«ثلاثون مصابا، خمسة إصاباتهم خطيرة». بهذه العبارة المقتضبة كانت الإشارات والمعلومات المرسلة عبر الهاتف المحمول، أو الأجهزة اللاسلكية تلخص المعطيات، التي يبلغها من حضروا بعين المكان إلى المصالح التي ينتمون إليها. مراسلة كان موضوعها «نجم الساحل»، وليس للأمر أي علاقة مع فريق كرة القدم التونسي، الذي يحمل الاسم نفسه، ولم يتعلق الأمر في صبيحة أمس الخميس بمباراة في أي نوع رياضي. «نجم الساحل» الذي كان موضوع رسائل الكثير من رجال الشرطة على اختلاف انتماءاتهم، شرطة عمومية، صقور، ورجال القوات المساعدة والسلطة المحلية، وكذلك عناصر الوقاية المدنية، هو الاسم الذي تحمله حافلة عمومية للركاب، تؤمن رحلاتها للمسافرين في الخط الرابط بين «كراج علال» وبلدية سيدي رحال الشاطئ، عندما تتخذ من آخر نقطة تنتمي إلى هذه البلدية، وهي منطقة الهواورة، نهاية رحلاتها.كانت حافلة «نجم الساحل» تسير في طريق آزمور الساحلية عندما وجدت في طريقها عربة مجرورة بدابة، حاول سائقها الانعطاف يسارا، إلا أن سائق الحافلة الذي قالت بعض المصادر إنه كان يقود الحافلة بسرعة، لم يعد يتحكم في المقود لينزلق إلى الحافة على مقربة من المنطقة المعروفة ب «كاريان الطاهري»، بعدما تجنب العربة لتنقلب الحافلة التي لحقت بها أضرار كبيرة. نقل الركاب الذين أصيبوا إلى المستشفى عبر ست سيارات للإسعاف، ومصدر من الوقاية المدنية قال إن 30 راكبا أصيبوا خلال هذه الحادثة، 5 إصاباتهم خطيرة. توافد العديد من السكان القريبين من المنطقة لمعرفة حيثيات الحادثة، التي حل بمكانها كذلك عامل مقاطعات أنفا، إلا أن مستعملي طريق آزمور صبيحة أمس كانوا يصابون بالرعب على بعد 60 مترا من المنطقة التي ظلت الحافلة مرمية بها على الجانب الأيسر من الطريق. رعب مرده الدماء التي سالت على الإسفلت قبل أن تجف بسرعة بعد لفحات الشمس الحارقة التي أعقت زخات المطر الخفيفة التي شهدها صباح الخميس، دماء الدابة التي كانت أول المصابين.وحده «حمار» العربة التي تسبب في الحادثة ظل وحيدا شاردا لم يأبه له أحد، وإن كانت الدماء تسيل غزيرة من خياشيمه وفمه. لم يحظ بالتفاتة بعد أن سرت في جسده رعشة لم يقو بعدها على مبارحة جانب الطريق ليمكث متسمرا في مكانه. فهل لأنه كان سببا في حادثة كادت تودي بحياة الآدميين ظل مهملا، أم لأنه مجرد حيوان لا يمكن أن يضيع المسعفون الوقت والجهد في النظر إلى حاله أو إسعافه؟.. أسئلة لعل من وقفوا لمتابعة الحادثة طرحوها في دواخلهم دون أن يمتلكوا الشجاعة لمواجهة المسؤولين بها، في انتظار أن تتحرك جمعيات الرفق بالحيوان، عل الحمار يحظى بالتفاتة منها