مرة أخرى يقع رجال من المياه والغابات بخنيفرة في «كمين» على طريقة ما يحدث في حرب العصابات، إذ عُلم، يوم الأربعاء 27 ماي 2009، أن عددا من الجرحى منهم نقلوا على وجه السرعة نحو مستعجلات المستشفى الإقليمي لتلقي الإسعافات والعلاجات الضرورية، خمسة منهم إصاباتهم بليغة، حيث تعرضت دورية لهم لهجوم وحشي من جانب حشد من العناصر التي طوقتهم، واعتدت عليهم باستعمال العصي والحجارة والمقالع اليدوية والأسلحة البيضاء في مشهد لم يألفه المرء إلا من خلال أفلام الهنود الحمر في أفلام الويستيرن. وقد علم من مصادر مسؤولة بالمصلحة الإقليمية للمياه والغابات بخنيفرة أن الضحايا تسلموا شهادات طبية تثبت عجزهم بين 20 و40 يوما. وبينما قامت المصلحة الإقليمية للمياه والغابات بالسهر على تطور حالتهم، نددت بالعمل الذي وصفته ب»الإجرامي» الذي يهدف في رأيها إلى تخويف القطاع والحد من نشاطه في حماية المجال الغابوي وشجر الأرز، من خلايا الاستنزاف وشبكات التهريب المنتشرة بمناشيرها وشاحناتها ودوابها على طول الغابات. وأفادت المعطيات الأولية أنه بناء على معلومات تفيد بوجود قطع خشبية من صنف شجر الأرز، مرشحة للتهريب بطريقة غير قانونية على تراب مركز أغبالة التابع لمركز التنمية الغابوية لأغبالة، والمنتسب لنفوذ المصلحة الإقليمية لبني ملال، والتي تأكد مصدرها في تعرض ثلاث أشجار للتخريب من الغابة المخزنية بإيدكل، التابعة لمركز التنمية الغابوية بالقباب الواقعة داخل النفوذ الترابي للمصلحة الإقليمية للمياه والغابات بخنيفرة. وفي إطار التنسيق بين المديريات الجهوية للمياه والغابات التابعة للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، تكونت مجموعة من التقنيين والحراس والفيالق وعملت على ربط الاتصال برئيس مركز التنمية الغابوية ورئيس الفرز بأغبالة، حيث تمت مطالبتهما بالمشاركة في جولة ميدانية /تمشيطية بإحدى النقط الواقعة بغابة أغبالة، مشددين على ضرورة الاستعانة بالسلطات المحلية ومصالح الدرك في هذه المهمة الصعبة. وبمجرد وصول هؤلاء إلى عين المكان المقصود، والبدء في عملية التمشيط، فوجئوا بهجوم حشد من العناصر المنتمية لساكنة آيت سخمان، ضواحي دوار بوتمشط، قبل أن تتعزز ببعض العائدين من السوق الأسبوعي لأغبالة، حيث تجاوز عدد المهاجمين، بحسب مصادرنا، حوالي المائة فرد في دقائق معدودة، يتزعمهم أشخاص تم تحديد هويتهم، حيث قام المهاجمون بتطويق فريق المياه والغابات، والاعتداء عليهم بأشكال وحشية، مستعملين العصي والحجارة والمقالع اليدوية والأسلحة البيضاء، إلى جانب عبارات الشتم والسب والتهديد بالقتل والإهانة الحاطة بهيبة شعار المهنة والزي العسكري الذي يرتديه الضحايا. وقد خلف الهجوم عدة إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف المعتدى عليهم، إضافة إلى تجريدهم من بعض أسلحتهم النارية المتمثلة في بندقيتين تم استرجاعهما بتدخل من بعض أفراد القبيلة الذين أنقذوا الضحايا من موت جماعي محقق. تابع ص 1 وفي السياق ذاته، أكدت مصادرنا أن شكاية في الموضوع تم التقدم بها لدى وكيل الملك بابتدائية قصبة تادلة، والدرك الملكي لأغبالة، ذلك بعد إخبار المندوب السامي للمياه والغابات الذي أعطى تعليماته الفورية لفتح تحقيق في حيثيات الموضوع، وكذا تم إخبار عامل إقليمخنيفرة ووكيل الملك بابتدائية خنيفرة، ثم المدير الجهوي للمياه والغابات الذي يتابع تطورات ملف القضية. ولم يفت رئيس جمعية التقنيين الغابويين بخنيفرة التصريح ل»الاتحاد الاشتراكي» بقوله «إن مثل هذه الاعتداءات الخطيرة أضحت ظاهرة تقض مضجع الغابويين، في غياب إجراءات قضائية صارمة تساهم في الحد من نزيفها»، مضيفا «أن الغابويين يواجهون بين الفينة والأخرى مثل هذه الأحداث على خلفية انعدام أي سند أو دعم من السلطات الإدارية المحلية». كما أشار في ذات تصريحه الى «أن مثل هذه الوقائع الرهيبة ستتنامى أكثر بسبب غياب ضمانات قانونية ومهنية، خاصة منها التعويض عن المخاطر أسوة برجال الدرك والجمارك والشرطة»، مطالبا بتحديد المسؤوليات في الواقعة الأخيرة التي كادت أن تزهق أرواحا بريئة لم تقم إلا بما يمليه عليها دورها في القيام بحماية الثروة الغابوية التي هي ثروة وطنية. في نفس الاتجاه شددت مصادر مسؤولة على ضرورة مراجعة التقسيمات الغابوية، وتعزيز القطاع بوسائل العمل وتوسيع المراكز الغابوية. كما دعت نفس المصادر إلى مراجعة النصوص القانونية لتوفير الحماية للأعوان الغابويين وضمان سلامتهم في إطار مواجهتهم لشبكات التهريب ومافيا الأرز، وعلى الإدارة المركزية العمل على تعويضهم حتى لا يغضوا الطرف غدا عن مستنزفي الثروة الغابوية. ولم يفت مصادرنا التوقف كثيرا عند الهجوم الأخير وعملية تجريد الضحايا من أسلحتهم؟ وكيف لم يستعمل هؤلاء أسلحتهم؟ انطلاقا من سؤال «الفراغ القانوني» الموجود في هذا الإشكال بالقول إن الغابويين لو استعملوا هذه الأسلحة لكان مصيرهم الآن هو السجن كما هو حال العديد من زملائهم، إذ في كل مرة يفضلون التعرض للاعتداء عوض قيامهم بالمثل حتى لا يقعون في متاهات الزنازن أو يتيمون أبناءهم ويرملون نساءهم. وعلى صعيد آخر، ما زالت الأحكام الزجرية لاتتماشى والعقوبات الواجب إنزالها بخلايا النهب الغابوي، ذلك على خلفية ظهير 10 أكتوبر 1917 الذي لم يتم تحيينه من أجل اعتبار المخالفات جنايات وليس مجرد أحداث عادية. وقد بات مألوفا أن تتناسل المخالفات بمختلف غابات الإقليم، بالأحرى لو تعلق الأمر بجرائم تفوق المخالفات أو بتورط بعض المحسوبين على القطاع من منعدمي الضمير في أعمال تتنافى، وأمانة السهر على حماية المجال الغابوي. وفي خبر جديد علمت «الاتحاد الاشتراكي» أن عناصر من «مافيا الغابات» بآيت حنيني، إقليمخنيفرة، قامت باحتجاز عدد من التقنيين الغابويين بأحد البيوت كرهائن، وعرضوهم للتعذيب النفسي والجسدي، وقد سلبوا منهم هواتفهم النقالة وخربوا سيارتهم الخاصة بالخدمة، قبل أن يعمدوا إلى الاتصال بمسؤولي القطاع لإشعارهم بالواقعة وإجبارهم على الانتقال إلى عين المكان من أجل تخليص موظفيهم من الأسر في استعراض للعضلات بطريقة متسيبة.