«... لا زربا على صلاح .. اليوم .. غادي نباتوا هنا». بصوت يائس وبسخرية وجه أحد المسافرين بمحطة القطار تعليقه، ردا على أحد أعوان السكك الحديدية بعد الإعلان عن تأخير لمدة 45 دقيقة. انتظار قاتل كان حظ زبناء محطة القطار الرباطالمدينة الذين ملؤوا القاعة الفسيحة للمحطة التي هيئت مؤخرا بشكل رائع، لكن روعة جمالها وإعجاب الزبناء بها اختفت مع الحركة المضطربة للقطارات بين الدارالبيضاء ومدينتي وجدة والناظور وما صاحبها من مشاكل. مرت أربعون دقيقة دون أن يظهر القطار، نفذ صبر المسافرين .. وملأت عبارات التذمر أرجاء المحطة، بعدما تم الاعلان عن 10 دقائق إضافية في التأخير. في حين اصطف العشرات من الزبائن أمام الثلاث شبابيك المخصصة لحجز التذاكر بمحطة القطار الرباطالمدينة .. يعدون الثواني خوفا من أن يضيعوا الرحلة.. الصورة التي عاشها زبناء محطة القطار الرباط، صادفها أيضا ركاب القطار القادم من المراكش والمتوجه إلى فاس، والذي توقف لأزيد من 20 دقيقة بمحطة سيدي بوعثمان بشكل مفاجئ. توقف قبول من طرف قائمين على إدارة القطارات، ولامبالاة كبيرة، اضطرت العديد من الركاب القطار إلى تسجيل احتجاجهم لدى أطر المكتب الوطني للسكك الحديدية، والذي كالن مغلوبا على أمره.. إذ لم تستطع التبريرات التي قدمها لركابه إطفاء غضبهم. على إيقاع التأخيرات المتتالية وغير المبررة، حطمت عدة قطارات يوم السبت والأحد أرقاما قياسية في التأخر تترواح ما بين 50 دقيقة وساعة ونصف خاصة بالنسبة للخطوط الرابطة بين وجدةوالدار البيضاءوفاسومراكش . «التران تأخر .. بلا نعرفوا السبب.. أو الأمر يتعاود مع هذا التران في كل مرة ..» يقول أحد المسافرين الذي ينتظر القطار القادم من مراكش والمتوجه إلى مدينة مكناس. هذه الاضطرابات لم تحرك ساكنا لدى القائمين على تدبير مختلف محطات القطار، الذين يكتفون بتمرير رسالة «طلب التفهم» دون أن يكترثوا لاستفسارات الركاب ومعاناتهم. الاحتجاج في المحطات بسبب تأخر القطارات، ينتقل إلى داخل القطارات نفسها، وذلك بسبب انعدام شروط الراحة وجودة الخدمات داخلها. المكتب الوطني للسكك الحديدية، لا يزال يصر على علامته المميزة في «انعدام الجودة» . فطيلة فترات ارتفاع درجات التي تعرفها مختلف المدن المغربية، كانت «القطارات» التي تنعدم في أغلبيتها المكيفات في حالة «تحالف» قوي مع ارتفاع درجات الحرارة. الحديث عن التحالف يرفضه المسؤولون بإدراة المكتب الوطني للسكك الحديدية، والذين يحملون المسافرين مسؤولية معاناتهم مع «الصهد» تحت طائلة سوء استعمال تجهيزات القطارات إضافة إلى ترك النوافذ والأبواب مفتوحة، الأمر الذي يؤثر على قوة عمل مكيفات القطارات .. إذ يؤكد مسؤول بإدارة السكك الحديدية قائلا « كل قطاراتنا مجهزة بالمكيفات وتشغل بشكل تلقائي مع أول ثانية يتحرك فيها القطار». المكتب الوطني للسكك الحديدية يبرر باستمرار هذه التأخيرات بأعطاب تقنية مفاجئة، غير أن مسؤولا بإدارة المكتب يرجع ارتباك مواعد قطارته إلى ارتفاع وتيرة استعمال القطارات منذ بداية شهر يوليوز الجاري. «أقمنا مخططا استثنائيا لفصل الصيف، ضاعفنا مجهوداتنا المادية والتقنية والبشرية من أجل تجاوز الضغط الحاصل في هذه المرحلة أساسا. لقد ارتفعت وثيرة استعمال القطارات، وأنتم تعرفون إن أغلب العائلات المغربية نظمت عطلها خلال هذا الشهر ..» يقول المسؤول محاولا التقليل من الأضرار التي تخلفها تأخيرات القطارات. ويضيف المسؤول ذاته «من بين عشر قطارات تسعة منها تصل في الوقت المحدد لها ولا تتجاوده إلا بدقائق معدودة على رؤوس الأصابع .. لكن في بعض الأحيان نسجل تأخر كبير بسبب اضطرار القطار إلى التوقف أكثر من الدقيقة المحددة له في الفترات العادية، خدمة للمسافرين وحتى تمر عملية الصعود والنزول من القطارات في أحسن الظروف .. إذ قد تنتقل فترة التوقف من أجل هذه الخدمة إلى 10 دقائق أو أكثر بدل الدقيقة القانونية..». ويبدو أن المكتب الوطني للسكك الحديدية، والذي تخطى عدد زبنائه منذ بداية شهر يوليوز الجاري سقف 110 ألف مسافر يوميا، هو رقم تحققه القطارات بشكل استثنائي خلال عيد الأضحى فقط، والذي يحقق رقم معاملات يتعدى عتبة 3 ملايير درهم سنويا، لم يعد يستوعب هذا التزايد الملحوظ في الإقبال على ركوب القطار أكثر من وسائل النقل الأخرى. صور الغضب التي تعيش على إيقاعها مختلف محطات القطارات، تتكرر كلما أعلن الصوت الميكانيكي عن تأخر القطار بالعبارة الشهيرة: «القطار القادم من.. المتوجه إلى... سيتأخر بحوالي ... دقيقية، نشكركم على تفهمكم». رحاب حنان