أسابيع بعد انسحابها من حركة 20 فبراير ، بدأت خطة الجماعة في المواجهة مع الدولة تتضح، فقد اختار مريدو عبد السلام ياسين تأجيج الإحتجاجات بالأحياء المهمشة في المدن واستغلال مأساة العاطلين في التصعيد. في كل الوقفات الإحتجاجية للعاطليين بالرباط وفي مختلف المدن تجد بصمة العدليين. المنتمون إلى الجماعة خططوا لتحويل مطالب الشباب الباحث عن العمل إلي وقود لتأجيج الشارع، ولو بدفع بعض منهم لتقديم حياتهم قربانا ل«قومتهم». ذلك كان وراء العديد من حالات الإحتراق وصب البنزين على الذات في حوادث يمكن تفسيرها سوسيولوجيا سوى بوجود تأطير عقدي وتعبئة وإعداد نفسي لدفع الشباب للموت اعتقادا منه أن يخدم قضيته. بصمات الجماعة وتحويلها لوقفات العاطلين بالرباط أبانت أيضا عن سعي الجماعة لاستغلالها لتحقيق أجندتها. ففي يوم تقديم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران خططت الجماعة المتحكمة عن بعد في مجموعات المعطلين لإحراج «إخوتهم في البيجيدي». ذلك ما أظهره حينها شريط تم بثه على اليوتوب نشرته ما يسمى «لجنة اعلام التنسيقية الوطنية للأطر المجازة»، وكانت الخطة هي محاصرة أعضاء الحكومة داخل مبنى البرلمان، وإغلاق كل الأبواب المؤدية إليه. الطريقة التي وزعت بها المهام بين المجموعات بينت أن هناك تخطيطا متقنا وأنه لم يكن اعتباطيا بل من تدبير عاطلين ينتمون لفصيل سياسي هو «العدل والإحسان». كما أن الشعارات التي رفعها العاطلون حينها هي أبعد من مجرد المطالبة بفرصة عمل وكرامة، إذ فضحت حقيقه استغلال مآسي الشباب العاطلين على غرار استغلال الدين لدغدغة عواطف المنتسبين إليها. شعار «وخا تعيا ما تطفي... غاتشعل غاتشعل نار الجماهير»، الذي لا علاقة له بالمطالبة بالعمل، بل يحمل تهديدا باشعال النار وإراقة الدماء. اشعال النار في مختلف المدن هي استراتيجية الجماعة، التي لم يعد يهمها الوقفات والإحتجاجات السلمية، ذلك ما تم مؤخرا في تازة يوم الأربعاء وقبل ذلك في بن جرير كل ذلك من تدبير أيادي خفية لعبت فيها الجماعة دورها، فهي التي صارت تبحث لدفع القوات الأمنية للتدخل ضدها لتراق الدماء وتسقط الأرواح لأن ذلك يخدم أجندتها المرحلية، ولا يهمها تحقيق مطالب الساكنة أو العمال أو حتى العاطلين. لا تخفي الجماعة ذلك فهي لا تزال متمسكة بوصف النظام في الملغرب بأنه «حكم عاض»، ويصرح قياديوها من بينهم حسن بناجح في أحد حواراته مؤخرا أن « مشكل جماعة العدل والإحسان ليس قائما مع أي حزب في المغرب، وإنما مع نظام الحكم» وأن هدف الجماعة هو ما تسميه «تغيير النظام». ولذلك فإن الجماعة ما دامت قد وجدت نفسها في حركة 20 فبراير مسيجة بسقف محدد من المطالب فكت ارتباطها بمكوناتها، واختارت استراتيجية «خط الشارع» ولأنه حسب المكلف بالإعلام في الجماعة «التغيير من داخل المجتمع وضغط الشارع هو أكثر فاعلية من العمل من داخل المؤسسات». يعتبر العدليين أنسفهم القوة المؤثرة في البلاد بل و«المتحكمة في مصائر المشهد السياسي المغربي» كما قال قيادي فتح الله أرسلان في حوار له مع أسبوعية مغربية مؤخرا، ولذلك فهي ليست في حاجة إلى حركة20 لأنه كما يقول القيادي ذاته «الحركة بسقفها المفروض ووتيرتها وصلت إلى أقصى ما يمكن أن تحقق»، ولذلك حين فشلت الجماعة في التحكم في حركة العشرينيين و«مراجعة أساليبها ووتيرتها» وفق أجندتها، تخلت عن حلفائها في منتصف الطريق. بل بدأت في انتقادها وتعتبرها كما قال القيادي أرسلان أن «استمرار الحركة بصيغتها الحالية أكبر خدمة للاستبداد والفساد»، بل اعتبرت أن «الحركة مستنفذة لأغراضها وسيصبح المستفيد الأكبر منها هو المخزن»، ولذلك عادت الجماعة لقلاعها المعهودة وهي الجامعات والقطاعات العمالية واحتجاجات ساكنة الأحياء المهمشة في مختلف مناطق المغرب، وكل ذلك لتؤجج لهب النار خدمة لأجندتها.