ما المغزى في تخليد الذكرى العشرين لرحيل الزعيم الاتحادي والوطني عبد الرحيم بوعبيد؟ الجواب عن ذلك يوجد في النداء الذي أصدرته المؤسسة التي تحمل إسمه أول أمس الأربعاء بالرباط، عقب لقاء حضره سياسيون وإعلاميون وشخصيات وطنية ونشطاء في حركة عشرين فبراير، وشهد تكريم الزميل الصحفي عبد اللطيف جبرو. المغزى من العودة إلى الماضي هو الإنطلاق نحو التأسيس لمستقبل أفضل، ولذلك دعا نداء مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد «قوى التقدم والحداثة» إلى «إنتاج مشروع سياسي جديد يعيد الأمل والثقة في المستقبل، ويعبئ أجيالاً جديدة لتحمل مسؤولية تدبيره وقيادته». هذا الأفق الممكن وفق تقدير المؤسسة يتطلب إجراء حوار واسع بشأنه، لذلك فهي تدعو إلى «إجراء حوار واسع حول هذا المشروع في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجعله مرتكزا لتخيل البدائل والحلول، ونقطة انطلاق لبلورة مبادرات تاريخية، تبني الجسور بين الأجيال، وتعيد ربط التعبير السياسي التقدمي الحداثي بجذوره الاجتماعية والفكرية، وبوجدان الشعب وتطلعاته». لكن ، ما الذي يجعل مثل هذا المشروع والحوار حوله ضرورة اليوم؟ لأن الحاجة تقتضي اليوم «استحضار مسار النضال الديمقراطي في المغرب، والتساؤل عن الدور المنوط بقوى التقدم في بلادنا لجعل الوعد الديمقراطي واقعا حيا، في المؤسسات السياسية، وفي الحياة الاجتماعية والثقافية، وفي واقع الحريات والحقوق، وفي الشعور الفردي والجماعي بالمواطنة». بالنسبة لنداء المؤسسة، خلف عبد الرحيم بوعبيد «طاقة هائلة من الأمل والثقة في المستقبل والتي جعلته حتى في أحلك الظروف، يصر على أن السبيل الوحيد لبناء المغرب الحديث»، وفي تشابه مع الماضي، يحيل النداء علي هذه الحاجة المغربية اليوم إلى استعادة «هذه الطاقة النضالية الخلاقة، في وقت لازال يصطدم فيه البناء الديمقراطي بامتحان الثقة، وبإعادة إنتاج ممارسات سياسية محبطة، وبهيمنة قوى المحافظة والجمود» في المغرب اليوم «مناخ من التشكيك واليأس الذي تحاول بؤر المصالح والنفوذ ترسيخه، بطريقة مهينة لذكاء الإنسان المغربي ونضجه وتطلعاته»، والمخرج الممكن في مواجهته «هو العمل على ترسيخ مرجعيات جديدة محل المرجعيات المضمحلة، والتي يمكن للديمقراطيين التقدميين أن يجسدوها كقطب سياسي وفكري وثقافي في مواجهة التكتلات الرجعية، هو البحث عن ميلاد جديد يجعل مناضلي اليوم وهم يتملكون كل الإرث الإيجابي لنضال الحركة الديمقراطية بالمغرب، يتحملون مسؤوليتهم كاملة في إنتاج صفحاته الجديدة، بعيداً عن كل وصاية أو أبوية خانقة». في نداء مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد دعوة إلي التقاط رسائل حركات الشباب المتظاهر في الشارع وشبكات التواصل الاجتماعي، إنها تعبر عن «إرادة تؤمن بضرورة دخول بلادنا في منطق القطيعة مع التدبير السياسي المغلق القائم على نخب معزولة، عاجزة، وفاسدة في أغلبها، إنها إرادة تريد الانتفاضة على منطق الزوايا والأتباع والزبناء في السياسية، وتريد إقامة نظام حديث لإنتاج النخب وتداولها، ولتدبير الأحزاب وقيادتها»، هذه الإرادات وفق نص النداء، تفرض أن « نستحضر خطورة الانفصام بين هذا التعبير الأصيل والضروري في مسار تطور بلادنا، وبين التعبيرات السياسية القائمة».