كشفت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في تطوان، في تقرير مفصل حول المعبر الحدودي باب سبتة، عن أسماء وهويات رجال الأمن المتواطئين مع بعض رجال الأمن في باب سبتة يتولون التنسيق بين من سمتهم «العصابات المختصة» في التهريب والجمارك وبين ضباط الأمن الإسباني، حتى يتمكن «بارونات التهريب» من ممارسة نشاطهم غير القانوني بعيدا عن المراقبة والحجز. وأفاد التقرير، المنجز في 19 صفحة، والذي توصلت «المساء» بنسخة منه أنه «عند تهريب أطنان من الحشيش، يحصل أباطرة المخدرات على «أكياس» من عملة الأورو، وبواسطتها يتم شراء الأطنان من السلع من سبتةالمحتلة، فيقوم بارونات التهريب المنظَّم للسلع بتهريبها إلى الفنيدق وبيعها لصالح تجار يحققون أرباحا خيالية، ليحصلوا بذلك على ملايير الدراهم، فتتم إعادة شراء الحشيش وتصديره من جديد»، مضيفا أن «المغرب لا يستفيد من العملة الصعبة، نتيجة التهريب الدولي للمخدرات ولا يجني سوى إغراق السوق المغربية بآلاف الأطنان من السلع المهرَّبة من سبتةالمحتلة وما يترتب عن ذلك من فقدان مناصب الشغل بالآلاف، والتجارة في المواد المهربة من ملابسَ جاهزة جديدة ومستعملة أيضا، لا تتوفر على الفاتورات وغير معروفة كمية المواد التي تدخل إلى المغرب». وكشف التقرير عن معطيات ذكر أنه توصل إليها تفيد أن « البارون الواحد يجني 70 مليون سنتيم يوميا، عن طريق استغلال 25 ألف حمال يدخلون إلى سبتةالمحتلة لممارسة التهريب المعيشي، في الوقت الذي لا يجني حمالو السلع أكثر من 200 درهم يوميا»، وهو ما فسرته الجمعية المنجزة للتقرير بكون مافيا التهريب المنظم للسلع المشكلة من البارونات والأمن والجمارك هي الشرايين التي تغذي الاقتصاد في الحكومة المستقلة لسبتةالمحتلة، لأن البارون، حسب قولها، إذا ربح 70 مليون سنتيم في اليوم، فهو يجنيها نتيجة تهريبه لملايير الدراهم من المغرب وتدمير اقتصاده، وبالمقابل يعمل على انتعاش الاقتصاد في الحكومة الاستعمارية في سبتةالمحتلة، حيث إن الثغر المحتل يعتمد على التهريب المنظم للسلع، في غياب تام لأي متابعات في حق البارونات والمتورطين معهم من الجمارك والأمن». كما أورد التقرير أسماء وهويات وأرقام البطائق الوطنية لمن وصفهم ب«بارونات التهريب المنظم»، بالإضافة إلى آخرين «صغار»، فيما لم يستثن التقرير ذكر هويات أشخاص آخرين يعتمدون التهريب المنظم عبر مجموعة من «الحمالة»، من الذين يطلق عليهم «الحسرافة»، وهم أكثر معرفة بتفاصيل التهريب المنظم ويعرفون أسرار أباطرة التهريب المنظم للسلع، إذ يصل الدخل اليومي لبعضهم إلى مليون سنتيم أحيانا، يؤكد التقرير المذكور، الذي كشف كذلك عن وجود تجار في المواد المهربة في الفنيدق حصلوا على أرباح كبيرة في ظرف وجيز وأصبحوا يملكون عقارات بملايين الدراهم، حيث يقومون، بمجرد دخولهم إلى سبتةالمحتلة، بشراء واحتكار مادة معينة تصل إلى شاحنة أو اثنتين أو أكثر، إذ يأتي «صراف للعملة الصعبة» في سبتةالمحتلة ويقوم بتأدية ثمن الشاحنة لصاحب المتجر بالأورو، وبعد ذلك يأخذ المبلغ بالدرهم إلى الفنيدق، وهذه العملية يقوم بها العشرات من تجار الفنيدق (سوق المسيرة -قيسارية المحطة ..). ووجه التقرير ذاته اتهامات مباشرة لثلاثة من رجال الأمن في ما يسمي «البيوت»، إذ وصفهم ب«المتواطئين مع البارونات»، مضيفا أن أحدهم «يستخلص» حوالي 3 ملايين سنتيم كل يوم من كل بارون، وبذلك فإن «نصيبه» في اليوم الواحد هو 15 مليونا... وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يعتبر بارونا مهربا لأطنان السلع في اليوم، وهو من يعطي التفاصيل عن المغاربة الذين يقومون بوقفات احتجاجية في باب سبتةالمحتلة، خاصة عندما قدم الملك خوان كارلوس إلى الثغر المحتل، لأنه ربط مصيره بالاحتلال، بالإضافة إلى التحرش الجنسي بالفتيات، تقول الجمعية الحقوقية في كتابها «الأبيض» عن باب سبتة. من جهة أخرى، كشف التقرير عن معطيات جديدة بخصوص وفاة المغربيتين الزهرة بودغية وبشرى المريوتي، اللتين لقيتا حتفهما رفسا واختناقا يوم 25 ماي من سنة 2009 في سلالم «البيوت» في سوق «تاراخال» في مدينة سبتة، خلال قيامهما بحمل السلع من سبتة إلى تطوان، حيث حمَّل التقرير مسؤولية وفاتهما لرجل أمن، أشار إليه بالصفة واللقب، حيث توسط، يقول التقرير، لدى «الكومندان» خوصي لويس، قائد فرقة الشرطة الإسبانية، نظرا إلى العلاقة المشبوهة التي تربط بينهما: «إن مقتل المغربيتين يتحمل مسؤوليتَه رجل الأمن المغربي الملقب ب«و.» وبارونات التهريب ومسؤول الجمارك في معبر البيوت آنذاك»، يؤكد التقرير، مضيفا أن خبر وفاة المرأتين الذي تم بثه في عدة قنوات وطنية ودولية، بالإضافة إلى نشره من طرف الجرائد الوطنية والإسبانية، كانت نتيجته هي تضييق الخناق على «مافيا» التهريب المنظم للسلع في معبر «البيوت» من طرف المسؤولين، مما جعل أحد الضباط المغاربة يقوم، بتنسيق مع البارونات، بتهريب الأطنان من السلع عبر المعبر الرئيسي لسبتةالمحتلة، إنما ليلا، حتى لا يفتضح أمره. وكانت عملية التهريب هذه، التي كان يتواطؤ فيها الضابط الذي أشار التقرير إلى اسمه، مع الأباطرة في المعبر الرئيسي «مغامرة» بالنسبة إلى هذا الجمركي بوظيفته، في حالة حضور مسؤول كبير أو مرور مسؤول من الإدارة الجمركية من أو إلى سبتةالمحتلة. تشديد الحصار على التهريب المعيشي من جهة أخرى، أشار التقرير إلى عدم فعالية هذا المعبر في تهريب المئات من الشاحنات يوميا إلى المغرب، على عكس معبر «البيوت»، الذي يمكن عبْره قيام بارونات التهريب المنظم للسلع بتهريب 1000 شاحنة كبيرة (رموك) في بعض الأيام. وإذا اعتبرنا أنه، في المعدل، يؤدى عن كل شاحنة 4000 أورو لجمارك سبتةالمحتلة عند قدومها من أوروبا أو الصين أو جنوب شرق آسيا عموما إلى المدينةالمحتلة، فبعملية حسابية بسيطة، نجد أن 4 ملايين أورو هي مقدار ما «تساهم» به «مافيا» التهريب المنظم للسلع في معبر «البيوت» في خزينة الحكومة المستقلة لسبتةالمحتلة يوميا، وهو رقم كبير جدا لا تجنيه من التهريب حتى أكبر مدن الشمال، كتطوان وطنجة والفنيدق، وبالتالي، يقول التقرير، «نجد هذه المافيا بمثابة «عميلة» للاستعمار وعائق كبير أمام برامج الملك لتنمية مدن الشمال... كما أن المسؤولين قاموا بتضييق الخناق على المافيا وعلى عنصر جمركي وثلاثة من عناصر الأمن، كجزء لا يتجزأ، حسب جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، من «المافيا»، منددة بممارسة هؤلاء «الضرب وإهانة آلاف الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من التهريب، بما في ذلك حتى المسنون الذين يتعرضون للضرب المبرح انتقاما منهم لإبعاد أصدقائهم وشركائهم البارونات عن ممارسة التهريب المنظم، من جهة، ومن جهة ثانية، فإن التهريب المعيشي يمكن أن يؤدي إلى نقصان كمية السلع المتراكمة في سوق تاراخال». وكشف التقرير عن الضغوطات التي يمارسها بعض عناصر الجمارك والأمن على الآلاف ممن يمارسون التهريب المعيشي، حتى تكون هناك ضجة من قبل هؤلاء، وبالتالي فإن المسؤولين يعطون الضوء الأخضر للتساهل مع التهريب المعيشي أحيانا، فتتلقى جمارك وأمن باب معبر «البيوت» الإشارة من طرف المسؤولين ويعطون بدورهم الإشارة إلى شركائهم، بارونات التهريب المنظم للبدء في إخراج الأطنان من السلع يوميا. وفعلا، يؤكد التقرير، «قام بعض عناصر الجمارك بقتل امرأة كانت تحمل أكثر من 20 من الألبسة الجاهزة في أماكن حساسة في جسدها، كانت ستجني من خلال هذه العملية ربما 150 درهما على الأكثر لإعالة أبنائها وأخيها المجاز والمعطل عن العمل، بعدما تم طردها من مخبزة كانت تعمل على تنظيفها». وفعلا، قامت ضجة كبيرة واحتجاجات من قبل مواطنين باب سبتة، كان أغلبهم حاضرين أثناء الواقعة. وبالتالي، يقول نفس التقرير، فإن المسؤولين «قاموا بإعطاء الأوامر للتساهل مع التهريب المعيشي، وهو ما أدى إلى عودة مافيا التهريب المنظم لتهريب المئات من الشاحنات إلى المغرب، مختبئين وراء التهريب المعيشي». وكشفت الجمعية أن عنصر الجمارك المدعو «م.» هو من قام بضرب رأس المرأة، التي أطلق عليها لقب «شهيدة باب سبتة» ،على طول السياج البالغ طوله 200 متر، لأنها تحمل فقط 20 قطعة من الملابس الجاهزة، في الوقت الذي سمح، وفي نفس اليوم، بتهريب شاحنتين من السلع المهربة، كما أنه قبل تلك الأيام بقليل، أي قبل مقتل المرأة من قبل الجمركي السالف ذكره، كانت جمارك معبر «البيوت» تأخذ السلعة بالضرب والعنف للأشخاص المسنين والمستضعفين، ليس لوضعها في خزانة الجمارك وبالتالي لصالح خزانة الدولة، وإنما لتعطى يوميا لبارون يعمل في التهريب ك»هدية»، لأنه عاطل، أي 200 قطعة في اليوم يبيعها ب4 آلاف درهم، لتغطية مصاريفه اليومية... «منجم» للأموال أبرز التقرير المشار إليه ممتلكات المسؤولين وبارونات التهريب المنظم، كما كشف عن بعض العلامات المستعمَلة في رزم السلع المهربة وأثمنة تسهيل عبورها. فالعلامة التي تحمل الرقم «10» هي سلعة لها امتياز كبير، مقارنة ب«6» و«5» و«50» و«01» و«20»... فهذه السلعة تخرج في وقت قصير وكيفما كانت الأحوال في معبر «البيوت» في ما يخص تأهب الأمن والجمارك، ويجب أن تمر من معبر «البيوت» بسرعة مضمونة، دون أن يمسها أي جمركي. وهذا الرقم «10» يخص بارونا واحدا أشارت الجمعية إلى اسمه وذكرت أنه يتكلف به شخص يدعى «ع»، بالإضافة إلى «اليد اليمنى» للبارون وباقي أفراد العصابة الآخرين. وهذا الرقم يكون مرسوما على سلعة تاجر له محل للتجارة في المركز التجاري البلدي، في الطابق السفلي، قرب المحطة الطرقية في الفنيدق. فهذا التاجر، وفق التقرير، يشتري عدة شاحنات من سبتة ويتكلف بها البارون بنفسه، فيعطي أوامره لمساعده لكي يقوم بربطها وشحنها إلى محلات مجاورة لمعبر «البيوت»، وخاصة إلى محل مجاور لمقهى معروفة، مقابلة لمعبر «البيوت» من الجانب الإسباني، فيتم نقلها إلى المغرب، عبر المعبر، بواسطة «حمّالة»، وخاصة المجموعة التي تسمى «الحسرافة»، والتي تعطيها الشرطة الإسبانية «امتياز» الدخول والخروج من المعبر بحرية كما يخول لها الأمن المغربي حرية «التحرك»... إن معبر «البيوت»، وفق التقرير، يعتبر الركيزة الأساسية لاقتصاد الاحتلال الإسباني في سبتةالمحتلة، بالنظر إلى سيطرة واستيلاء «مافيا» التهريب المنظم للسلع وشركائهم من الأمن المذكورين سابقا، فهؤلاء المسؤولون الأمنيون يعتبرون معبر «البيوت» ملكا خاصا، وهم عبارة عن «شركة» خاصة تتوفر على «رخصة» حق «استغلال» هذا المعبر، لذلك نجد أن الأمن والجمارك يأخذان رشوة كمقابل عن كل سلعة تخرج من المعبر، ولهذا فهم يحاربون التهريب المعيشي، لأن «المهربيين القوتيين» إذا أرادوا تهريب سلعة من سبتة إلى الفنيدق، فإن قيمة هذه السلعة تكون هي 500 درهم على الأكثر، يربحون فيها 50 أو 100 درهم. وبما أن الجمارك والأمن يعتبران المعبر «ملكا خاصا بهما»، فإن أي سلعة يتم تهريبها يجب أن يأخذا نصيبهما منها، والتالي فإن المهربين المعيشيين لا يقدرون سوى على رجال دفع 5 أو 10 دراهم للجمارك والأمن. وبالنسبة إلى 25 ألف حمال، فالرقم سيصل إلى 25 مليون سنتيم، عبارة عن قطع من فئة 10 دراهم يتم ملؤها في أكياس... وهذا يشكل خطرا على الجمارك والأمن، على حد سواء، إذا ما تم تصويرهم أو حضور مسؤول كبير صدفة، كما حدث مؤخرا منذ حوالي شهر، حين ضبطت لجنة تفتيش خاصة في نفس المعبر بعض رجال الجمارك وبحوزتهم حوالي ثلاثة ملايين سنتيم على شكل قطع نقدية وما يقارب 10 ملايين من الأوراق النقدية... وبالتالي، فإن الجمارك والأمن يفضلان «الشراكة» مع البارونات، حيث يتفقون مسبقا، أي في الساعات الأولي من الصباح، على الثمن، وغالبا ما يكون 3 ملايين لكل «بارون»، أي أن عنصر الأمن في المعبر، و الذي أشارت الجمعية إلى اسمه، يأخذ 15 مليونا، فيما يأخذ زميله الضابط 15 مليون سنتيم أخرى. وبالإضافة إلى ذلك فإن «البارونات» يوزعون النقود والهدايا على باقي أفراد الجمارك والأمن المتواجدين في المعبر، يؤكد التقرير . جمال وهبي كشفت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في تطوان، في تقرير مفصل حول المعبر الحدودي باب سبتة، عن أسماء وهويات رجال الأمن المتواطئين مع بعض رجال الأمن في باب سبتة يتولون التنسيق بين من سمتهم «العصابات المختصة» في التهريب والجمارك وبين ضباط الأمن الإسباني، حتى يتمكن «بارونات التهريب» من ممارسة نشاطهم غير القانوني بعيدا عن المراقبة والحجز. وأفاد التقرير، المنجز في 19 صفحة، والذي توصلت «المساء» بنسخة منه أنه «عند تهريب أطنان من الحشيش، يحصل أباطرة المخدرات على «أكياس» من عملة الأورو، وبواسطتها يتم شراء الأطنان من السلع من سبتةالمحتلة، فيقوم بارونات التهريب المنظَّم للسلع بتهريبها إلى الفنيدق وبيعها لصالح تجار يحققون أرباحا خيالية، ليحصلوا بذلك على ملايير الدراهم، فتتم إعادة شراء الحشيش وتصديره من جديد»، مضيفا أن «المغرب لا يستفيد من العملة الصعبة، نتيجة التهريب الدولي للمخدرات ولا يجني سوى إغراق السوق المغربية بآلاف الأطنان من السلع المهرَّبة من سبتةالمحتلة وما يترتب عن ذلك من فقدان مناصب الشغل بالآلاف، والتجارة في المواد المهربة من ملابسَ جاهزة جديدة ومستعملة أيضا، لا تتوفر على الفاتورات وغير معروفة كمية المواد التي تدخل إلى المغرب». وكشف التقرير عن معطيات ذكر أنه توصل إليها تفيد أن « البارون الواحد يجني 70 مليون سنتيم يوميا، عن طريق استغلال 25 ألف حمال يدخلون إلى سبتةالمحتلة لممارسة التهريب المعيشي، في الوقت الذي لا يجني حمالو السلع أكثر من 200 درهم يوميا»، وهو ما فسرته الجمعية المنجزة للتقرير بكون مافيا التهريب المنظم للسلع المشكلة من البارونات والأمن والجمارك هي الشرايين التي تغذي الاقتصاد في الحكومة المستقلة لسبتةالمحتلة، لأن البارون، حسب قولها، إذا ربح 70 مليون سنتيم في اليوم، فهو يجنيها نتيجة تهريبه لملايير الدراهم من المغرب وتدمير اقتصاده، وبالمقابل يعمل على انتعاش الاقتصاد في الحكومة الاستعمارية في سبتةالمحتلة، حيث إن الثغر المحتل يعتمد على التهريب المنظم للسلع، في غياب تام لأي متابعات في حق البارونات والمتورطين معهم من الجمارك والأمن». كما أورد التقرير أسماء وهويات وأرقام البطائق الوطنية لمن وصفهم ب«بارونات التهريب المنظم»، بالإضافة إلى آخرين «صغار»، فيما لم يستثن التقرير ذكر هويات أشخاص آخرين يعتمدون التهريب المنظم عبر مجموعة من «الحمالة»، من الذين يطلق عليهم «الحسرافة»، وهم أكثر معرفة بتفاصيل التهريب المنظم ويعرفون أسرار أباطرة التهريب المنظم للسلع، إذ يصل الدخل اليومي لبعضهم إلى مليون سنتيم أحيانا، يؤكد التقرير المذكور، الذي كشف كذلك عن وجود تجار في المواد المهربة في الفنيدق حصلوا على أرباح كبيرة في ظرف وجيز وأصبحوا يملكون عقارات بملايين الدراهم، حيث يقومون، بمجرد دخولهم إلى سبتةالمحتلة، بشراء واحتكار مادة معينة تصل إلى شاحنة أو اثنتين أو أكثر، إذ يأتي «صراف للعملة الصعبة» في سبتةالمحتلة ويقوم بتأدية ثمن الشاحنة لصاحب المتجر بالأورو، وبعد ذلك يأخذ المبلغ بالدرهم إلى الفنيدق، وهذه العملية يقوم بها العشرات من تجار الفنيدق (سوق المسيرة -قيسارية المحطة ..). ووجه التقرير ذاته اتهامات مباشرة لثلاثة من رجال الأمن في ما يسمي «البيوت»، إذ وصفهم ب«المتواطئين مع البارونات»، مضيفا أن أحدهم «يستخلص» حوالي 3 ملايين سنتيم كل يوم من كل بارون، وبذلك فإن «نصيبه» في اليوم الواحد هو 15 مليونا... وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يعتبر بارونا مهربا لأطنان السلع في اليوم، وهو من يعطي التفاصيل عن المغاربة الذين يقومون بوقفات احتجاجية في باب سبتةالمحتلة، خاصة عندما قدم الملك خوان كارلوس إلى الثغر المحتل، لأنه ربط مصيره بالاحتلال، بالإضافة إلى التحرش الجنسي بالفتيات، تقول الجمعية الحقوقية في كتابها «الأبيض» عن باب سبتة. من جهة أخرى، كشف التقرير عن معطيات جديدة بخصوص وفاة المغربيتين الزهرة بودغية وبشرى المريوتي، اللتين لقيتا حتفهما رفسا واختناقا يوم 25 ماي من سنة 2009 في سلالم «البيوت» في سوق «تاراخال» في مدينة سبتة، خلال قيامهما بحمل السلع من سبتة إلى تطوان، حيث حمَّل التقرير مسؤولية وفاتهما لرجل أمن، أشار إليه بالصفة واللقب، حيث توسط، يقول التقرير، لدى «الكومندان» خوصي لويس، قائد فرقة الشرطة الإسبانية، نظرا إلى العلاقة المشبوهة التي تربط بينهما: «إن مقتل المغربيتين يتحمل مسؤوليتَه رجل الأمن المغربي الملقب ب«و.» وبارونات التهريب ومسؤول الجمارك في معبر البيوت آنذاك»، يؤكد التقرير، مضيفا أن خبر وفاة المرأتين الذي تم بثه في عدة قنوات وطنية ودولية، بالإضافة إلى نشره من طرف الجرائد الوطنية والإسبانية، كانت نتيجته هي تضييق الخناق على «مافيا» التهريب المنظم للسلع في معبر «البيوت» من طرف المسؤولين، مما جعل أحد الضباط المغاربة يقوم، بتنسيق مع البارونات، بتهريب الأطنان من السلع عبر المعبر الرئيسي لسبتةالمحتلة، إنما ليلا، حتى لا يفتضح أمره. وكانت عملية التهريب هذه، التي كان يتواطؤ فيها الضابط الذي أشار التقرير إلى اسمه، مع الأباطرة في المعبر الرئيسي «مغامرة» بالنسبة إلى هذا الجمركي بوظيفته، في حالة حضور مسؤول كبير أو مرور مسؤول من الإدارة الجمركية من أو إلى سبتةالمحتلة. تشديد الحصار على التهريب المعيشي من جهة أخرى، أشار التقرير إلى عدم فعالية هذا المعبر في تهريب المئات من الشاحنات يوميا إلى المغرب، على عكس معبر «البيوت»، الذي يمكن عبْره قيام بارونات التهريب المنظم للسلع بتهريب 1000 شاحنة كبيرة (رموك) في بعض الأيام. وإذا اعتبرنا أنه، في المعدل، يؤدى عن كل شاحنة 4000 أورو لجمارك سبتةالمحتلة عند قدومها من أوروبا أو الصين أو جنوب شرق آسيا عموما إلى المدينةالمحتلة، فبعملية حسابية بسيطة، نجد أن 4 ملايين أورو هي مقدار ما «تساهم» به «مافيا» التهريب المنظم للسلع في معبر «البيوت» في خزينة الحكومة المستقلة لسبتةالمحتلة يوميا، وهو رقم كبير جدا لا تجنيه من التهريب حتى أكبر مدن الشمال، كتطوان وطنجة والفنيدق، وبالتالي، يقول التقرير، «نجد هذه المافيا بمثابة «عميلة» للاستعمار وعائق كبير أمام برامج الملك لتنمية مدن الشمال... كما أن المسؤولين قاموا بتضييق الخناق على المافيا وعلى عنصر جمركي وثلاثة من عناصر الأمن، كجزء لا يتجزأ، حسب جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، من «المافيا»، منددة بممارسة هؤلاء «الضرب وإهانة آلاف الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من التهريب، بما في ذلك حتى المسنون الذين يتعرضون للضرب المبرح انتقاما منهم لإبعاد أصدقائهم وشركائهم البارونات عن ممارسة التهريب المنظم، من جهة، ومن جهة ثانية، فإن التهريب المعيشي يمكن أن يؤدي إلى نقصان كمية السلع المتراكمة في سوق تاراخال». وكشف التقرير عن الضغوطات التي يمارسها بعض عناصر الجمارك والأمن على الآلاف ممن يمارسون التهريب المعيشي، حتى تكون هناك ضجة من قبل هؤلاء، وبالتالي فإن المسؤولين يعطون الضوء الأخضر للتساهل مع التهريب المعيشي أحيانا، فتتلقى جمارك وأمن باب معبر «البيوت» الإشارة من طرف المسؤولين ويعطون بدورهم الإشارة إلى شركائهم، بارونات التهريب المنظم للبدء في إخراج الأطنان من السلع يوميا. وفعلا، يؤكد التقرير، «قام بعض عناصر الجمارك بقتل امرأة كانت تحمل أكثر من 20 من الألبسة الجاهزة في أماكن حساسة في جسدها، كانت ستجني من خلال هذه العملية ربما 150 درهما على الأكثر لإعالة أبنائها وأخيها المجاز والمعطل عن العمل، بعدما تم طردها من مخبزة كانت تعمل على تنظيفها». وفعلا، قامت ضجة كبيرة واحتجاجات من قبل مواطنين باب سبتة، كان أغلبهم حاضرين أثناء الواقعة. وبالتالي، يقول نفس التقرير، فإن المسؤولين «قاموا بإعطاء الأوامر للتساهل مع التهريب المعيشي، وهو ما أدى إلى عودة مافيا التهريب المنظم لتهريب المئات من الشاحنات إلى المغرب، مختبئين وراء التهريب المعيشي». وكشفت الجمعية أن عنصر الجمارك المدعو «م.» هو من قام بضرب رأس المرأة، التي أطلق عليها لقب «شهيدة باب سبتة» ،على طول السياج البالغ طوله 200 متر، لأنها تحمل فقط 20 قطعة من الملابس الجاهزة، في الوقت الذي سمح، وفي نفس اليوم، بتهريب شاحنتين من السلع المهربة، كما أنه قبل تلك الأيام بقليل، أي قبل مقتل المرأة من قبل الجمركي السالف ذكره، كانت جمارك معبر «البيوت» تأخذ السلعة بالضرب والعنف للأشخاص المسنين والمستضعفين، ليس لوضعها في خزانة الجمارك وبالتالي لصالح خزانة الدولة، وإنما لتعطى يوميا لبارون يعمل في التهريب ك»هدية»، لأنه عاطل، أي 200 قطعة في اليوم يبيعها ب4 آلاف درهم، لتغطية مصاريفه اليومية... «منجم» للأموال أبرز التقرير المشار إليه ممتلكات المسؤولين وبارونات التهريب المنظم، كما كشف عن بعض العلامات المستعمَلة في رزم السلع المهربة وأثمنة تسهيل عبورها. فالعلامة التي تحمل الرقم «10» هي سلعة لها امتياز كبير، مقارنة ب«6» و«5» و«50» و«01» و«20»... فهذه السلعة تخرج في وقت قصير وكيفما كانت الأحوال في معبر «البيوت» في ما يخص تأهب الأمن والجمارك، ويجب أن تمر من معبر «البيوت» بسرعة مضمونة، دون أن يمسها أي جمركي. وهذا الرقم «10» يخص بارونا واحدا أشارت الجمعية إلى اسمه وذكرت أنه يتكلف به شخص يدعى «ع»، بالإضافة إلى «اليد اليمنى» للبارون وباقي أفراد العصابة الآخرين. وهذا الرقم يكون مرسوما على سلعة تاجر له محل للتجارة في المركز التجاري البلدي، في الطابق السفلي، قرب المحطة الطرقية في الفنيدق. فهذا التاجر، وفق التقرير، يشتري عدة شاحنات من سبتة ويتكلف بها البارون بنفسه، فيعطي أوامره لمساعده لكي يقوم بربطها وشحنها إلى محلات مجاورة لمعبر «البيوت»، وخاصة إلى محل مجاور لمقهى معروفة، مقابلة لمعبر «البيوت» من الجانب الإسباني، فيتم نقلها إلى المغرب، عبر المعبر، بواسطة «حمّالة»، وخاصة المجموعة التي تسمى «الحسرافة»، والتي تعطيها الشرطة الإسبانية «امتياز» الدخول والخروج من المعبر بحرية كما يخول لها الأمن المغربي حرية «التحرك»... إن معبر «البيوت»، وفق التقرير، يعتبر الركيزة الأساسية لاقتصاد الاحتلال الإسباني في سبتةالمحتلة، بالنظر إلى سيطرة واستيلاء «مافيا» التهريب المنظم للسلع وشركائهم من الأمن المذكورين سابقا، فهؤلاء المسؤولون الأمنيون يعتبرون معبر «البيوت» ملكا خاصا، وهم عبارة عن «شركة» خاصة تتوفر على «رخصة» حق «استغلال» هذا المعبر، لذلك نجد أن الأمن والجمارك يأخذان رشوة كمقابل عن كل سلعة تخرج من المعبر، ولهذا فهم يحاربون التهريب المعيشي، لأن «المهربيين القوتيين» إذا أرادوا تهريب سلعة من سبتة إلى الفنيدق، فإن قيمة هذه السلعة تكون هي 500 درهم على الأكثر، يربحون فيها 50 أو 100 درهم. وبما أن الجمارك والأمن يعتبران المعبر «ملكا خاصا بهما»، فإن أي سلعة يتم تهريبها يجب أن يأخذا نصيبهما منها، والتالي فإن المهربين المعيشيين لا يقدرون سوى على رجال دفع 5 أو 10 دراهم للجمارك والأمن. وبالنسبة إلى 25 ألف حمال، فالرقم سيصل إلى 25 مليون سنتيم، عبارة عن قطع من فئة 10 دراهم يتم ملؤها في أكياس... وهذا يشكل خطرا على الجمارك والأمن، على حد سواء، إذا ما تم تصويرهم أو حضور مسؤول كبير صدفة، كما حدث مؤخرا منذ حوالي شهر، حين ضبطت لجنة تفتيش خاصة في نفس المعبر بعض رجال الجمارك وبحوزتهم حوالي ثلاثة ملايين سنتيم على شكل قطع نقدية وما يقارب 10 ملايين من الأوراق النقدية... وبالتالي، فإن الجمارك والأمن يفضلان «الشراكة» مع البارونات، حيث يتفقون مسبقا، أي في الساعات الأولي من الصباح، على الثمن، وغالبا ما يكون 3 ملايين لكل «بارون»، أي أن عنصر الأمن في المعبر، و الذي أشارت الجمعية إلى اسمه، يأخذ 15 مليونا، فيما يأخذ زميله الضابط 15 مليون سنتيم أخرى. وبالإضافة إلى ذلك فإن «البارونات» يوزعون النقود والهدايا على باقي أفراد الجمارك والأمن المتواجدين في المعبر، يؤكد التقرير .