عند ظهر الجمعة 21 ماي 2010 لفظ الحاج عبد اللطيف الغربي أنفاسه الأخيرة بعد سنوات من مقاومة آلام المرض. لو كان الذي وافاه الأجل من الصحفيين الكبار في بلد آخر، لكان رحيله يستحق برامج إذاعية أو تلفزية لتذكير الجمهور بما قدمه لمهنة المتاعب ولكن بما أننا في المغرب لا نعرف كيف نتعامل مع رجالاتنا، فقد رحل الحاج عبد اللطيف الغربي في صمت دون أن تكون وفاته مناسبة للتعريف به والذين سيُطلب منهم أن يعرفوا اليوم بالراحل عبد اللطيف الغربي يحتاجون هم بالذات إلى من يعرفهم به رحمه الله. عندما بدأت كرة القدم تستقطب اهتمام عشاقها، كان عبد اللطيف الغربي أول معلق رياضي بالإذاعة المغربية منذ عام 1945. كان ذلك في زمن ظهر فيه فريق الوداد البيضاوي وكان بمثابة فريق وطني يتابع الجمهور في كل المدن المغربية مواجهاته مع الفرق الأخرى في كرة القدم. والفرق الأخرى كان يشرف عليها فرنسيون ك«اليوسم»، «الإيديال»، «الراك» و«اليوسا» في البيضاء، سطاد والأولمبيك في الرباط والسام في مراكش واليوسديام في مكناس إلخ... بينما كان يشرف على الوداد مغاربة وطنيون كالدكتور عبد اللطيف بن جلون والحاج محمد بن جلون «شوكولا» وعز الدين بن جلون إلخ... وكان يدرب الوداد الأب جيكو. كل انتصار لفريق الوداد يصبح انتصارا للقضية الوطنية بالنسبة للجمهور الرياضي ولعامة الناس ممن كانوا يحضرون مقابلات «الواك» في الميدان وينتظرون نهاية الأخبار المسائية كل يوم أحد على أمواج الأثير. كان المستمعون يتطلعون إلى صوت عبد اللطيف الغربي ليقول لهم «معشر الرياضيين أنعمتم مساء» وسرعان ما يُقدم رحمه الله خبر انتصار الوداد ويعلق على المباراة وكأن تلك اللحظة هي التي تؤكد للجمهور بصفة رسمية انتصار الوداد وإلى أي حد سيضمن ذلك الانتصار لفريق «الواك» نيل بطولة أخرى. عبد اللطيف الغربي وأخوه أحمد الغربي الذي توفي سنة 1981 ورثا فصاحة اللسان من والدهما الحاج التهامي الغربي وكان عالما في البلاغة والفقه وقاضيا على أحواز الرباط علاوة على أنه كان أديبا وشاعرا. والحاج عبد اللطيف يمتاز بثقافته المزدوجة بالعربية والفرنسية مما أهله ليصبح محررا للأخبار الدولية في الإذاعة وكان يصعب عليه إخفاء مشاعره الوطنية إما من خلال تعلقه بفريق الوداد أو تعاطفه مع القضايا الوطنية أو العربية ومع ذلك كانت مهنيته تساعده على إثبات وجوده في أخطر مؤسسة كانت الحماية تعتمد عليها لإخبار الرأي العام. ومازال في الذاكرة ذلك اليوم المشهود، يوم العودة المظفرة للملك إلى عرشه: عبد اللطيف الغربي وزميله محمد بن ددوش كانا يتناوبان على الميكروفون لتغطية الحدث على طول المسافة بين المطار والقصر الملكي وظل المغاربة في جميع أنحاء الوطن يتابعون ذلك الوصف الحي وهم لا يصدقون بأن الملك قد عاد إلى عرشه. في عهد الاستقلال أصبح رحمه الله على رأس قسم الأخبار بالإذاعة الوطنية ليتولى بعد ذلك عدة مسؤوليات في وزارة الأنباء ووزارة العدل.