تحول باب سبتةالمحتلة لمعبر للخوف والذل والمهانة، أكثر مما كان عليه الوضع سابقا، وأصبح تهديدا حقيقيا للأمن. صور وأشرطة فيديو نشرتها بعض وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية الإسبانية أساسا، باحترافية كبيرة تم تصويرها وإنجاز روبورتاجات عن ما أصبح يحدث يوميا بهذا المعبر. آخر الأشرطة التي تم بثها، والتي تعود لمساء يوم الخميس المنصرم، تلك التي تظهر مجموعة من النساء والرجال وحتى الأطفال، من ممتهني التهريب، يعودون أدبارهم جريا من جهة نقطة التفتيش المغربية، في اتجاه سبتةالمحتلة، وهم يصيحون «الله أكبر ..بيبا إسبانيا» أي «تحيا إسبانيا»، بعد أن تم منعهم من المرور من الجانب المغربي، ومحاصرتهم من طرف الجمارك المغربية، خاصة وأن أعدادهم كانت كثيرة جدا. الصور المنقولة أصبحت مشهدا يوميا تختلف بعض جزئياته، لكن تفاصيله وشكله العام يبقى متشابها، آلاف من ممتهني التهريب، محملين بأكياس تفوق حمولتها الأربعين كيلوغراما أحيانا، على الظهور في الغالب أو محتضنة بين الأيادي على الصدر، يحاولون المرور عنوة عبر نقطة التفتيش المغربية، حيث يتم منعهم ومحاصرة، مما يجعلهم يرابطون بجنبات المعبر في الجانب الإسباني، أو فيما بين المعبرين، مما يجعل السلطات الإسبانية في الغالب تتدخل لدفعهم نحو الخروج، تفاديا لقطع المعبر المستعمل من طرف مسافرين وعابرين لا علاقة لهم بالتهريب. الوضع أصبح خطيرا وكارثيا ينذر بالكثير من العواقب على المدى القريب، يقول أحد المتتبعين، الذي يرى أن تزايد أعداد ممتهني التهريب، ورغبتهم الملحة في العبور عنوة، وعدم قدرة السلطات المغربية كما نظيرتها الإسبانية بالمعبر، ضبط الأمور ستجعل الغلبة في كثير من الأحيان لهؤلاء، خاصة في ظل ترويج البعض لكونهم ضحايا، فيما وقفت الجريدة وقبلها مجموعة من المتتبعين، على حقيقة الوضع، ليتبين أن جل المهربين الصغار يشتغلون مع مهربين كبار جدا، وأنهم فقط «حمالون» يخرجون بضاعتهم. وكشف مصدر جد مقرب وحسن الاطلاع، عن كون الأمور تغيرت بالمعبر، ولم يعد يمتهن ما يسمى بالتهريب المعاشي سوى فئة قليلة جدا، وأن الغالبية العظمى يشتغلون مع مهربين كبار، يقومون بإخراج سلعهم ب«التقسيط»، على شكل «بورطوس» (الرزمة) تتراوح اوزانهم بين 40 و 50 كيلوغراما، حيث يمر حاملها، رجلا كان أو امرأة أكثر من مرة في ذهابه وعودته، مما يعني أنه يخرج أكثر من رزمة واحدة، علما أن ثمن الرزمة الواحدة في الحالات العادية يتراوح بين 200 و 800 درهم، حسب محتوى الرزمة ووضعية المراقبة بالمعبر، إلا أن الوضع الحالي، رفع من هذا المبلغ أضعافا مضاعفة، فوفق تقرير رسمي إسباني، فإن مبلغ إخراج الرزمة الواحدة، بلغ خلال الأسبوع الأخير، بفعل الوضع الحالي، أكثر من 130 أورو، أي قرابة 1500 درهم مغربية، بالنسبة للألبسة والأقمشة الصينية.. وقالت مصادر من بين المهربين انفسهم، أن هناك ثلاثة أو أربعة «بارونات» كبار يتنافسون فيما بينهم على جلب السلع، وأن جل العابرين يشتغلون معهم، وقليلون جدا من يشتغلون لحسابهم الخاص، ممن لازالوا يمتهنون التهريب المعاشي ليحصلوا على قوة يومهم، فيما الأغلبية العظمى يشتغلون تحت أجنحة البارونات الكبار، الذين لا يعرف أحد ما يخرجونه، وكيف يمكن أن يصل ثمن إخراج الرزمة الواحدة 130 أورو، لأقمشة تنزل جهارا وبأثمنة أقل بدرب عمر بالدار البيضاء، لا فرق بينهما سوى أن واحدة مهربة من باب سبتةالمحتلة، والأخرى وصلت بطريقة قانونية. ويترقب الكثيرون أن تزداد الأوضاع سوء بمعبر باب سبتةالمحتلة، مع اتقراب عطلة رأس السنة، حيث سيحاول المهربون أن يجلبوا المزيد من السلع، لكونهم سيكونون بدورهم في عطلة طالما كانت محلات سبتةالمحتلة مغلقة ومعطلة، وهو ما سيجلعهم يضاعفون الكميات المهربة، وبالتالي مضاعفة المشاكل والهجمات وما إلى ذلك من المشاهدة، الغير مشرفة التي تنقل عبر مختلف الوسائط الاجتماعية، وتظهر العابرين والذين هم مغاربة، في صور بشعة جدا… مصطفى العباسي