كثر النقاش حول قضية تعرض الصحافة للحياة الخاصة للأفراد ، ولم أشأ الدخول في هذا الجدال ، لكن تبين لي أنه حينما يكثر الافتاء بغير علم إلا ووجب على المختصين إماطة اللثام عن التفسير الحقيقي لمضامين المبادئ المجردة حتى لا يتم اجترارها دون إدراك خصوصيتها والاستثناءات الواردة عليها. فإذا كان صحيحا أن الدستور تعرض لمبدأ حرمة الحياة الخاصة ، فهذا لا يجادل فيه أحد ، لكن ما يدخل في الحياة الخاصة للشخص العادي، لا يعتبر كذلك بالنسبة لشخصية عامة ، لأن الشخصيات العامة والمتقلدة لمنصب عام، يفرض عليها منصبها أقصى درجات الاحتياط وتجنب الوقوع في الشبهات ، لأنها عنوان الثقة العامة في المنصب العام ، ولا يجوز الإخلال بهذه الثقة أو المس بها ، فالشخص العام يتقاضى راتبه من الدولة ومن واجب المواطنين مسائلته عن كيفية صرفه وعن تنفيده للمهمة المكلف بها ، وعن علاقاته الشخصية المندرجة في إطار الوظيفة أو خارجها لأنها تتعلق بوقار المنصب وأخلاقيات المرفق وواجب التحفظ. الصحافة تبحث عن جرائم الموظفين أو الشخصيات العامة أو عن المسلكيات الخارجة عن أخلاقيات الوظيفة أو المركز، ولا يلزمها أن تتوفر على الأدلة القاطعة، لأنه يكتفى بعناصر الشبهة ، لانها ليس بقضاء ، فمن يريدها ألا تنبش في أعراضه و مخالفاته المالية أو الأخلاقية ، فليخرج وليودع المرفق العام بما حمل ، ويتحصل على حريته في التصرف وفقما يشاء وكيف يشاء. وختاما فالحياة الخاصة لا تشمل قيام الشخص العام بارتكاب جرائم أو مسلكيات مخالفة للمنصب العام سواء أثناء مزاولة الوظيفة أو بمناسبتها أو خارجها.