مسيرة بالآلاف. وشعارات اختلط فيها المناصر لنضال الفلسطينين مع المنتقد للحكومة المغربية في شخص رئيسها عبد الاله بنيكران، “مع شعارات الشعب يريد..” التي تذكر بعضا من أعضاء جماعة عبد السلام ياسين في أيام اكتساحهم لخرجات حركة 20 فبراير. في الواجهة الأخرى حرص السلطات على تأمين اكبر قدر من مرور موكب العدليين الضخم بدون أي اصطدام: غياب شبه تام لقوات الامن من الشوارع التي مرت منها المسيرة ماعدا بعض المسؤولين الذين كانوا يراقبون عن بعد تحركات المسيرة، وبعض الافراد الذين وقفوا امام البوابة الرئيسية لمبنى البرلمان. في الصباح كانت سلطات العاصمة الرباط قد حسمت حتى مع حركة المرور في الشوارع التي ستستقبل جموع العدليين، في الغالب تم منع وسائل النقل العمومية من حافلات للنقل الحضري وسيارات الأجرة من المرور في شارعي محمد الخامس والحسن الثاني. استعراض قوة أم مناصرة قضية؟ خلال اليومين الماضين، تداول نشطاء جماعة العدل والإحسان على نطاق واسع على صفحاتهم في الموقع الاجتماعي “الفايس بوك” موقع انطلاق المسيرة من ساحة باب الحد وسط العاصمة الرباط. استعان نشطاء الجماعة بخرائط للعاصمة الرباط ليبينوا لمن اراد المشاركة منهم في المسيرة. لم يكن يحتاج اعضاء الجماعة سوى لتتبع الخطاطة التي تداولها العارفون منهم بدروب العاصمة حتى يلحتقوا بسهولة بنقطة انطلاق المسيرة. في الصباح تم تجاوز تلك الرسوم والخطاطات. بعدما تبين أن جماعة العدل والاحسان تمكنت من ملأ الجزء الاكبر من شارع محمد الخامس وجزء مهم من شارع الحسن الثاني: عند انطلاق المسيرة مع العاشرة من صباح يوم أمس كان اول المسيرة في ساحة البريد وكان اخرها بالقرب من “اوطو هول بحي الليمون” ما يقارب الكليومترين كانت تفصللا مقدمة المسيرة عن نهايتها. هل كانت المسيرة التي دعت إليها الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة التابعة لجماعة العدل والإحسان “بالمسيرة العالمية الى القدس” مجرد نصرة لقضية يشترك فيها تقريبا كل المغاربة أم كان اتجاها لاستعراض قوة خفتت بعض ملامحها بعد طلاق الجماعة لحركة 20 فبراير؟. نشطاء الحركة يقولون إن الأمر مجرد نصرة لقضية القدس التي لم تتخلف عنها الجماعة في يوم من الأيام. الملاحظون يقولون إن الجماعة اختارت اختبار قوتها في الشارع العام وقوتها الصرفة فقط دون أي “اختلاط” مع أي من هيئات المجمتع المدني المغربية التي تساند كفاح الشعب الفلسطيني، في هذا الصدد كان الجماعة قد رفضت تنظيم مسيرة مشتركة في العاصمة الاقتصادية دعت إليها اللجنة المغربية لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني. نشطاء الجماعة فسروا رفض المشاركة المشتركة بأن الإعلان عن تنظيم المسيرة كان في وقت سابق، ولم تملك الجماعة خيارا في التراجع عنه. الملاحظون والمتتبعون قالوا بأن الجماعة تريد فعليا اختبار قوتها في الشارع العام، خاصة وأن السلطات العمومية تتعامل بنوع من المرونة مع المسيرات والوقفات المساندة للشعوب العربية. تأتى لجماعة العدل والاحسان أمران في مسيرتها ليوم أمس، تعامل لين للسلطات مع المسيرة، بل إن السلطات سهلت مأمورية المنظمين للمسيرة عبر إغلاق شوارع بكاملها في وجه حركة المرور، وهو ما مكن العدليين من تنظيم المسيرة دون أي معيقات تذكر. في المقابل اظهرت اعضاء الجماعة قوة تنظيمية محكمة لم تترك مجالا للفوضى، المحلات التجارية ظلت مفتوحة طلية اليوم وفي الغالب من الأحيان كان المشاركون في المسيرة يتزودون بحاجياتهم من تلك المحلات. بعض اعضاء الجماعة تكفلوا بجمع الازبال التي كان المشاركون يخلفونها ورائهم. القدس مركب الجماعة لانتقاد الحكومة بعيدا عما نشره موقع الجماعة على الانترنت نقلا عن عبد الصمد فتحي منسق “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة” من أن مسيرة يوم أمس من أجل القدس وفلسطين، و لما يتعرض له القدس من مخططات التهويد وما يعانيه المقدسيون من تضييق على يد سلطات لاحتلال ومحاولات تهجيرهم.” كان المشاركون في المسيرة يستغلون أية فرصة للانقضاض على حكومة عبد الإله بنكيران. قبالة الشارع الذي يضم محل سكن عبد الإله بنيكران كان المشاركون في المسيرة يرددون بصوت واحد شعار “زيرو الحكومة المغربية” بعدما ذكرهم صاحب مكبر الصوت بتواجد وفد من اسرائيل للمشاركة في اشغال اجتماع لجمعية برلمانات البلدان المتوسطية. لم ينتظر المنظم سوى ثوان قبل أن تنطلق الحناجر في ترديد عبارة “شوهة، شوهة” “الحكومة المغربية شوهة”. مقدمة المسيرة التي كانت يتقدمها جل اعضاء مجلس الارشاد بالجماعة، حافظت على الشعارات المسطرة للمسيرة، في مقابل ذلك كانت الحشود البعيدة عن المقدمة تنتهز أية فرصة لرفع شعارات ضد الحكومة، في مرات قليلة رفع بعض المشاركين في المسيرة أيديهم اعتراضا على كل الشعارات الغير مسطرة في المسيرة إلا أنهم عجزوا عن اقناع رافعي الشعارات المنتقدة للحكومة بالكف عن رفعها. اختتمت المسيرة كما ابتدأت بدون أي احتكاك بين المشاركين والسلطات العمومية. ما تغير في مخطط المسيرة لم يكن إلا نقطة الانطلاق ونقطة النهاية. تغاضي المنظمون عن نقطة البداية وتجاوزوا كثيرا ساحة “باب الحد” التي أعلنوا أنها نقطة انطلاق المسيرة، كما تغاضوا عن نقطة النهاية التي كانت مقررة أمام محطة القطار الرباطالمدينة وتجاوزوها إلى غاية شارع النصر. الجيلالي بنحليمة.