إن الهدف الأساسي من وجود المرفق العام هو تحسين الخدمات لفائدة المرتفق، وهكذا و حسب الظهير الشريف رقم 1.06.05 الصادر في 15 من محرم 1427 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية حيث يعتبر التدبير المفوض عقدا يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى المفوض ، لمدة محددة، تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته ، إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه يخول إليه حق تحصيل أجره من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا. و يمكن أن يتعلق التدبير المفوض كذلك بإنجاز أو تجهيز منشأة عمومية أو هما معا أو تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض (حالة ليديك بالدارالبيضاء، وحالة ريضال بالرباط، أمانديس طنجة/ تطوان على سبيل المثال.. ) يتميز التدبير المفوض عن بعض أشكال التدبير الأخرى، إذ يعتبر التدبير المفوض هو مجموع الإجراءات التي بمقتضاها يتم تفويض التدبير لقطاع تكون الدولة هي التي تباشر تدبيره، فيصبح نتيجة لذلك مفوضا بتسييره للخواص سواء كانوا شخص أو أشخاصا ذاتيين أو معنويين . ويهدف هذا القانون إلى إحداث إطار مؤسساتي عام ، موحد ومشجع لتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص يتسم بالمرونة والوضوح ويأخذ بعين الاعتبار مصالح المنتفعين والشركاء الخواص. انطلاقا من هذا فإن المرفق العام يرتبط بوجود المرفق، وبالتالي فإن الهدف الأساسي من وجود هذا المرفق هو تحسين الخدمات لفائدة المنتفعين، وهكذا فكل إصلاح أو تغيير في أشكال تدبير المرافق العامة لا يجب أن تمس بأي شكل من الأشكال المرتفق و مصالحه، وما لجوء الدولة إلى التدبير المفوض إلا رغبة منها في تحسين جودة الخدمات لأن طرق التسيير المعتمدة من قبل الخواص تتميز بالبساطة وسرعة ستمكن لا محالة من تقديم خدمة عمومية في وقت مناسب وبجودة عالية مما يلبي حاجيات المواطن باعتباره وسيتم الحرص على أداء هذه الخدمة باحترام كل المعايير العالمية للجودة. إذا كان التدبير المفوض في المغرب بالاستناد إلى التجارب الأولية المطبقة له والمتمثلة في تفويت الماء و الكهرباء في بعض المدن المغربية كطنجة مثلا، شرعت في تطوير تنظيم المؤسسة، بتركيزها على الانتقال بثقافة التدبير الإداري يرقى إلى اعتبار الزبون هو الحلقة الأساسية، قصد الوصول إلى خدمة حقيقية ، حيث يعتبر المستهلك كزبون مستفيد من حقه كاملا، وقد وضعت هذه المؤسسات/الشركات - أمانديس طنجة - خطة وسطرت مجموعة من الأهداف، التي تنوي تحقيقها في هذا القطاع لإعادة تنظيمه وهيكلته بشكل متطور و يستجيب لحاجيات المنتفعين، وتتمثل مجمل مقتضياته فيما يلي: إدخال تحسينات هامة على نوعية الخدمات وكيفية تقديمها وتشمل بالخصوص: - تكوين لجنة الوساطة من أجل معالجة الشكايات، حيث سيتم تحديد تشكيلة لجنة الوساطة من طرف السيد عمدة مدينة طنجة، و ستمكن هذه اللجنة الزبون من الاضطلاع بطريقة منتظمة و ممنهجة على شكايته. - منح تسهيلات بالأداء بالنسبة لتقييمات الربط و القيام بحملة لاستبدال العدادات المشتركة بعدادات فردية. - القيام بحملة لمراقبة دقة عدادات الكهرباء، و كذا القيام بدعم و تقوية سياسة القبلية للعدادت. - تقوية وسائل تسويق المصابيح الاقتصادية. - تقوية شبكة جوار الهدف الانتقال من 43 نقطة بيع جوار إلى 75 نقطة، و الانتقال إلى مجانية الخدمة. - إحداث خدمات جديدة: تمكين الزبناء من الأداء عبر: الشبابيك الأوتوماتيكية، إحداث موقع إلكتروني للأداء. إصدار فواتير بحلة جديدة تمكن الزبون من تتبع سجل ضبط الاستهلاك. - الشروع في العدادات المسبقة الدفع مع تحمل أمانديس و السلطة المفوضة مصاريف اقتناء و تركيب العداد. - معالجة المقترحات المقدمة من طرف رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين لتحسين جودة الخدمات المقدمة من طرف أمانديس. ومن جانب آخر فالبنسبة للتعريفة التي تشكل الهاجس الأول بالنسبة للمستفيدين من خدمات المرفق العمومي، نجد أن عقد التدبير المفوض يحدد الأثمنة المتوسطة القابلة للتطبيق سنة بعد أخرى وكذا الشروط التي يمكن لهذه الأثمنة أن تضبط على أساسها تبعا للتغيرات التي تعرفها أثمنة المواد التي تتزود بها هذه الشركات من لدن المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، أو تبعا لمستويات التضخم، كما يتم تحديد مستوى معدل أثمنة الماء والكهرباء والتطهير حسب الاستثمارات المنتظرة في مختلف المجالات التي تتكفل بإدارتها الشركة المعنية. من خلال ما سبق يمكن التساؤل حول:الضمانات الممنوحة للمنتفع في إطار التدبير المفوض و علاقتها بمبادئ المرفق العام؟ في البداية لابد من التذكير إلى أن حالات المنتفع تختلف بحسب طبيعة المرفق، فهناك مرافق ذات طبيعة إدارية (مرفق النظافة مثلا) وتربط المنتفع بهذه الشركات علاقة تنظيمية وليست تعاقدية، وبالتالي فإن المحاكم الإدارية تبقى هي الجهة المختصة للبث في النزاعات التي تطرح في هذا المجال كما نجد أن هناك مرافق ذات طبيعة صناعية وتجارية تربط المنتفع بها علاقة تعاقدية، وبالتالي فإن المحاكم العادية تبقى ذات الاختصاص للفصل في النزاعات التي تنشأ في هذا الإطار، لكن بالمقابل تبقى المقتضيات المرتبطة بالمبادئ العامة للمرافق العمومية خاضعة للقانون العام كما نصت على ذلك المادة 3 من القانون رقم، 05/ 54 حيث يتولى المفوض إليه مسؤولية المرفق العمومي مع التقيد بمبدأ المساواة بين المرتفقين ومبدأ استمرارية المرفق. أولا: القواعد العامة التي تحكم المرافق العمومية: يمكن القول إن قانون واحد يحكم المرافق جميعا، بات أمر من المحال تجسيده في الواقع العملي بسبب اختلاف طبيعة نشاط كل مرفق، غير أن ذلك لا يمنع من إخضاع لكل المرافق إلى مبادئ معينة اتفق الفقه والقضاء بشأنها وأضحت اليوم من المسلمات في نظرية المرافق، وتتمثل هذه المبادئ في: - مبدأ مساواة المنتفعين أمام المرفق. - مبدأ سير المرفق العام بانتظام واطراد. - مبدأ قابلية المرفق للتغيير والتبديل. أ-: مبدأ المساواة المنتفعين أمام المرفق: إن مبدأ المساواة أمام المرافق العامة هو امتداد للمبدأ العام هو مساواة الأفراد أمام القانون، والذي بات يمثل اليوم حقا من حقوق الإنسان وحقا دستوريا أعلنت عنه مختلف الدساتير. و يترتب على هذا القول نتائج تتمثل في مبادئ فرعية هي مساواة المنتفعين من خدمات المرفق والمساواة في الالتحاق بالوظائف العامة. 1) : مساواة المنتفعين من خدمات المرفق : يقتضي هذا المبدأ وجوب معاملة المرفق لكل المنتفعين معاملة واحدة دون تفضيل البعض على البعض الأخر لأسباب تتعلق بالجنس أو اللون أو الدين أو الحالة المالية وغيرها، ويعود سر إلزام المرفق بالحياد بعلاقته بالمنتفعين إلى أن المرفق تم إحداثه بأموال عامة بغرض أداء حاجة عامة، ومن هنا تعين عليه أن لا يفاضل في مجال الانتفاع بين شخص وشخص وفئة وأخرى ممن يلبون شروط الانتفاع من خدمات المرفق، ولا يتنافى هذا المبدأ مع سلطة المرفق في فرض بعض الشروط التي تستوجبها القوانين والتنظيمات كالشروط المتعلقة بدفع الرسوم أو إتباع بعض الإجراءات أو تقديم بعض الوثائق. 2 ) : المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة: يترتب على المبدأ العام وهو المساواة أمام القانون حق الأفراد بالالتحاق بالوظائف العامة، و لا يجوز من حيث الأصل فرض شروط تتعلق بالجنس أو اللون أو العقيدة للاستفادة من وظيفة معينة، فالالتحاق بالوظائف العامة بات اليوم يشكل حق دستوريا يتمتع به الأفراد، غير أن التمتع بهذا الحق لا يمنع المشرع من أن يضبط الالتحاق بالوظائف بشروط محددة تتعلق بالحالة السياسية (الجنسية) والسن وحسن السيرة السلوك وغيرها. ب:مبدأ سير المرفق العام بانتظام واضطراد: تؤدي المرافق العامة دورا كبيرا داخل المجتمع أيا كان موضوع نشاطها، وهذا يفرض أن تقدم خدماتها للجمهور بشكل مستمر ومتواصل، فلا يمكن أن نتصور مثلا توقف جهاز القضاء عن الفصل في الخصومات، أو توقف جهاز الأمن عن أداء مهامه أو مرفق الدفاع. إن توقف أحد هذه الأجهزة وغيرها سينجم عنه لا شك إلحاق بالغ الضرر بالمصلحة العامة وبحقوق الأفراد، لذا تعين على المشرع وبغرض تحقيق المقصد العام وهو استمرارية نشاط المرفق وقيامه بالخدمات المنوطة به أن يعد من الآليات القانونية مما يضمن أداء الخدمة وتواترها وانتظامها وعدم انقطاعها. فمن حق المنتفع الاستفادة من خدمات المرفق في المكان والزمان المخصص لذلك، و إذا تعرض المرفق لعوائق تقنية مثلا تحول دون تحقيق عنصر الانتفاع وجب أن يعلم المرتفقين بذلك. فإذا أرادت مثلا شركات الكهرباء القيام بأشغال معينة وقطع التيار الكهربائي لمدة معينة وجب أن تعلن الزبناء بذلك وكذا الحال بالنسبة لتوزيع المياه. ويعتبر مبدأ الاستمرارية أكثر المبادئ وزنا لأن القضاء الإداري كثيرا ما اعتمد عليه، ولأن معظم أحكام ومبادئ القانون الإداري تخص هذا المبدأ ومتفرعة. ج: مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير: سبق القول أن المرافق العامة تخضع لقوانين وتنظيمات وهذه القوانين والتنظيمات منها ما يحكم المرفق العام من حيث تنظيمه وهيكلته، ولا يقتصر التغيير على القواعد المنظمة للمرفق، بل يمتد أيضا لأسلوب إدارته فيجوز تغير أسلوب الإدارة من الإدارة المباشرة إلى المؤسسة العامة، أو من المؤسسة العامة إلى الشركة المختلطة، أو إلى التدبير المفوض وللمرفق أيضا أن يفرض رسوما لقاء الخدمات التي يقدمها أو أن يخفض من هذه الرسوم إذا رأى في ذلك مصلحة، ولا يجوز لأي كان الاحتجاج على هذا التغيير. ولقد أكد القضاء الإداري في مصر هذا المبدأ بقوله: « من المسلم قانونا أن للجهة الإدارية سلطة وضع الأنظمة التي تتولاها سيرا منتظما ومنتجا وكذلك لها تعديل هذه الأنظمة بما تراه متفقا مع الصالح العام دون أن يكون لأحد من الناس الإدعاء بقيام حق مكتسب في استمرار نظام معين.» وبناء على هذا المبدأ إذا غيرت الإدارة في نظام المرفق من أسلوب إلى آخر فليس للموظفين التمسك بالنظام القديم الذي كان يحكمهم، كما أنه ليس من حق المنتفعين التمسك بمجانية الخدمة خاصة إذا غيرت الإدارة الأسلوب من طريقة الاستغلال المباشرة إلى أسلوب المؤسسة. و ترتيبا على ذات المبدأ ليس من حق المتعاقد مع الإدارة في عقد الالتزام أن يحول دون ممارسة حقها في تغيير بعض بنود العقد بما يتماشى ومصلحة المنتفعين مع الاحتفاظ بحقه في التوازن المالي. تعتبر هذه المبادئ حقوقا مبدئية للمنتفع تسمح له المطالبة باحترامها، و باللجوء إلى القضاء للمطالبة بإلغاء كل المقتضيات المتضمنة في عقد التفويض والتي تمس بهاته المبادئ كما هو الشأن مثلا حينما يتعلق الأمر بالمساس بمبدأ المساواة 2 أمام المرفق العمومي أو استمراريته. كما يمكن أن نظيف لهذه المبادئ مسألة الشفافية و المشاركة التي من اللازم التوفر عليهما لما لهما من دور في خلق نوع من المصداقية بين الزبون و الشركة. ثانيا : الشفافية: تعتبر الشفافية عنصرا أساسيا وضروريا لضمان حقوق المنتفعين حتى أصبح بعض الفقهاء يعتبرونها مبدأ من المبادئ العامة التي تحكم المرافق العامة وخصوصا المحلية منها إلى جانب مبدأ المساواة، و الاستمرارية وهذا المبدأ الجديد يفرض على السلطة المسؤولة عن تسيير المرفق سواء تعلق الأمر بشخص عمومي أو شخص خاص بإخبار المنتفعين بشروط الاستفادة من خدمات المرفق و خاصة الشروط المالية المتعلقة بتقديم خدمات المرفق، و بالقرارات الفردية المتخذة في حقهم، وأحيانا ذكر الأسباب الداعية إليها، وكذا وضع جميع الوثائق التي تسمح بتقييم سير المرفق رهن إشارة العموم. و الملاحظة التي من الممكن إيرادها في هذا المجال هي مشكلة تتعلق باللغة التي تحرر بها الوثائق التي تربط المرفق المفوض بالمنتفع، هذه الوثائق التي لا تكون في متناول أغلب المنتفعين، فاللغة الفرنسية لا تزال اللغة المهيمنة، وهو ما يطرح بإلحاح إشكالية تواصلية تتطلب تكييف العمل الإداري عموما وفقا لوضعية المنتفعين بخصوص التسيير السيئ للمرفق من طرف المفوض إليه يعتبر إجراء ضروريا لتفعيل الرقابة على هذا الأخير، ولإشراك المنتفعين في هاته العملية ، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن المشاركة في تسيير المرافق العمومية المحلية، والتي تكاد هي الأخرى أن تصبح مبدأ من المبادئ العامة 6 لهاته المرافق. ثالثا:المشاركة في تسيير المرافق العامة: تكاد هي الأخرى أن تصبح مبدأ من المبادئ العامة لهاته المرافق وينبغي التأكيد على أن المشاركة لا تعني تخويل المنتفع سلطة اتخاذ القرار، فهي لا تتجاوز الاستشارة أو التشاور، فالاستشارة تسمح للمنتفع بالتعبير عن آرائه داخل المؤسسة المكلفة بتسيير المرفق. وبالتالي فهي وسيلة للرقابة غير المباشرة أما التشاور فله أهمية مزدوجة، فهو يسمح للمسؤولين عن تسيير المرفق العمومي بمعرفة حاجيات المنتفعين، وبفتح حوار مباشر معهم كما يمكن تجنب اتخاذ قرارات فردية لا تأخذ بعين الاعتبار رأي الآخر. وأخذا بعين الاعتبار التحولات السياسية والاقتصادية التي أصبح يعرفها العالم والتي كان وسيكون لها تأثير على الاختيارات العامة بالمغرب، يمكن القول بأن هناك اتجاها نحو إعطاء المنتفع دورا ايجابيا وفاعلا في علاقته بالمرافق العمومية المحلية، وفي هذا السياق توجد العديد من المؤشرات الهامة، كالحديث عن ضرورة إدماج المجتمع المدني في عملية التنمية، عن مفهوم جديد للسلطة، انتشار ثقافة التواصل والمشاركة، قيم حقوق الإنسان، ثقافة التوافق والشفافية...إلخ إن وجود هاته المؤشرات يمكن أن يقود نحو تعزيز وضعية المنتفع إزاء المرافق العمومية المحلية، ولهذا فإن أهم الأسباب الداعية إلى التفويض تكمن في الرغبة في تحسين هذه الوضعية. و رغم كل ما سبق ذكره فإن السياسة التعريفية/ التسعيرة تبقى هي الهاجس الأول بالنسبة للمرتفقين من خدمات المرفق العمومي،و بالاطلاع على عقود التدبير المفوض لأمانديس مثلا نجدها تحدد الأثمنة المتوسطة القابلة للتطبيق سنة بعد أخرى وكذا الشروط التي يمكن لهذه الأثمنة أن تضبط على أساسها تبعا للتغيرات التي تعرفها أثمنة المواد التي تتزود بها هذه الشركات من لدن المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، أو تبعا لمستويات التضخم، كما يتم تحديد مستوى معدل أثمنة الماء والكهرباء والتطهير حسب الاستثمارات المنتظرة في مختلف المجالات التي تتكفل بإدارتها الشركة المعنية. إلا أن التعريفة كعنصر جوهري في العقد ليس لها طابع تعاقدي، و لأن تفويض تسيير المرفق غالبا ما يتم إلى الخواص فإنه يؤدي بذلك إلى الرفع من قيمتها، لأن المقاولة لن تقبل بتسيير مرفق عمومي إلا إذا كانت ستحصل على أرباح من وراء هذا التسيير، ويدل على ذلك ارتفاع الفواتير بالمدن التي تعرف هذا النوع من التسيير مثلا طنجة الدارالبيضاءالرباط ... الخ . ويمكن أن نشير، إلى محدودية ونقائص الضمانات القضائية في هذا المجال، لأن هذه الرقابة تبقى رقابة بعدية، لأن المنتفع يبقى خاضعا للقرار إلى حين صدور الحكم القضائي. كما أن الرقابة القضائية لا تمس إلا المشروعية دون الملاءمة رغم محاولات توسيع مجالات هاته الرقابة، كذلك فإن القاضي المغربي لا يمتلك الوسائل لإجبار الإدارة إن هي أخلت بالتزاماتها اتجاه المنتفع. وختاما، فإن التأكيد على أهمية التدبير المفوض واستعراض مختلف مزاياه وايجابياته لا يجب أن ينسينا أن المسألة التي يجب معالجتها في حالة الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي مسألة تحديد الشروط التي تسمح للسلطات الحكومية أن تختار أحسن شريك في هذا القطاع مما يمكن من عقلنة منح التدبير المفوض، وهو ما يتطلب من جهة نهج طريقة طلب العروض لمنح هذا الحق لأجل ضمان الشفافية، ومن جهة أخرى فإن صياغة إطار قانوني لهذا الشكل من التسيير، يقتضي اعتماد مجموعة من المعايير المناسبة لإنجاح هذه الطريقة، وضمان استفادة قصوى للمرافق العامة وذلك على النحو التالي: 1) يجب أن يكون النظام القانوني للتدبير المفوض واضحا وبسيطا، بتحديد هدف التدبير المفوض عن طريق توسيع المزايا ومحاولة تقليص الجوانب السلبية، وبذلك سيتم تعزيز التشارك بين العام والخاص من أجل تحقيق المشاريع الكبرى. 2) على السلطة في حال التفويض ألا تتخلى عن جميع سلطاتها خاصة فيما يتعلق بمراقبة التزامات المفوض إليه، والتأكد من مراعاته للصالح العام. 3) ترشيد صفقات الامتياز بشكل يوفر بنية أساسية ويسمح بوضع التعديلات المناسبة حسب كل حالة على حدة، متوافقة مع حاجيات الجماعة المعنية. 4) صياغة عقود الامتياز بشكل أكثر وضوحا، لتفادي أي تأويلات بعيدة عن المعنى الحقيقي لمقتضيات العقد، بتحديد ظروف استغلال المرفق المفوض، وكيفية تسيير الممتلكات المفوض والمقتضيات المالية (النظام المحاسبي، سياسة التمويل، الرسوم، برنامج الاستثمارات) وأيضا الرقابة على هذا التسيير، والتنفيذ الشخصي لنشاط المرفق من قبل المفوض إليه. 5) إعطاء القاضي، خاصة القاضي الإداري صلاحيات واسعة في مجال الرقابة وخصوصا فيما يتعلق باحترام مبادئ المرفق العام حتى لا تكون هناك تجاوزات من قبل الخواص خصوصا إذا علمنا أن الهدف الأساسي لهذا الأخير هو الربح. وبما أن الشريك الخاص مكلف بإدارة مرفق عمومي، وليس فقط المساهمة في إنجازه، فيجب على الدولة أن تتأكد، لا من الاستعمال الأفضل للموارد فحسب، ولكن أيضا من إرضاء الطرف العام على المدى الطويل أي الجمهور، إذ أن الشريك الذي يتولى مسؤولية تنفيذ المصلحة العمومية، فينبغي على المؤسسة احترام المقتضيات الخاصة لهذه المصلحة، فيما يتعلق مثلا: بالجودة، الاستمرارية، المساواة بين المستعملين، وقابلية التكيف مع تطور الحاجيات. إن صياغة إطار قانوني وشرعي ملائم، يتطلب الأخذ في الاعتبار كل المقاييس والمعايير التي تم ذكرها والتي تهم أساسا تطور مردودية المرافق العامة، وإنجاز الخدمة في أحسن الظروف ووفق أفضل مقاييس الجودة، وأيضا الاقتداء بالتجارب الأجنبية الرائدة في هذا المجال، خصوصا التجربة الفرنسية التي أفرزت تشريعات هامة في هذا المجال، حاولت من خلالها التوفيق بين مصالح كل الأطراف المعنية، حيث نجد أن قانون 6 فبراير 1992 المتعلق بالإدارة الترابية، أول نص تشريعي يقحم مفهوم التدبير المفوض للمرافق العامة، جاء بجملة من المقتضيات التي تضمن شفافية هذه الطريقة عند فرضه لضرورة اطلاع ساكنة الجماعات التي يبلغ عددها 3500 ساكن فما فوق كل الوثائق التي لها علاقة باستغلال المرافق العامة المفوضة. ومن جهة أخرى عمدت السلطات الفرنسية من خلال قانون رقم 122 - 93 بتاريخ 29 يناير 1993 المتعلقة بشفافية الحياة الاقتصادية ومحاربة الرشوة، إلى وضع قواعد جديدة تؤطر عملية إبرام عقود التدبير المفوض للمرافق العامة، وفق ما يلي: - إخضاع جميع التفويضات إلى طلب عمومي للترشيح ف 38 - تحديد مدة عقود التسيير المفوض في 20 سنة. - ضمان حقوق الملتزم من خلال إلغاء جميع البنود التي تتوخى تحميله تنفيذ بعض الأعمال أو القيام بأنشطة بعيدة عن الهدف من هذا التفويض. - ضرورة تبرير كل أشكال وطرق المحاسبة وكذا كل الأرقام والمكافآت المرصودة للجماعات المحلية من لدن المفوض إليه ف 40ومن جهة أخرى فإن مزايا التسيير المفوض يجب ألا ينسينا أسلوب المؤسسة العامة لأن هذه الأخيرة قد تحصل من جهة على عقد تفويض كما هو الشأن بالنسبة للخواص، بل حتى وإن حصلت على تفويض بناء على عمل فردي، فلا ينبغي التقليل من أهميتها، لأن هناك مؤسسات عمومية تعمل في وضعية جيدة وتقدم خدمات مهمة، والتأكيد على أسلوب المؤسسة العامة يتماشى مع توصيات المناظرات الوطنية للجماعات المحلية والتي نادت بإصلاح هذا الأسلوب في التسيير لأنه أصبح ضروريا وذلك بإحداث توزان بين مختلف أجهزتها وتفعيل دور المنتخب داخلها وتغيير أساليب تنظيمها (Le management participatif) باعتماد أساليب جديدة في التسيير كالتدبير بالمشاركة والذي يعتبر من أهم التقنيات الحديثة في تسيير الموارد البشرية، فالمشاركة تعلم كيفية تحمل المسؤولية، وتفتح المجال للمبادرة والخلق والإبداع، وكذلك خلق ما يسمى بدوائر الجودة ، كما لا يجب أن ننسى إعطاء المنتفعين أو المجتمع المدني دورا أساسيا عند القيام بهذا النوع من التفويض خصوصا وأنه هو المعني مباشرة بهذه العملية. المراجع المعتمدة: 1 - جريدة بيان اليوم؛ حوار مع المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء، الأربعاء 19 ماي 1999 2- ANTARI (M) ; » Le juge administratif et les garanties des droits des parties interessées ou concernées par La concession de service public « REMALD série thème actuels n? 15. 1998- p109 : 3 Audy (J. F) ; » Les services publics locaux « op. Cit. P109 : . 4- LACHAUME (J.F) ; » L?administration communale « op. Cit. P125 : . 5 احدثت جماعة فاسالمدينة مصلحة لتلقي شكايات المواطنين بخصوص تسيير مرفق النظافة والذي فوض تسييره إلى لمدة 5 سنوات شركة. GMF 6 La choume (J.F) ; » l?administration communale « op. Cit. P127 : . 7- El yaâgoubi (M) Les droits de l?usage des services publics au Maroc op. Cit p44 : . 8 Loi du 17 juin 1978 relative à l?amélioration des relations entre l?administration et le citoyen. 9 Loi 1411- 13 du code des collectivités locales français. 10 El yaâgoubi (M) ; » Les droits de l?usage des services publics au Maroc « op. Cit p47 : . 11-El Yaâgoubi (M) ; » les droits de l?usager de service public au Maroc« REMALD N? 24 juillet septembre 1998 p : 41 et 42. 12 - المؤتمر المغاربي حول الصفقات العمومية الذي انعقد بالرباط يومي21-22 فبراير 2000 المصدر وزارة المالية 13 - انظر على سبيل المثال توصيات المناظرة الرابعة للجماعات المحلية ولا سيما توصيات اللجنة الخامسة للمرافق العمومية المحلية. 14 - هي عبارة عن دوائر تجمع مجموعة دائمة من الموظفين أو المستخدمين مكونة عادة من خمسة إلى عشرة موظفين، إضافة إلى أقرب رئيس تسلسلي لهؤلاء، وتجتمع هاته الدوائر بانتظام من اجل حل المشاكل المرتبطة بالجودة والإنتاج وظروف العمل وإعطاء المؤسسة العامة حرية أكبر في مجال التسيير. Conseil d?Etat la reforme des Etablissement public, Rapport adopté par l?assemblée générale du Conseil d?Etat le 15 Janvier 1971 la documentation française 1971 p57 . طالب باحث بكلية الحقوق بطنجة