على من تضحك لجنة قراءة مشاريع طلبات العروض بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؟ ولمن تخرج لسانها وتتحداه من خلال ما تخرج به علينا في كل مرة تجتمع لتحسم في مضامين ما تتوصل به من أعمال للمنتجين المغاربة؟ ذلكم السؤالان وأسئلة أخرى كثيرة يطرحها المتتبع لعمل هذه اللجنة التي عهد لها أن تتحكم في رقاب الإنتاجات التلفزيونية الخاصة بالقنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الأولى وتمازيغت والعيون. من يتمحص قرارات لجنة قراءة مشاريع طلبات العروض بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يلاحظ على أن أقل ما يمكن أن يقال عن قراراتها إنها تفتقد إلى الكثير من المهنية في التعاطي مع الأمانة التي وضعت في عنقها والتي يجب أن تتبنى فيها النزاهة والحكامة والشفافية وتتبنى فيها أساسا الكثير من الحياد لتنسجم مضامين محاضرها التي توقع عليها وتختمها لتصبح رسمية مع الشعارات الكثيرة التي سبقت خروجها إلى الوجود. ما يجسد الغموض الكبير لعمل هذه اللجنة والآليات والمعايير التي تعتمدها هو ما خرجت علينا به الأسبوع الماضي من نتائج بخصوص الشركات التي حصلت على حقوق إنتاج برامج لفائدة القناة الأولى. ذلك أن هذه اللجنة وفي خطوة غريبة لا يفهم منها الكثير من الأمور هو توزيعها لمجموعة أعمال وإنتاجات على شركات بعينها حصرت في عشرة ومقصية للعشرات من حاملي مشاريع الإبداع في المغرب. إذ خصصت هذه اللجنة عن مهنية أو عن غير مهنية وعن معايير لا تفهمها سوى هي وعلماؤها أكثر من حصة لشركة واحدة. إذ وصل عدد الإنتاجات التي حصلت عليها شركة بعينها مثلا إلى أزيد من ست حصص، وشركة أخرى حصلت على ثلاث حصص وأخرى على حصتين وأخريات وزعت عليها حصتان أو حصة واحدة. وبقراءة متأنية وبمنطق العمل التلفزيوني البسيط وفي ظل ظروف الإنتاج وتوقيته وكل ما يرتبط به وخاصة على مستوى ما يسمى بالجودة في الصورة والمنتوج الذي سيقدم للمغاربة، فإن هذه الشركات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينتظر منها الكثير. وأنها بفعل تدفق الكثير من العمل عليها حد أن تغرق بالخدمة، لكي تصل بالمنتوج إلى ردهات البريهي في موعده، فإن جودة ما سيقدم لن يتجاوز عتبة الرداءة والإسفاف الذي ما فتئ يعاني منه المشاهد المغربي منذ سنوات. والحال أن الجميع كان يعتقد أن الموضوع سيطوى وسيصبح لنا فعلا إنتاج منافس ومهني وجيد، سيجد المغربي، دافع ضرائب جهاز تلفزيونه الخربان، أمام نفس عادات حليمة، لكن هذه المرة حليمة تلبس جبة القانون وتحتكم إلى ما سمي بهتانا في عصر وزمن وزير الاتصال الحالي ب«دفاتر التحملات» التي لا تحمل شيئا من المبادئ التي جاءت بها سوى الاسم. إن العبرة في التلفزيون ليست في الكم وفي توزيع الثروات بشكل غير عادل على محظوظين، بل إن العبرة في الكيف وفي طريقة تدبير المنتوج الذي سيشاهده المغاربة. كما أن عبرة الدفاتر والتحملات واللجن والبيروقراطية المعمقة وأصول الحكامة وتكافؤ الفرص بدت اليوم شعارا فضفاضا لا يمت لواقع الحال بصلة، بل إنه يكرس نفس العقلية التي ألفناها في تلفزيوننا، وهي عقلية الريع وسياسة «باك صاحبي»، ومقولة «نوضها على المسؤولين كي تحصل على الكعكة التلفزيونية». إن على الفاعلين في الحقل التلفزيوني والذين يدبرون ليومياته، أن يعيدوا النظر في اللجنة التي تم اختيارها لتقييم أعمال المبدعين والمنتجين المغاربة. لأن الكثيرين يعتبرون أن هذه اللجنة وعملها أساسا لا يمت للتلفزيون بصلة لأن أغلب أعضائها، بمثل هكذا اختيارات، يبدو أنهم لا يعون ماذا يعني الإنتاج التلفزيوني، وبالتالي فهم لا يمكن أن يقدموا الإضافة المرجوة لهذا القطاع. وما يؤكد ذلك هو أن هذه اللجنة لا تضم سوى شخصا واحدا من عالم التلفزيون، فيما البقية من عوالم أخرى. وهذا في حد ذاته يقول الشيء الكثير وله ما له من تأثير على نتائج ما سيخرج للعلن. بدأنا بسؤال ونختم بسؤال. وهو كيف للمجلس الإداري للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، للي شبعان تلفزيون يا حسرة، أن يصادق ويؤشر على نتائج عمل لجنة القراءة وهو يعلم أن ما قرر يتناقض مع مقتضيات دفاتر التحملات، رافعا شعار الحكامة والشفافية وتكافؤ الفرص؟ حسن بن جوا