بوفاة الحاج عبد اللطيف الغربي، اليوم الجمعة عن عمر يناهر أل 83 سنة ، إثر مرض عضال ألزمه الفراش مدة طويلة، تفقد الصحافة المغربية بشكل عام والرياضية على وجه الخصوص أحد روادها، الذي كان مثالا للصحافي الملتزم يعرف جيدا أدواته ويقدر الحرية المسؤولة التي تحترم الآخر. لقد كان الفقيد علما من أعلام الصحافة الوطنية وخاصة الرياضية التي ساهم بقسط وافر في وضع لبناتها وقواعدها ونهلت من عطائه الوافر أجيال وأجيال، إلى جانب مساهمته القيمة في تأسيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية التي تولى رئاستها من 1971 إلى 1989 . كما كان المرحوم متعدد العطاء ومتنوع الاهتمامات ومتفردا بصدق القول وقوة الإرادة وصفاء النية ووضوح الموقف . وفي هذا السياق، اعتبر الحسين الحياني، أحد قيدومي الإعلام الرياضي الذين تتلمذوا على يدي المرحوم عبد اللطيف الغربي أن هذا الأخير " نسيج وحده " باعتباره "علما من أعلام الصحافة الشاملة يتميز بثقافته المزدوجة (عربية -فرنسية ) الواسعة ومترجما بارعا سواء تعلق الأمر بالترجمة الفورية أو المكتوبة و" يرجع له الفضل في وضع وإشاعة عدد من المصطلحات الرياضية التي ما تزال متداولة إلى اليوم". وقال الحياني، في شهادة لوكالة المغرب العربي للأنباء في حق الفقيد " وفاة عبد اللطيف الغربي خسارة كبيرة للإعلام المغربي بصفة عامة والرياضي بصفة خاصة. لقد كان مدرسة تخرجت منها أجيال من الإعلاميين إلى جانب كونه تولى تغطية العديد من الأحداث البارزة السياسية والثقافية والرياضية ". وأضاف " من ميزات المرحوم أيضا تواضعه، ذلك أنه كان يتجنب كل حديث عن إبداعاته وأعماله وإنجازاته أو سبق صحفي انفرد به . لقد كان قمة في العطاء والتواضع ونكران الذات". أما أحمد صبري ، وهو الآخر من قيدومي الصحفيين المغاربة وخاصة في حقل الإعلام الرياضي ، فقال من جهته ، إنه بوفاة عبد اللطيف الغربي "يأفل نجم رائد إعلامي يعز نظيره ، أعطى وأجزل العطاء ، كان صوته عبر المذياع سواء في راديو المغرب أو في الإذاعة الوطنية يشد إليه الأنظار ليس في المغرب فحسب بل في شمال إفريقيا والعالم العربي وخاصة حينما كان يقوم بتغطية كبريات التظاهرات الرياضية ومنها طواف المغرب للدراجات." وتابع صبري " إنه بحق أستاذ أجيال وأجيال وهرم شامخ في صرح الإعلام المغربي . كان صوته يجلجل أيضا في ملاعب المدن الجزائرية عندما كانت الوداد ترفع عقيرة النضال والكفاح المتداخل وطنيا وعربيا وإسلاميا ومغاربيا ضد المستعمر". وذكر صبري أن الراحل حينما دعا مجموعة من الصحافيين الرياضيين عام 1971 إلى تأسيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية " فقد اقتنع وقتها بقناعات أولئك الصحافيين الشباب بضرورة الارتقاء بالإعلام الرياضي، ليس فقط إلى مستوى الاحتراف وإنما إلى مستوى الأخلاق المهنية والأحقية في النفاذ إلى مصادر الخبر والتعامل معه بتجرد وموضوعية". واعتبر نجيب السالمي ، الرئيس السابق للجمعية المغربية للصحافة الرياضية ،أن المرحوم عبد اللطيف الغربي كان " صحافيا متكاملا ورجل ثقافة واسعة ويعد بحق مرجعا في الإعلام المغربي ". وأكد نجيب السالمي أن المرحوم بحكم أنه كان رئيسا للجمعية المغربية للصحافة الرياضية وعضوا بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم واشتغل بعدة دواوين وزارية فقد عمل على توظيف علاقاته المهنية خدمة للإعلام الرياضي خاصة وأن الشخص "كان مسموع الكلمة ويحظى بالاحترام والتقدير ". ومن المقرر أن يوارى جثمان الفقيد الثرى يوم غد السبت بعد صلاة الظهر بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء. وكان عبد اللطيف الغربي قد تولى على مدى أربعين سنة تغطية العديد من الأحداث السياسية والرياضية والثقافية البارزة، من بينها المفاوضات المغربية الفرنسية عام 1955 ودورة الألعاب الأولمبية في هلسنكي عام 1952. وبعد حصول المغرب على الاستقلال التحق المرحوم عبد اللطيف الغربي بالإذاعة الوطنية، فلاحظ أنه لا يمكن أن تكون لها شعبية كبيرة بدون مصلحة رياضية. فكان له الفضل في إحداث خلية الرياضة، التي التحق بها ثلة من خيرة الصحافيين الرياضيين من بينهم المرحومان شقيقه أحمد وعبد اللطيف الباشا والحسين الحياني وفي ما بعد محمد بناني ومحمد طارق والمرحومان محمد الزوين ونور الدين اكديرة. وعين عبد اللطيف الغربي يوم 3 مارس 1962 متصرفا بمؤسسة الإذاعة والتلفزة وهو المنصب الذي شغله حتى يوليوز 1964. كما شغل المرحوم منصب رئيس تحرير بوكالة المغرب العربي للأنباء لمدة سنة (1975 - 1976) قبل أن يلتحق مجددا بمؤسسة الإذاعة والتلفزة المغربية . وبعد أن اشتغل عبد اللطيف الغربي بديوان وزير الإعلام السيد العربي الخطابي (1977 - 1978) تولى منصب رئيس ديوان الوزير الأول ووزير العدل الأسبق المرحوم المعطي بوعبيد وهو المنصب الذي شغله بوزارة الشباب والرياضة (1981 - 1984) على عهد المرحوم عبد اللطيف السملالي. وتولى الفقيد، وهو أيضا مترجم محلف، رئاسة الجمعية المغربية للصحافة الرياضية من 1971 إلى 1989.