لحظات عصيبة ملؤها الخوف والرعب، عاشتها ساكنة حي الداوديات بمقاطعة جيليز على امتداد ساعات مساء أمس الإثنين. ألسنة نيران ملتهبة وأعمدة دخان متصادعة تكتم الأنفاس، بعد أن غزت بكثافتها المنازل المجاورة والمحلات التجارية المتاخمة، فيما سارعت القوات العمومية بضرب طوق على المكان ومنع الدخول والخروج. كانت الأسر مجتمعة على طاولات الإفطار داخل بيوتاتها، فيما انصرف بعض أصحاب المحلات التجارية لتناول ما تيسر من فطور بعد يوم صيام مرهق، حين بدأت الأنوف تلتقط روائح حريق يجهل مصدره، قبل أن تخيم على المكان سحابة من الدخان الكثيف. سارع المواطنون لاستجلاء مصدر هذه الأدخنة، ليطالعهم مشهد رهيب من داخل قاعة سينما الريف المتواجدة بقلب الحي، والتي توقفت عن العمل منذ سنوات لتبقى بذلك فضاء خلاء ينعق فيه البوم والغراب. انطلقت ألسنة النيران في التهام الأخضر واليابس، وبدأت ألوان حريق مهول ترسم بقتامتها مشهدا مرعبا، حيث بدا للجميع أن النيران الملتهبة، بدأت تنتشر بفضاء القاعة السينمائية يساعدها في ذلك وجود مئات الكراسي الخشبية. استنفرت مصالح الوقاية المدنية طوابير سياراتها الصهريجية والعديد من عناصرها المدججين بمختلف وسائل مكافحة الحرائق، في محاولة للسيطرة على الحريق ومنع امتداداته للمنازل والمحلات المجاورة. تطلبت مجهودات الإخماد ساعات عصيبة، قبل أن تتكلل بالسيطرة على الوضع، وينقشع المشهد عن خسائر مادية جسيمة، حيث أتت النيران على محتويات القاعة السينمائية التي تعتبر من أقدم القاعات بمراكش، والتي ظلت تقدم عروضا سينمائية على امتداد عقود من الزمن، قبل أن تقسو عليها عوادي الزمن والتطورات التكنولوجية، وتصيبها بحالة شلل تام، بقيت بعدها خارج تغطية العروض السينمائية. وتحولت محتويات القاعة إلى أثر بعد عين، وباتت كل أجهزتها وتجهيزاتها عبارة عن ركام من الحطام، فأفسح المجال لعناصر الشرطة العلمية لتتبع ما علق من آثار تحت الأنقاض بحثا عن أدلة من شأنها تحديد أسباب اندلاع الحريق. إسماعيل احريملة