كان المركز الاستشفائي الإقليمي لخنيفرة على موعد، يوم الخميس ثالث عشر أبريل الجاري، مع مأساة كادت تنتهي بمصرع طفل لم يتجاوز ربيعه الثانيرمت به الأقدار من المركز القروي "بومية" إلى "السبيطار" الجديد بحاضرة زيان. عائلة الصغير "أنس"، التي عاشت مسلسل رعب بأروقة المستشفى المذكور، دخلت سباقا مع الزمن بحثا عن طبيب ينقذ حياة ابنها من الموت اختناقا بسبب ابتلاعه لقطعة عملة نقدية… سباق كانت كل المؤشرات توحي بأن الأسرة في طريقها إلى أن تخسره و تخسر معه حياةصغيرها، و ذاك عندما فوجئت، بعد ساعات من الانتظار بقاعة المستعجلات، بأن جهاز الفحص بالأشعة معطل و أن عليها الإسراع بنقل "أنس" إلى مستشفى مريرت المحلي للقيام بالفحوصات اللازمة. مفاجأة غير سارة لم تستسلم معها العائلة القروية لسخرية القدر و عبث قطاع الصحة بإقليم خنيفرة، الذي جعل المركز الاستشفائيالجديد، الذي تم تشييده بتمويل من الاتحاد الأوربي، عاجزا عن توفير فحص بسيط ب"الراديو"…حيث سارع والد "أنس" إلى نقل فلذة كبده إلى مستشفى مريرت لإجراء الفحص المطلوب و العودة به إلى المركز الاستشفائي و كله أمل في إنقاذ حياة الصغير، دون أن يدري أنه سيكون على موعد مع مشهد آخر من مشاهد العبث و الجنون، بعدما صدمته طبيبة المستعجلات بأن المستشفى لا يتوفر على الأجهزة الطبية الضرورية لاستخراج القطعة المعدنية العالقة بِبُلْعوم الصغير و التي بدأت في التزحزح عن مكانها و الضغط على قصبته الهوائية مهددة بقتل الطفل اختناقا… فالطبيبة، التي كانت مشغولة بالرد على رسائل "الواتساب"، أخبرت الوالد ببرود أن الحل الوحيد لإنقاذ صغيره يكمن في نقله إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس. كلام الطبيبة، و البرودة التي تعاملت بها مع الموقف، جعلت الأرض تدور تحت أقدام الوالد،قبل أن يأتيه الفرج في هيئة مكالمة هاتفية من قريب للأسرة يدعوه فيها إلى إحضار الصغير إلى آزرو و إجراء العملية بإحدى العيادات الخاصة بها، و هو العرض الذي لم يتردد الأب في الموافقة عليه، حيث سارع إلى تهريب ابنه من "سبيطار المخزن" نحو عيادة آزرو الخاصة، التي احتضنت في ساعة متأخرة من نفس اليوم عملية ناجحة أنقذت حياة طفل لفظه مستشفى خنيفرة العمومي. عائلة "أنس" لم تكن وحدها الشاهدة على العبث بصحة أطفال خنيفرة، فبدورها كانت عائلة الصغير "علي"، و في نفس اليوم، على موعد مع لامبالاة الطاقم الطبي بمستعجلات المركز الاستشفائي الذي تجاهل آلامالطفل، الذي لم يتجاوز عامه الأول، شأنه في ذلك كشأن الطاقم الإداري الذي رفض تمكين الأسرة من سيارة إسعاف لنقل الصغير، الذي تعرض لطارئ صحي ناجم عن الآثار الجانبية لحصص الأشعة التي يخضع لهابمستشفى الأطفال مرضى السرطان بالرباط،و الذي كان يتَطَلَّبُ نقله على وجه السرعة نحو طبيبه المعالج، قبل أن تضطر الأسرة في الأخير إلى نقله على متن سيارة خاصة و الاستغناء عن أسطول سيارات الإسعاف الإحدى عشر الذي تبجح به المندوب الإقليمي للصحة يوم افتتاح المستشفى. "أنس" و "علي" لم يكونا سوى شاهدين على الخطر الداهم الذي يتهدد حياةالأطفال بخنيفرة… فالصغيرين الذين اضطرتهما ظروف صحية إلى اللجوء إلى المركز الاستشفائي الإقليمي لخنيفرة، لم و لن يكونا آخر من يعود خائبا من "السبيطار الجديد" الذي استلزم تشييده تمويلاناهز مبلغ 21 مليار سنتيم، و الذي لا يبدو في المستقبل المنظور أنهكافي لدرء الخطر عن مرتاديه خاصة بقسم الأطفال الذي لا يتوفر إلا على طبيبين و ستة ممرضين فيما لا يتجاوز عدد الأَسِرَّة به الخمسة عشر سريرا.