نجا مواطنون كانوا بصدد ركوب القطار القادم من مدينة مراكش والمتجه صوب مدينة فاس بمحطة «القنيطرةالمدينة» وأخذ أماكنهم داخله، في حدود الساعة الحادية عشرة من ليلة الجمعة الماضية، من موت محقق بعدما انطلق القطار الذي كان سيقلهم دون سابق إنذار أو إشعار، في الوقت الذي كان فيه معظمهم منهمكا في الصعود بأبنائه وأمتعته إلى داخل العربات، ما خلف سقوط العديد من المسافرين من على متنه وإصابتهم بجروح ورضوض بمختلف أنحاء أجسامهم، في حين وجد بعضهم نفسه مستقلا القطار بدون ذويه الذين كان مقررا أن يرافقوه في رحلته. وكشف ناجون من هذا الحادث، في تصريحات متطابقة ل«المساء»، أنهم فوجئوا بالقطار، الذي ظلوا ينتظرونه لأزيد من ساعتين من الزمن بعد تأخره عن موعده الحقيقي بست وخمسين دقيقة، وهو يقلع بعد ثوان قليلة من توقفه بمحطة «القنيطرةالمدينة» دون أن يكلف المسؤولون بالمحطة والعاملون على متن القطار أنفسهم تنبيه عناء المسافرين، سواء الصاعدون منهم أو أولئك الذين كانوا يهمون بالهبوط وكانوا يحملون بين أيديهم أطفالهم، حيث ساد جو من الهلع والخوف في أوساط الجميع، يضيف المتحدثون أنفسهم، وتعالت صيحات النساء وبكاء الأطفال، خاصة بعدما تكررت مشاهد سقوط الركاب من درج العديد من المقطورات، في حين وقف بعضهم مصدوما ومشدوها لما حدث، وأصيب على إثرها بحالة انهيار نفسي ولاسيما أن أكثر من عائلة وجدت نفسها منشطرة إلى فئتين، الأولى نجحت في الصعود إلى داخل القطار بشق الأنفس، وأخرى لم يسعفها الحظ، بينما شوهد مواطنون يحثون الخطى وهم يحملون طفلا ويلقو به إلى داخل القطار حتى لا يفارق والديه، هذا في الوقت الذي لم يستطع فيه عدد من المسافرين النزول بالمحطة التي تعتبر بالنسبة إليهم نهاية السير، بعدما لم يمهلهم القطار، الذي كان غاصا بالركاب، الوقت الكافي لحمل أمتعتهم وأبنائهم، وظلوا به حتى محطة «سيدي يحيى الغرب» الموالية، حيث قامت إدارة المحطة المذكورة بتوفير سيارات أجرة كبيرة لنقل جميع المتضررين إلى مدينة القنيطرة، على حد تعبير المصادر ذاتها. واعتبر «ل.ر»، 28 سنة، أحد الناجين الذي كان يود الذهاب إلى مدينة مكناس، ما حدث قمة الاستهتار بأرواح المواطنين وعبثا لا يمكن تبريره مطلقا، وزاد قائلا: «لم أر في حياتي مثل هذه المشاهد المروعة، لقد رأيت بأم عيني كيف أن العديد من الركاب يسقطون من على القطار كما تسقط أوراق الأشجار. كنت واحدا من هؤلاء الذين وقعوا على الأرض، أصبت بجروح ورضوض على مستوى اليد اليمنى، ولولا الألطاف الإلهية لمات معظمنا تحت عجلات القطار». في حين بدت السيدة «ا.س»، التي كانت برفقة أبنائها، في حالة هستيرية جراء عدم تمكنها من مصاحبة والدتها الطاعنة في السن التي كانت قد ساعدتها على الصعود إلى القطار، بعدما انطلق هذا الأخير تاركا إياهم على رصيف السكة الذي تنقصه الإنارة، حيث احتجت بشدة في وجه أحد المسؤولين بالمحطة، متوعدة إياه بأوخم العواقب وبمتابعة الجميع قضائيا في حالة تعرض أمها لأي مكروه. من جانبه، رفض مسؤول بمحطة القنيطرةالمدينة، في تصريح ل»المساء» الإدلاء بأي تفاصيل حول هذا الحادث، الذي لم يحظ بحضور أي ممثل عن إدارة السكك الحديدية، التي تغاضت بالمقابل عن استدعاء مصالح الأمن أو رجال الإسعاف لتقييم حجم الإصابات التي تعرض لها المسافرون المعنيون، واكتفى بالقول: «من الواضح أن سائق القطار يتحمل المسؤولية الكاملة في ما وقع، كان عليه أن ينتظر دقيقتين بالكامل قبل أن ينطلق، خاصة وأن القطار كان مزدحما بالركاب، ومن المؤكد جدا أنه سيتعرض لعقوبة تأديبية لارتكابه خطأ جسيما». وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المتضررين قاموا بالاحتجاج بعين المكان، وحرروا شكاية في الموضوع، اطلعت «المساء» على فحواها، ودونوها بمحضر تحت رقم 0012226 بدفتر التظلمات والشكايات والمقترحات الذي تضعه إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية رهن إشارة زبنائها، تطرقوا خلالها بالتفصيل لمعاناتهم والأضرار التي لحقتهم جراء ما وصفوه ب»السلوك اللامسؤول» الذي عرض حياتهم وحياة أبنائهم لخطر حقيقي.