لم يكتف الدستور الجديد بالتنصيص على مبدأ استقلالية القضاء كما كان الشأن في دستور1996 بل امتد تكريسه لهذا المبدأ إلى العلم على إزالة كل علاقة للسلطة القضائية بنظيرتها التنفيذية من خلال استبعاد وزير العدل من رئاسة الهيئة المشرفة على شؤون القضاة المتمثلة سابقا في المجلس الأعلى للقضاء يحمل تسمية المجلس الأعلى للسلطة القضائية بما يعنيه مصطلح السلطة من مزيد من الاستقلالية . وإذا كان المقصود من استقلالية القضاء، من وجهة نظر فقهاء القانون الديتوري، هو عدم وجود أي تأثير مادي أو معنوي أو تدخل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة في عمل السلطة القضائية، بالشكل الذي يمكن أن يؤثر في عملها المرتبط بتحقيق العدالة، فإنه يعني فهو يعني قبل ذلك رفض القضاة أنفسهم لهذه التأثيرات والحرص على استقلاليتهم ونزاهتهم نقطة، ركز عليها المشرع الدستوري هو يحمل القضاء مسؤولية استقلاليتهم عندما منع الفاصل التاسع بعد المائة من المشروع الجديد « كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء» ، مشددا على أن « القاضي لا يتلقى بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط» و أن « القانون يعاقب كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة». « يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية »، يوضح نفس الفصل ، واصفا كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد بال « خطأ المهني الجسيم» وذلك بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة. ولقطع الطريق أمام أية محاولة للتأثير عليهم اعتبر الفصل 110 من مشروع الدستور الجديد بأن القضاء الأحكام لايلزمون « إلا بتطبيق القانون» ، كما أن الأحكام لا تصدر « إلا على أساس التطبيق العادل للقانون». مقتضيات الدستور المقبل التي فرضت على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون و الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها منحت للقضاة الحق في حرية التعبير, بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية وامكانية « الانتماء إلى جمعيات أو إنشاء جمعيات مهنية مع احترام واجبات التجرد واستقلال القضاء وطبقا للشروط المنصوص عليها في القانون». ولمزيد من تكريس استقلالية القضاء خص الدستور الجديد المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمهمة تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة ولاسيما فيما يخص« استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم».. هذا بالإضافة إلى تنصيص الفصل 107 على أن « لسلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية أن قضاة الأحكام «لا يعزلون ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون». ياسين قُطيب