اضطر عون غابوي، يوم السبت الماضي، للزحف على بطنه حوالي ثماني ساعات كاملة بحثا عن وسيلة لنقله للمستشفى لتلقي العلاجات من الحروق التي أصابته على مستوى الرجل اليمنى بعد تعرضه لصاعقة رعدية لم تصبه بشكل مباشر. الضحية، الذي يشتغل كغابوي موسمي بالمديرية الإقليمية للمياه و الغابات بخنيفرة، كان بصدد القيام بمهامه العادية بالملك الغابوي أجدير، عندما هبت، فجأة، عاصفة رعدية على المنطقة الجبلية، ما جعله يسارع الخطى بحثا عن ملجأ يختبئ فيه من الأمطار التي بدأت تتهاطل لحظتها بغزارة على الغابة، ليقع اختياره على شجرة أرز عملاقة احتمى بأغصانها و أوراقها من مياه الأمطار، دون أن يدري أن تلك الشجرة ستكون سببا في إصابته بما هو أخطر من البلل بالمطر. فكمن استجار من الرمضاء بالنار، لم يدر "الفوريستي" إلا و البرق يضرب الشجرة التي يختبئ تحتها بشكل مباشر، و يرتد من جذعها تفريغ كهربي ضخم أصابه على مستوى الأطراف السفلى، مما أدى إلى فقدانه الوعي بعدها مباشرة، ليظل مغميا عليه تحت الأمطار لمدة ليست بالقصيرة، و عندما استعاد وعيه وجد نفسه وحيدا و آلام فظيعة تنبعث من رجله اليمنى التي أصيبت بحروق شديدة... و مع ذلك لم تحل الآلام دون حفاظ الضحية على صفائه الذهني، حيث قاده تفكيره إلى أن الصراخ طلبا للمساعدة لن يكون دون جدوى، فقرر الانتقال من مكانه بحثا عن موضع تتوفر فيه تغطية شبكة الهاتف النقال و من ثمة الاتصال بالنجدة... فبدأ رحلته الشاقة، ، زحفا تارة و متكئا اتخذها عكازا تارة أخرى، مغالبا صيامه و إحساسه الألم الذي كانت وطأته تشتد مع تقدم الساعات و الدقائق، إلى أن قاربت الساعة العاشرة ليلا حين تمكن أخير من ربط اتصال هاتفي و طلب النجدة التي ما لبثت أن وصلته في هيئة سيارة قامت بنقله إلى مستعجلات المستشفى الإقليمي بخنيفرة، لتلقي العلاج من الحروق، التي صرحت مصادر طبية ل"الأحداث المغربية"، أنها كانت من الدرجة الثانية و أن الضحية غادر بعدها المستشفى صبيحة يوم الأحد الماضي بعد تلقي العلاجات الضرورية و التأكد من عدم معاناته من مضاعفات الصعقة الكهربائية. من جهتها عبرت مصادر بالمديرية الإقليمية للمياه و الغابات بخنيفرة عن إعجابها بصلابة الرجل و صبره التي يرجع لها الفضل الأول و الأخير في إنقاذه من الهلاك في الغابة، داعية في نفس الوقت إلى الاستجابة للمطالب التي لطالما دعت إليها كل من المديرية المذكورة و مصالح الوقاية المدنية بخصوص الإسراع بتوسيع تغطية شبكة الهاتف النقال بالمجالات الغابوية بإقليم خنيفرة، بالنظر للأهمية التي توفرها وسائل الاتصال في التدخل السريع و الفعال سواء لإخماد حرائق الغابات أو تنظيم عمليات الإسعاف و الإنقاذ بالنسبة لسكان المنطقة و زوارها.