جسد المصحف المحمدي من نسخ النساء المستفيدات من برنامج محاربة محو الأمية بالمساجد، الذي قدمه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي ترأس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس الخميس بالقصر الملكي بالرباط، افتتاح الدروس الحسنية الرمضانية، قصة فريدة أصيلة غير مسبوقة. ولم يسبق لهذا المصحف الفريد مثيل من حيث النسخ، حيث نسخته نساء وأقرت اللجنة العلمية لمؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف باجتهاد الناسخات في المطابقة مع المصحف المحمدي. وهذا المصحف الشريف مطابق للمصحف المحمدي، كما نشرته مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، بمراجعة وتأشير من لجنتها العلمية عام 1431 هجرية (2010). والمطابقة مؤشر عليها في هذا المصحف أيضا، من قبل اللجنة نفسها، وذلك في كل ما يتعلق برواية ورش عن نافع وبمذاهب المغاربة في الرسم والنقط والضبط وعد الآي والوقف والابتداء ورؤوس الأجزاء ومواضع السجدات وغير ذلك، من العلامات المرعية في المصحف المرجعي المذكور. وقد نسخت هذا المصحف الفريد النساء المستفيدات من برنامج تعلم القراءة والكتابة في المساجد هذا العام، شاركت منهن في النسخ ما يزيد عن خمسة وسبعين ألفا، نسخت المرأة الواحدة منهن كلمة واحدة من القرآن الكريم الذي يربو عدد كلماته عن سبع وسبعين ألفا. وتتميز نسخة المصحف المقدمة لجلالة الملك بغلاف رائق تدخلت فيه مهارات نسوية في تطريز العنوان " القرآن الكريم " والتوريق الزهري المحيط به باللونين الأخضر والأحمر القاني، وجملت الصفحات قبل النص بزخارف من زهور وتوريقات مستوحاة من فن الطرز المغربي، وضعت خصيصا لهذه النسخة ، كما وضع على النسخة غطاء مطنفس من الحرير الأصفر طرز عليه العنوان على المنوال المذكور. ولكي يكتمل هذا الاحتفاء النسائي بالقرآن قامت اثنتان من المشاركات في النسخ بتقديم نسخة المصحف لجلالة الملك، إحداهما من مدينة سبتة والأخرى من مدينة الداخلة. غير أن لهذا المصحف قصة أخرى في ما يتعلق بالنسبة للنسخ، وهي قصة فريدة أصيلة غير مسبوقة، ذلك أنه ليس من يد ناسخ واحد، ولا من أيدي عدد قليل من النساخ، كما جرى من قبل في المصحف الحسني المسبع الذي خططه سبعة من النساخ، ذلك أن هذا المصحف المحمدي قد نسخ كل كلمة منه شخص واحد، ولم ينسخ الناسخ الواحد أكثر من كلمة واحدة، وعدد كلمات المصحف كما هو معلوم يربو عن سبع وسبعين ألف كلمة، أضف إلى هذا التفرد، أن من نسخ هذا المصحف نساء، وليس من بين من نسخه رجال. لقد أمر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ بداية توليه العرش، بأن تفتح مساجد المملكة ليتعلم فيها الناس القراءة والكتابة، ضمن برنامج تؤطره وزارة الأوقاف الشؤون الإسلامية، وبلغ عدد المستفيدين منه من الرجال والنساء زهاء المليون ونصف المليون لحد وقت نسخ هذا المصحف، لأنه بدأ في الأعوام الأولى بتسجيل عشرة آلاف كل سنة، وزاد إلى أن وصل عدد المسجلين فيه هذا العام، 1335-1936 (2014-2015) ربع مليون متعلم، والظاهرة التي تستحق الذكر هي أن 80 بالمائة من المقبلين على هذا البرنامج من النساء، والهدف المصرح به، من قبل هؤلاء النساء هو تعلم أمور الدين وحفظ القرآن الكريم، ويصدق هذه النية ما يشاهد لدى نساء المملكة من إقبال شديد على مراكز تحفيظ القرآن الكريم، في المساجد والكتاتيب ومراكز الجمعيات المرخص لها بذلك. وأمام هذه الظاهرة، ظاهرة إقبال النساء على حفظ القرآن الكريم، واحتفالا برمزيتها السنية، خطرت لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فكرة صنع مصحف ينسخه عدد من النساء بنصيب كلمة لكل واحدة، ولقي المشروع إقبالا شديدا، ولكن المشاركة بنسخ كلمة واحدة قصر حظوة هذا الشرف على أقل من نصف المترددات على برنامج هذا العام. وقد تم الإنجاز بإشراف مديرية التعليم العتيق المدبرة لبرنامج محاربة الأمية داخل المساجد، وذلك بتكليف المشرفات والمشرفين على بعض حلقات التعليم، دون الاستناد إلى أي معيار تفضيلي معين، وكأن المشاركات في النسخ نائبات عن الأخريات، ولم يعلن عمن كتب ولا عما كتب، فالعمل يدخل في ما يشبه فرض الكفاية، وفي عداد القربات التي يزيد من طيبها قضاؤها بالكتمان.