنين حفاظاً على سلامة الإقتصاد المصرى وإستقراره وتحقيق العدالة الإجتماعية. هذا ويبلغ إجمالى الإنفاق على برامج الحماية الإجتماعية المباشرة والبعد الإجتماعى في مشروع موازنة العام المالى القادم كما يقول الوزير نحو 431 مليار جنيه وهو يمثل 49% تقريباً من جملة الإنفاق العام وبزيادة 12% عن العام المالى الجارى، حيث تضمن مشروع الموازنة تمويل برامج إجتماعية جديدة تحقق إستهدافاً أفضل للفئات الأولى بالرعاية مثل التوسع في برامج الدعم النقدى المباشر حيث تم تخصيص مبلغ 11.2 مليار جنيه لبرامج المعاشات الضمانية بزيادة نحو 69% عن العام الحالى وذلك بعد إنتهاء وزارة التضامن الإجتماعى من الإنتهاء من برامج الإستهداف التى تقوم بها لوصول الدعم لمستحقيه من الفئات الأولى بالرعاية، كذلك تم تخصيص مبلغ 4.2 مليار جنيه لدعم التأمين الصحى والأدوية تشمل تدعيم برامج جديدة للتأمين الصحى لغير القادرين بمبلغ يزيد على 3 مليارات جنيه. وقد تم تخصيص مبلغ 38.4 مليار جنيه لتمويل منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية والتى تم تطويرها هذا العام وتدخل التطبيق الكامل على مستوى الجمهورية خلال العام المالى المقبل، وذلك مع توقع زيادة عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز بنحو 3 ملايين مواطن خلال العام القادم ليصل إجمالى عدد المستفيدين من هذه المنظومة إلى نحو 70 مليون مواطن، بالإضافة إلى تخصيص نحو 3.7 مليار جنيه لدعم المزارعين لتشجيع الإنتاج الزراعى في دعم شراء القمح المحلى. من ناحية أخرى بلغت مخصصات برنامج توفير وتأهيل إسكان محدودى الدخل نحو 13.7 مليار جنيه بنسبة نمو قدرها 19%، حيث تضمن تنفيذ برنامج الإسكان الإجتماعى والذى تبلغ قيمته نحو 11 مليار جنيه، وبرنامج تطوير المناطق العشوائية بنحو 1.3 مليار جنيه، وتنمية القرى الأكثر فقراً بنحو 0.9 مليار جنيه. وقد بلغ إجمالى الإنفاق على الصحة نحو 64 مليار جنيه بزيادة 11.3 مليار جنيه أو نحو 21.5 % عن العام السابق، بهدف إحداث تطوير ملموس في الخدمات الصحية يشعر بها المواطنون خاصة الفئات الأولى بالرعاية، كما زادت مخصصات التعليم الأساسى والجامعى بنحو 9.2 مليار جنيه بنسبة 8.3% إلى 120 مليار جنيه، هذا بخلاف الإنفاق على برامج التدريب المختلفة، وذلك في إطار الإهتمام بالعنصر البشرى كأساس للتنمية وزيادة قدرة الأفراد على الحصول على فرص عمل والمشاركة في ثمار التنمية. وقد بلغت مصروفات الاستثمارات العامة في مشروع الموازنة نحو 75 مليار جنيه أو ما يعادل 2.7% من الناتج المحلى الاجمالى، منها نحو 55 مليار جنيه ممولة من موارد الخزانة العامة والباقى فى صورة منح وقروض وتمويل ذاتى. ويهدف مشروع موازنة العام المالى 2015/2016 للحفاظ على معدل مرتفع لهذه الإستثمارات لتطوير وتحديث البنية الأساسية، وبما يتفق مع القدرة الإستيعابية والتنفيذية لها، بالإضافة إلى إستكمال تنفيذ المشروعات السابق البدء فيها والتى لم يتم الإنتهاء من تنفيذها بعد، وذلك إستكمالاً لما تم البدء فى إنجازه من مشروعات منذ العام المالى الجارى في مختلف القطاعات وبما في ذلك تطوير شبكة الطرق ومشروع الإستصلاح الزراعى ومشروعات الإسكان. تعمل الدول ذات الاقتصاد الحر والقوي على متابعة مؤشرات الأسعار لمعرفة التضخم ومقداره ومنشئه، ومن هنا يبدأ العلاج. تتخذ الدول الرأسمالية معدل الفائدة وسيلة للحد من التضخم، فتتعامل بمعدل الفائدة بالزيادة أو النقصان لكي تعالج التضخم، فعندما يكون هناك علامات تضخم بدأت في الظهور، فإن البنك المركزي يعمل على زيادة نسبة الفائدة، والحكمة من ذلك هو الرغبة في سحب الأموال من السوق وتوجيهها إلى عملية توفير أو استثمار، فعندما تكون أسعار الفائدة عالية فإن الإغراء في الاستثمار سيرتفع لكبر الفائدة العائدة على المستثمر. وهو من أكبر الاصطلاحات الاقتصادية شيوعاً غير أنه على الرغم من شيوع استخدام هذا المصطلح فإنه لايوجد اتفاق بين الاقتصاديين بشأن تعريفه ويرجع ذلك إلى انقسام الرأي حول تحديد مفهوم التضخم حيث يستخدم هذا الاصطلاح لوصف عدد من الحالات المختلفة مثل الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار. وليس من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد في وقت واحد... بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصحبه ارتفاع في الدخل النقدي... كما أن من الممكن أن يحدث ارتفاع في التكاليف دون أن يصحبه ارتفاع في الأرباح... ومن المحتمل أن يحدث إفراط في خلق النقود دون أن يصحبه ارتفاع في الأسعار أو الدخول النقدية وبعبارة أخرى فإن الظواهر المختلفة التى يمكن أن يطلق على كل منها " التضخم " هي ظواهر مستقلة عن بعضها بعضاً إلى حد ما وهذا الاستقلال هو الذي يثير الإرباك في تحديد مفهوم التضخم. وجدير بالذكر أن مشروع موازنة العام المالى الجديد 2015/2016 يتضمن أعلى زيادة فى تمويل الاستثمارات من موارد الموازنة العامة حيث بلغت جملة تلك الإستثمارات 55 مليار جنيه مقابل 45 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الجارى بزيادة تصل إلى نحو 22.2%.وتبلغ مخصصات الأجور للعاملين في الدولة في مشروع موازنة العام المالى الجارى نحو 228 مليار جنيه بزيادة 27.3 مليار جنيه أى بنسبة نمو 14% عن الإنفاق على الأجور خلال العام المالى الجارى. وتمثل مصروفات الأجور نحو 26% من إجمالى الإنفاق العام في مشروع الموازنة. كما بلغت مساهمة الخزانة العامة في صناديق المعاشات 43.5 مليار جنيه بزيادة 10.3 مليار جنيه بنسبة نمو 31%.ويمثل الإنفاق على الأجور ومصروفات فوائد الدين العام مجتمعة نحو 54% من إجمالى الإنفاق العام، وترتفع هذه النسبة إلى 80% من إجمالى الإنفاق العام عند إضافة مصروفات الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية. وبهدف السيطرة على معدلات عجز الموازنة العامة والدين العام وبالتالى تخفيف أعباء خدمة الديون على الأجيال المقبلة وتوجيه هذه الموارد إلى مجالات تنموية، فإن مشروع الموازنة العامة تضمن تطبيق عدد من الإجراءات الإصلاحية يتحملها أساساً أصحاب الدخل الأعلى أخذاً في الإعتبار توجيهات السيد/رئيس الجمهورية بتخفيف الأعباء على الفئات الأقل دخلاً والذي شمل إعفاء الشرائح الثلاث الأقل استهلاكا للكهرباء حتى 200 كيلووات/ساعة في الشهر من الزيادة في أسعار الكهرباء. وتشمل الإجراءات إستكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة المطبقة جزئياً في الوقت الحالى بهدف زيادة العدالة ولمعالجة التشوهات الموجودة في التطبيقات الحالية، بالإضافة إلى إستمرار ترشيد دعم الطاقة من خلال سياسة متكاملة للطاقة تهدف لتحقيق أفضل إستخدام لموارد الطاقة المتاحة، وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتنمية الإستثمارات فى مجال البترول والغاز، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى إنتاج وتوليد الطاقة. كما تشمل الإجراءات زيادة الموارد من الإيرادات غير الضريبية وبما فى ذلك توفيق أوضاع الأراضى السابق الحصول عليها للإستصلاح الزراعى وتم إستخدامها لغير غرضها الأصلى. ويبلغ إجمالى الإيرادات العامة المقدرة في مشروع الموازنة للعام المالى القادم نحو 612 مليار جنيه بزيادة 26% عن العام الحالى، وذلك على الرغم من أن المنح المقدرة فى مشروع الموازنة تبلغ 2.2 مليار جنيه فقط مقابل 25.7 مليار جنيه فى العام المالى الجارى ومقارنة بنحو 95.9 مليار جنيه فى عام 2013/2014، وهو ما يعكس زيادة الإعتماد على الموارد المحلية فى تمويل الموازنة العامة للدولة. تجدر الإشارة إلى توقع إرتفاع معدلات نمو الناتج المحلى فى عام 2015/2016 إلى نحو 5% وذلك مقابل 4.2% متوقعة خلال العام المالى الجارى ومقارنة بمعدل نمو بلغ 2% فى المتوسط خلال السنوات الثلاث الماضية، بناء على مؤشرات إستعادة الثقة المحلية والدولية فى الإقتصاد المصرى بشكل تدريجى ومستقر وفى السياسات والبرامج والمشروعات الإقتصادية التى تنفذها الحكومة، ويدعم ذلك تحسن وإرتفاع تقييم التصنيف الإئتمانى للإقتصاد المصرى أربع مرات فى سبعة أشهر فقط، بالإضافة تدعيم المؤسسات المالية الدولية للتحسن فى أداء الإقتصاد المصرى، وتحسن أداء القطاعات الرئيسية القائدة للنمو فى الإقتصاد المصرى وفى مقدمتها قطاعا الصناعة والتشييد والبناء وبدء تعافى قطاع السياحة. وتبلغ الإيرادات الضريبية المقدرة فى مشروع الموازنة نحو 422 مليارات جنيه وإلى جانب الزيادة المتوقعة فى معدلات النشاط الإقتصادى، فتقوم وزارة المالية بإجراء تطوير شامل للمنظومة الضريبية تشمل رفع كفاءة أداء المصالح الإيرادية وبما يضمن تحسين التعامل مع الممولين وفى نفس الوقت الحفاظ على حقوق الدولة والمجتمع. وفى ضوء الإجراءات الإصلاحية التى تمت لتطوير المنظومة الجمركية بهدف تأمين المنافذ وحماية الصناعة الوطنية، فقد ساهمت هذه الإجراءات فى تحسن أداء الحصيلة الجمركية، ومن المقدر أن تبلغ إيرادات الضرائب على التجارة الدولية نحو 26.9 مليار جنيه أى بزيادة نحو 24.8% عن المتوقع خلال العام المالى الجارى. وقد روعى عند إعداد مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2015/2016 تحقيق التوازن بين دفع معدلات النشاط الإقتصادى وإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة نحو تدعيم الحماية والعدالة الإجتماعية، ومع تحقيق الإستدامة المالية، حيث تستهدف الحكومة خفض العجز إلى نحو 8- 8.5% من الناتج فى عام 2018/2019 وخفض معدلات الدين العام إلى نحو 85% من الناتج. إن عدد من الأهداف الكمية ضمن إطار اقتصادي متسق ومتكامل للعام المالي القادم وعلى المدى المتوسط، وتشمل عدم تجاوز العجز الكلي بالموازنة العامة للدولة مستوى 9.5%- 10% من الناتج المحلي خلال عام 2015/2016 بانخفاض نحو 1 نقطة مئوية عن المتوقع للعام الجاري، وبحيث يستمر في الانخفاض التدريجي لنحو 8%-8.5% في عام 2018 /2019، مما يسهم في تراجع مستويات الدين العام إلى نحو 92% من الناتج المحلي خلال العام القادم ومع استهداف تخفيض الدين إلى نسبة تتراوح بين 80% و85% خلال عام 2018 /2019، كما لفت البيان إلى أن ذلك يتطلب تحقيق معدلات نمو اقتصادي لا تقل عن مستوى 4.5 -5%، وبحيث ترتفع إلى نحو 6%-7% في عام 2018/2019، مع استهداف خفض معدلات البطالة بنحو 1 نقطة مئوية لتصل إلى 11.9% في عام 2015 /2016 ثم تنخفض تدريجيًا إلى أقل من 10% بحلول عام 2018 /2019، اعتمادا على سياسة دفع النمو الاقتصادي في القطاعات كثيفة العمالة وإزالة التشوهات التي تحفز المشروعات كثيفة رأس المال على حساب التشغيل أن الحكومة تستهدف من موازنة 2015/2016 استكمال برنامجها الإصلاحي لتحقيق المزيد من التقدم في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وتتضمن تنفيذ برامج جادة للاستثمار في رأس المال البشري، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية، بالإضافة إلى تحسين سياسات استهداف الدعم وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، ورفع كفاءة الخدمات العامة وتحقيق عدالة أكبر في التوزيع، وهو ما يتزامن مع استكمال الخطوات التدريجية نحو الوفاء بالاستحقاق الدستوري لزيادة مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي بما لا يقل عن 10% من الناتج خلال العامين المقبلين مقابل 7.2% في الوقت الحالي، كما تستهدف الحكومة التوسع في برامج الدعم النقدي للأسر المصرية من خلال تمويل برامج معاش الضمان الاجتماعي وبرامج تكافل وكرامة ومعاش الطفل، بالإضافة إلى استكمال تطوير منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية وبرامج التغذية المدرسية، وكذلك تطوير برامج دعم الإسكان الاجتماعي، والاستمرار في تقديم دعم المواصلات العامة، ومياه الشرب، والعلاج على نفقة الدولة وغيرها من برامج الدعم الاجتماعي التي تشملها الموازنة العامة أول مقارنة تقوم على التصنيف الوظيفي للانفاق، أي تقسيم الانفاق الحكومي بين ال10 قطاعات الوظيفية. ويستحوذ قطاع الخدمات العامة على أكبر حصة من المخصصات، حيث تبلغ نسبة الانفاق الحكومي التي خصصت للخدمات العامة في مشروع الموازنة الجديد 34،2٪. ولا تختلف تلك النسبة عن الأعوام السابقة، حيث يتوقع لها أن تكون قد وصلت فعليا إلى 34،7٪ في العام المالي 2013/2014. يتضمن هذا القطاع الأجهزة التنفيذية والتشريعية (مثل مجلس الشعب، رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس الوزراء)، أجهزة الشئون المالية و الشئون المالية العامة (مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، ديوان عام وزارة المالية، مصلحة الضرائب العامة)، و أجهزة الشئون الخارجية (مثل ديوان عام وزارة الخارجية). يأتي بعد ذلك قطاع الحماية الإجتماعية الذي تبلغ حصته 27،5٪ من الانفاق الحكومي. و يليها التعليم (12٪)، بينما أصغر قطاعين هما الإسكان والمرافق المجتمعية (2،78٪) و حماية البيئة (0.21٪). من الجدير بالذكر ان تلك أول مرة نرى فيها بندا يسمى “أنشطة وظيفية متنوعة”، وعندما لاحظنا غياب قطاع “الدفاع والأمن القومي” الذي دائما كنا نراه في التقسيم الوظيفي (بل وتوصي به المعايير الدولية لرسم الموازنة العامة)، قمنا بمقارنة بيانات السنوات الماضية، ووجدنا انه تم إعادة تسمية بند الدفاع والأمن القومي إلى ذلك اللقب الجديد “أنشطة وظيفية متنوعة”، في حين لم تزد حصته كنسبة من الانفاق الحكومي عن الاعوام الماضية بمقدار ملحوظ (من 4.17٪ إلى 4،98٪). *الدكتور عادل عامر * *دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام * *ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية