«مرحبا بكم على متن القطار المكوكي المتجه إلى مدينة سطات» عبارات رقيقة شنفت أسماع المسافرين يوم الاثنين الماضي على الساعة الخامسة وخمسة وأربعين دقيقة بمحطة المسافرين بالدارالبيضاء. بدت وجوه المسافرين منشرحة، بعدما حجزوا مقاعدهم، أخرج البعض منهم جريدة والآخر شرع في اللعب بهاتفه النقال، ومنهم من فتح نقاشا مع الجالسين قربه. بعض الأطفال اكتفوا بالتنقل بين الكراسي وبين فضاء المقصورات. كل شيء كان على مايرام، وكان ينذر برحلة عادية وسعيدة. انطلق القطار على الساعة السادسة تقريبا في اتجاه مدينة سطات المحطة الأخيرة، مرورا بمحطات مرس السلطان، الوزيس، النسيم، الكليات، برشيد سيدي العايدي. مسافة 75 كلم سيقطعها عادة القطار المكوكي خلال ساعة ونصف على الأكثر. فور خروج القطار من مدينة الدارالبيضاء بدأت التوقفات المتكررة تقلق راحة وبال المسافرين، حاولوا إيجاد تفسيرات لذلك بدون جدوى. كان القطار يتوقف في مناطق مهجورة وخالية من الساكنة، مما خلق الارتباك والخوف لدى المسافرين خاصة النساء منهم، وبدأ يساورهم الشك والارتياب. حاول الحاج لكبير طمأنة زوجته التي بدت على وجهها علامات الدهشة»ما تخافيش واقيلا كاين غير شي عطب بسيط، الأمور غادا تصلح إن شاء الله» قبل أن يخاطبه أحد المسافرين الذي بدا واثقا من نفسه «راه المشكل ماشي في هذا القطار المشكل في القطار لي جاي من مراكش، خاصنا نتسناو حتى يدوز، لان الخط الثاني للسكة الحديدية كيصايبو فيه، هذه الامور تعودنا عليها في هذه البلاد». لم تكن تطمينات المسؤولين على القطار كافية لتهدئة الأوضاع وإقناع المسافرين بالصبر والتريث، كانوا يتلقون وابل من الاستفسارات اللاذعة، وحاولوا تدارك الأمور ،لكن أحد المسافرين الذين سئموا المكوث داخل المقصورة، نزلوا من القطار، وتبعه الآخرون، محتجا على المكتب الوطني للسكك الحديدية»انا غادي ندعيكم، المصاليح ديالي كلها مشات دابا، شكون لي غادي يعوضني فيها» وأخيرا بدا القطار يتحرك كالسلحفاة.مصالح المواطنين تعطلت. أزيد من ساعتين على متن قطار قطع 75 كلم.