* كثر الحديث عن إصلاح حال التلفزيون المغربي وقُدمت وعود من المسؤولين على إثر الاحتجاجات المتواصلة لنقابات المهنيين. وبما أن شهر الصيام هو شهر الفرجة وأيضا ترمومتر لأي تغيير محتمل هل لامستم تغييرا فعليا في إنتاجات رمضان أم تكريرا لسيناريو السنوات السابقة؟ ** لم أعثر في جل المواد المبرمجة في رمضان الحالي على أية إضافة نوعية باستثناء بعض الأفلام التلفزيونية الجديدة وبعض الأفلام السينمائية المغربية والبرامج الناجحة نسبيا ( 45 دقيقة ، صباحيات دوزيم نموذجين)، فنفس الوجوه المملة والتافهة (عبد الخالق فهيد ومحمد الخياري نموذجين ) عاودت الظهور في أعمال أقل ما يقال عنها أن مشاهدتها مضيعة للوقت. إن سيناريوهات المواسم السابقة تتكرر باستمرار والأدهى من ذلك أن إدارة القناة الأولى انفتحت بشكل كبير على خريجي برنامجها ” كوميديا ” الذين لم يضيفوا جديدا في الأعمال التي جمعتهم ببعض أساتذتهم الفاشلين إبداعيا. فلا يزال التهريج والحركات البهلوانية البلهاء والحوارات الفارغة هي سيدة الموقف فيما يسمونه أعمالا كوميدية رمضانية. * إلى ما ترد التأثر المبالغ فيه (نوع من التقليد الأعمى) لإنتاجات درامية مغربية بالدراما التركية والمكسيكية؟ ** هناك فرق بين الأعمال الدرامية التركية، التي تتميز أغلبها بتماسكها الدرامي وانسجام عناصر الحكي والتعبير السمعي البصري فيها وتشخيص ممثليها التلقائي، وبين الأعمال الدرامية المكسيكية البسيطة شكلا والتافهة مضمونا والثرثارة حوارا والمدغدغة لعواطف وغرائز المراهقين والمكبوتين. ولعل سبب تقليد بعض المتطفلين على فنون التلفزيون الدرامية في بلادنا لأعمال الآخرين يرجع إلى فقرهم الفكري والإبداعي وانحطاط مستوى تذوقهم لفنون الفرجة. إن الفنان الحقيقي هو الذي ينحت له أسلوبا أصيلا يتميز به عن غيره من المبدعن، ومع كامل الأسف فإن هذا النوع من الفنانين إما نادر عندنا أو أن المنتمين إليه يفضلون الإبتعاد عن العمل في شروط التلفزيون المغربي الحالية المتميزة بهيمنة الزبونية والإرتجال والتعفن الفني والإبتذال * مرة أخرى يُطرح في المعروض من الإنتاجات الرمضانية على شاشة القناتين غياب النص. هل قدر هذه الإنتاجات أن تعاني دوما من هذا الغياب؟ وهل ثمة وصفة لتجاوز هذا المشكل المطروح باستمرار؟ ** فعلا غياب النص أو السيناريو المحبوك، المرتبط مضمونه بمعيش المغاربة اليومي والمراعي لخصوصية الشهر الفضيل، هو ما يميز الكثير من الأعمال المبرمجة في رمضان من طرف القناتين الأولى والثانية بشكل خاص. ولا أرى حلا لهذه المعضلة غير الإنفتاح على كتاب موهوبين عبر إحداث صندوق لدعم كتابة النصوص الدرامية وغيرها ومسابقة لأجود النصوص تشرف عليها لجنة مستقلة عن إدارتي الأولى والثانية تتكون من كتاب سيناريو متمكنين وأدباء موهوبين ونقاد فنيين وغيرهم. أما إذا ظل نفس الأشخاص والشركات المنفذة للإنتاج متحكمون في كعكة برامج رمضان وغيرها، بحكم علاقاتهم النفعية ( كل ووكل ) المشبوهة مع الماسكين بدواليب الشأن الإنتاجي التلفزيوني، فإن دار لقمان ستظل على حالها إلى ما شاء الله وأولي الأمر * هل التطفل على ميدان الإخراج وحده يبرر غياب إدارة الممثلين التي تظهر كمشكل حقيقي في عدد من الأعمال التي يقدمها التلفزيون المغربي؟ ** فعلا هناك متطفلون على الإخراج ميعوا ساحة العمل الفني التلفزيوني ببلادنا وفتحوا الباب على مصراعيه في وجه كل من هب ودب من أنصاف ” الممثلين ” غير المتعلمين أو الجاهلين بأصول الفن الدرامي ومتطلبات وشروط العمل الكوميدي وغير ذلك. والأدهى من ذلك أن تجد ممثلين كبارا لهم تاريخهم الفني الحافل بالأدوار المتميزة في المسرح والسينما يقبلون الظهور في أعمال تلفزيونية لا تضيف لرصيدهم الفني أية إضافة نوعية، تحضرني هنا حالتي العملاق محمد مجد والمقتدر عبد القادر مطاع وغيرهما. وهنا أتساءل : أليس بالإمكان التعامل مع مخرجين سينمائيين أثبتوا جدارتهم في أعمال سابقة ؟ إن انفتاح التلفزيون ماضيا وحاضرا على البعض منهم تمخضت عنه أعمال مقبولة نسبيا ( أفلام داود أولاد السيد التلفزيونية وسلسلة ” الحسين والصافية ” نموذجين) . لقد غابت هذه السنة وجوه محترمة فنيا عن شاشات الرباط والبيضاء من عيار محمد الجم وحسن الفذ والحسين بنياز وغيرهم، كما غابت مسلسلات الرائدة فريدة بورقية وسيتكوم ” دار الورثة ” الناجح للمخرج الشاب الموهوب هشام الجباري، ولم تستطع الأعمال المبرمجة حاليا جلب اهتمام المتلقي إلا بنسب قليلة أو متوسطة على أكثر تقدير حاوره : عبد العالي دمياني * ناقد وصحافي فني