رواية للكاتبة الزيمبابوية بيتينا غابه، تنقل إلى لغة غوته وتحقق نجاحا باهرا. وهي أول رواية لغابه التي أوقفت عملها كمحامية لدى منظمة التجارة العالمية، للتفرغ للكتابة والتركيز على مشروعها ككاتبة، في ضواحي العاصمة هراري، بعيدا عن ضجيج الحياة اليومية للبقاء على قيد الحياة في بلد يعاني الأزمات. إنها تقاوم ترهيب الحكومة الشمولية لها. فبطلة رواية "ألوان فراشات الليل" تأمل، وهي قابعة في السجن بانتظار تنفيذ حكم الإعدام، بتعليق الحكم وتعكف على تسجيل قصة حياتها. فالفساد والتعسف سائدان في الحبس أيضاً، مما يجعله نسخة عن العالم الخارجي. تقول غابه: "تقدّم الحكومات دعما لمواطنيها في العادة. لكن في زمبابوي تضع الحكومة العوائق أمام المواطنين. فهي تمنعهم من تحقيق أحلامهم، أو حتى من أن يعيشوا حياة طبيعية". فزيمبابوي تحوّلت إلى معتقل كبير، كأن البلد بأسره سجن، تعبر بطلة الرواية. ففي ظل الفساد المستشري في بلد يحكمه موغابي من قبضة من حديد، منذ ستة وثلاثين عاما، وحيث البطالة تبلغ نحو تسعين في المئة، ما يدفع الناس لليأس وتعاطي المخدرات، تتضاءل أحلامنا وتضمحل آفاقنا، تقول الكاتبة وتضيف "نحن سجناء، ومضطرون للانهماك بالصغائر التي يجب أن يكون وجودها بديهيا. هذه الأشياء تسمّم مجتمعنا". فالغضب من تمسّك موغابي المستميت بالسلطة، وإفلاس البلاد والفساد المستشري يدفع الناس للنزول إلى الشوارع. وهناك بصيص من الأمل في التغيير معقود على الانتخابات المقبلة، وغابه تعقد أمالا عليها: "أنا متأكدة من أنه لن يكون لدينا رئيس يتجاوز عمره التسعين سنة. زمبابوي بلد ذو طابع خاص، لكنه لا يختلف كلياً عن العالم. سوف نشهد تغييرا في قيادة البلد في النهاية. في جميع الأحوال لن يكون لدينا مجدداً رئيس يبقى في الحكم على مدى ستة وثلاثين عاما. لن يسمح شعبنا بحصول ذلك مرة أخرى أبدا". غابه لا تستسلم وتعتبر الأطفال هم مستقبل البلاد، وأطلقت مشروعا واعدا، وهي على قناعة كما تقول: "أنا غير قادرة على القيام بأي شيء لمواجهة أزمات الشرق الأوسط، لكني قادرة على القيام بشيء مفيد لأجل المكتبة العامة في هراري". قامت بتمويل ترميم قسم المؤلفة البريطانية Doris Lessing في المكتبة العامة في هراري، وأنشأت قسما لكتب الأطفال فيها. "أتمنى أولا أن أرى بلدا يحترم القانون. وأتمنى بلدا يدرك أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة لحل المشاكل. أتمنى بلدا يتخلى عن عقوبة الإعدام. فهذا مهم. كما أتمنى بلدا يتيح لولدي، الذي يحلم بتمثيل زمبابوي في لعبة الكريكت، مستقبلا له ولأطفاله. هذه هي زمبابوي التي أحلم بها". أحلام متواضعة لبلد غاية في الجمال الطبيعي، لكنه يعاني من أزمات. وكاتبة تحترم آمال الناس كبيرها وصغيرها، وتسعى للتعبير عنها في أعمالها الأدبية.