يزداد الوضع سوء يوما بعد يوم بمعبر باب سبتةالمحتلة، فمع تزايد الإجراءات الأمنية من الطرفين وارتفاع أعداد العابرين، تحول المعبر لجحيم حقيقي، ولا أمل يلوح في الأفق لعودة الأمور لحالها الطبيعي أو تخفيض الاكتظاظ الذي يعرفه المعبر منذ أشهر قليلة. طوابير من السيارات تمتد لمسافة تختلف من يوم لآخر، وانتظار قد يدوم لثلاث ساعات قبل العبور لمسافة تقل عن الكيلومترين، بين معبرين، أحدهما تراقبه السلطات المغربية والثاني في يد السلطات الإسبانية، حيث المرور ببطء ويقل عن سير السلحفاة، وحيث عدد السيارات يفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للمعبر وللعاملين به، وحيث تلجأ السلطات السبتية بين الفينة والأخرى لإغلاق المعبر، خاصة في فترات الذروة، حينما يصل عدد العابرين إلى معدل لا يمكن للمدينة السليبة تحمله. المشهد أصبح يوميا، ولم يعد يقتصر فقط على بعض فترات العطل والأيام الخاصة، فقد أصبح الاكتظاظ يوميا، وليس فقط مع تواجد عابرين جدد من غير ممتهني التهريب، فهؤلاء لم يعد أحد منهم يستطيع الاقتراب من المعبر. بل حتى المسافرون، عبر ميناء سبتةالمحتلة، أصبحوا يعانون الأمرين، ويطالبون السلطات بالمعبرين، بتوفير ممر خاص بهم، فمنهم من يقضي ساعات طوال بين المعبرين، مما يجعله يضيع فرصة السفر وقد لا يسمح له باستبدال التذكرة أحيانا. مصادر جد علمية ومقربة من سلطات المعبر، أكدت أن جل العابرين هم من ممتهني التهريب، الذي لم يعد معاشيا، بل أصبح يأخذ أشكال أخرى مختلفة، عن التهريب المعاشي التقليدي الذي كان الكثيرون يعملون فيه، بل أصبح تهريبا منظما من طرف مافيات كبيرة، تسخر جحافل من البشر لصالحها، والهدف هو نقل كميات كبيرة من السلع المهربة بالتقسيط، لتفادي التعشير من جهة، وتفادي حجزها كاملة. وأكدت المصادر ذاتها في تصريحات سابقة للجريدة، أن أربعة أو خمسة أشخاص، يشكلون عصب حركة التهريب كاملة بمعبر باب سبتة، وأن المئات من الحمالين يشتغلون لحسابهم مقابل مبالغ مالية تختلف حسب الرزمة ومحتواها، لكنها مبالغ لا تقل عن 200 درهم كحد أدنى، وقد تصل في بعض المناسبات لقرابة 100 أورو (أكثر من 1000 درهم)، مما يدل على مستوى التجارة التي تتم حاليا عبر الممر، فيما فئة قليلة جدا هم ممن لازالوا يعولون على مداخيل التهريب المعاشي الذي يمارسه البعض. أمر يجعل أعداد ممتهني هذا النوع من التهريب أو الحمالة، يتزايد يوما بعد يوم، فقد كشف مصدر مسؤول بالمعبر للجريدة، عن كون أعداد حاملي جوازات السفر التطوانية في تزايد مستمر، وأن هناك «تجارة مربحة» للبعض، لتمكين بعض النازحين من مناطق مختلفة من شواهد للسكنى تمكنهم من الحصول على جواز السفر التطواني، وأن أكثر من 80% من العابرين من ممتهني هذا النوع من التهريب، لا يتوفرون على بطائق وطنية تعود لتطوان والضواحي، وجلهم قادمون من مناطق مختلفة، بهدف العمل بمعبر باب سبتةالمحتلة. السلطات المغربية ونظيرتها الإسبانية، يدرسان منذ مدة سبل الخروج من هذا المأزق، حيث روجت الكثير من الجهات، لإمكانية حرمان من لا يتوفرون على بطائق وطنية تابعة لتطوان من الدخول، فيما ذهبت أخرى أبعد من ذلك، واعتبرت أن الدخول سيكون مقتصرا فقط على من لهم جوازات سفر صادرة عن المضيقالفنيدق، وهو أمر لن يكون مجديا، خاصة وأن هناك من أصبحوا يحترفون توفير وثائق الإقامة والسكن، ناهيك عن تسبب هذا الأمر في تزايد البناء العشوائي نتيجة النزوح الكبير لآلاف العاملين بالمعبر. مصطفى العباسي