تحركت المصالح المختصة للتحقيق في ما بدر عن خطيب مسجد «التوبة» بطنجة، الذي قال كلاما قبيحا في حق الزميلة نسيمة الحر. يظهر أن للتحقيق صلة بالاستنكار المجتمعي لسلوك «الواعظ» المذكور، خصوصا من قبل الجسم الصحافي والحقوقي. لكن هناك شيئا أساسيا يجب التنبيه له في هذا الأمر، ف «الواعظ» ينتمي أيضا إلى قطاع التعليم. بمعنى أن ما سمعه الناس في المسجد، وجنباته لكون الرجل كان يستعمل مكبر الصوت الذي يصل صداه إلى خارج المسجد، قد يكون مداوما، أثناء حصصه الدراسية، على شحن أطفال ومراهقين بنفس الكلام، وكلام آخر مشابه له، يغرق في التطرف والجهل. المسمى أبو النعيم، الذي أدانته المحكمة بخصوص قضية الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، هو الآخر ينتمي إلى قطاع التعليم. الرجلان ليسا سوى نموذج لمجموعة من رجال ونساء التعليم الذين يداومون على حشو عدد كبير من الجيل الصاعد بأفكار متطرفة، سواء من منطلق انتماء ديني سياسي أو من نية محشوة بتشبع بأفكار وهابية أو إخوانية تطمح إلى تحقيق مشروع مجتمعي غريب عن المغرب و المغاربة. نموذج أبو النعيم و«واعظ» مسجد «التوبة»، يستدعي من السلطات المعنية اتخاذ التدابير اللازمة لتحصين الناشئة في أمنها الروحي. لقد نبهنا في «الأحداث المغربية» منذ بداية برنامج هيكلة الحقل الديني، إلى ضرورة اليقظة، على اعتبار أن هناك متربصين بهذا الحقل من مشارب سلفية جهادية أو إخوانية أو وهابية وأيضا من قبل جماعة «العدل والإحسان». نبهنا أيضا إلى أن اختراق الحقل الديني قد تم ووجد المعنيون به من يمكنهم من ذلك. نبهنا بالخصوص إلى كون أجندة المتربصين، تعاكس خطة هيكلة وإصلاح الحقل الديني. وقد تبين مع الأيام أن ما نبهنا له حصل بالفعل. الطامة الكبرى أن التيارات المعاكسة ل «النموذج» الديني المغربي منتشرة في عدة مناح وتشتغل في الهدم من الداخل، ليس فقط في المنابر أو حصص دروس الوعظ، بل أيضا من خلال النظام التعليمي. المسؤولية في ذلك تتحملها القطاعات المشرفة على الحقل الديني، من وزارة ومجلس أعلى علمي، وأيضا وزارة التربية الوطنية التي يقوم فيها مدرسون بكوارث يومية يحشون بها ناشئة ستشكل مجتمع الغد.