هذه الاستراتيجية الدينية الجديدة جعلتنا أمام ما أسميته بحقل ديني شبه مغلق . لأن الاعتقاد السائد هو أن استراتيجية 30 أبريل 2004 أسست لحقل ديني مغلق بحيث هناك تحكم في جميع الفاعلين، ولكن ما هو أساسي هو أننا بصدد محاولة تشكيل حقل ديني شبه مغلق. فمن جهة هناك إرادة للتحكم في الفاعلين الدينيين بحيث أن العلماء فقدوا استقلاليتهم من خلال إعادة هيكلة المجلس الأعلى للعلماء والمجالس العلمية المحلية، و تحويل رابطة علماء المغرب إلى الرابطة المحمدية للعلماء، كما ان المفتين كذلك والذين يمارسون وظيفة الإفتاء فقدوا وجودهم بشكل عام. حيث من الصعب الآن أن نتحدث عن مفتين مستقلين ما دام أن هذه الاستراتيجية الدينية حصرت الإفتاء فيما يسمى بالهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء داخل المجلس العلمي الأعلى. كذلك الحال بالنسبة للخطباء والوعاظ والأئمة، وقد أشرت إلى المقرر الصادر عن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في 10 مارس ,2006 والذي يحدد المواصفات والشروط المتطلبة في الإمام، بحيث يمكن أن نقول بأن عملية توظيف الإمام أو الخطيب أو الواعظ أصبحت تخضع لنفس الشروط ونفس المسطرة التي يخضع لها كل موظفي الدولة في المغرب. ولكن رغم هذه الرغبة في التحكم نجد أن الدولة كانت عاجزة عن الاستغناء عن فاعلين دينيين كانت ترغب في إقصائهم أو على الأقل عدم السماح لهم بالمشاركة في الحقل الديني. فنجد أن هناك رغبة في إضفاء مصداقية على السياسة الدينية الجديدة بعد 30 أبريل ,2004 حيث أن هذه السياسة إنبنت أساسا على فكرة التقريب بين الخطاب الرسمي الديني والخطاب الديني الشعبي. لذلك نجد الآن بأن كثيرا من الفاعلين الدينيين الذين كانت الدولة ترغب في إقصائهم أصبحوا حاضرين وبقوة داخل الحقل الديني حاليا. وهكذا نجد داخل المجالس العلمية المحلية ممثلين عنهم؛ و طال الامر أئمة والخطباء في المساجد كذلك ممن ينتمون أصلا إلى حركة التوحيد والإصلاح، وهناك من ينتمي أو يتعاطف مع جماعة العدل والإحسان، أكثر من ذلك هنالك رموز للتيار السلفي الوهابي أصبحت حاضرة في الحقل الديني عكس ما يعتقد. بمعنى أن هناك الآن كما قلت حقلا دينيا شبه مغلق يطلب فيه من الفاعلين الدينيين أن يقوموا بدور سياسي. (جزء من تعقيب محمد ضريف على المداخلات التي عقبت على دراسته في دائرة التحليل السياسي بمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد )