ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يقلب الطاولة على بنفيكا في مباراة مثيرة (5-4)    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    ربط كهربائي ومعبر جديد.. المغرب وموريتانيا يرسّخان جسور الوحدة والنماء    افتتاح قاعة رياضية خاصة بأسرة الأمن الوطني    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى    التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة    لمواجهة آثار موجات البرد.. عامل الحسيمة يترأس اجتماعًا للجنة اليقظة    استياء بين طلبة معهد الإحصاء من تعطل معدات الوقاية من الحرائق واحتجاج على صمت الإدارة    الحكومة: سعر السردين لا ينبغي أن يتجاوز 17 درهما ويجب التصدي لفوضى المضاربات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    تركيا.. يوم حداد وطني إثر حريق منتجع التزلج الذي أودى بحياة 66 شخصا    وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور الأساتذة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    رئيس مجلس النواب يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية بفيتنام    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    هل بسبب تصريحاته حول الجيش الملكي؟.. تأجيل حفل فرقة "هوبا هوبا سبيريت" لأجل غير مسمى    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي    المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    مطالب برلمانية بتقييم حصيلة برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي كلف 20 مليار درهم    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    انفجار في ميناء برشلونة يسفر عن وفاة وإصابة خطيرة    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    العمراني : المغرب يؤكد عزمه تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تنصيب ترامب    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية    إيلون ماسك يثير جدلا واسعا بتأدية "تحية هتلر" في حفل تنصيب ترامب    ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    دوري أبطال أوروبا.. مواجهات نارية تقترب من الحسم    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطرح نفايات يهدد بتسميم البشر والحجر في بلاد الذهب الأبيض

« فيل زادوه فيلة » مثل ينطبق على سكان جماعة المفاسيس0 تصور أنك تعيش تحت رحمة غبار ودخان الفوسفاط، وإلى جوارك أحواض لغسل هذه المادة ، وفوق رأسك أسلاك الضغط المرتفع، وفجأة تفتح نافذة بيتك لتجد أمامك مطرحا للنفايات المنزلية، إنه الجحيم يترامى على عشرات الهكتارات، تصب فيه يوميا 30 جماعة نفاياتها ، ولا يفصلك عنه سوى عشرات الأمتار فقط0 تخيل أيضا أن سياجا حديديا يحول بينك وبين أرضك التي ورتتها عن أجدادك ، ويعيقك عن حصاد محصولك الزراعي، وأنت عاجز لا تستطيع التصرف فيما زرعته بيديك ، و مع كل ذلك تماطل السلطات المحلية في تعويضك أو تنقيلك، وتصر على تشييد المطرح في مكان تعتبره خاليا من السكان، مع أنه يقع وسط مجموعة من الدواوير الأهلة والحقول الزراعية ، فما الحل إذن ؟
المفاسيس جماعة قروية لاتبعد عن خربيكة إلا بعشرين كلمترا ، لا تختلف في شئ عن باقي قرى وبوادي المغرب ، ينعتها أصحاب الأرض ببلاد الذهب الأبيض «الفوسفاط»، لكن في الواقع لاشئ يدل على هذه التسمية، فقد تحولت أراضيها إلى مدفن لكل السموم، وبات المئات من سكانها في خطر محدق جراء ثلوت التراب والهواء ومياه الآبار. فواهات معامل الفوسفاط ترمي بغبارها على المنطقة برمتها كلما تغير اتجاه الرياح ، وعشرات الأحواض لغسل الفوسفاط تنتشر على مقربة من الدواوير ، أعمدة الكهرباء و أسلاك الضغط المرتفع تمر مباشرة فوق رؤوس الفلاحين وتخترق حقولهم ، كلها أضرار لم تكف هؤلاء السكان ليتم اختيار المنطقة كمطرح عمومي يستقبل نفايات 30 جماعة حضرية وقروية باقليم خريبكة. منذ خمسة شهور و المتضررون الذين لا يفصل بيوتهم عن سياج المطرح سوى عشرات الأمتار يعتصمون بجوار الورش ، لكن الاحتجاجات لم تجد نفعا، كما أنهم يتعرضون للضغط من قبل السلطات المحلية و التهديد بالإعتقال في حال عرقلة المشروع . مطلبهم الوحيد والبسيط هو رفع "الحكرة" عنهم، إما بإبعاد المطرح العمومي الذي بلغت فيه الأشغال مراحل متقدمة, أو تنقيلهم بعيدا عن المطرح بعد تمكينهم من تعويض مادي مناسب لأراضيهم ، بدل تجاهلهم وتركهم يواجهون مصيرهم مع الأزبال والروائح والعصارات السامة على عتبة أبوابهم ، واقتطاع أجزاء من حقولهم دون اكترات باصواتهم . لعل أخطر شئ في هذا المشروع هو تقديم معلومات غير دقيقة للسلطات العليا في البلاد والمصالح المركزية ، مفادها أن المطرح سيقام في منطقة معزولة وخالية من السكان ، في حين أن الواقع يكذب ذلك ، ورش المطرح الجديد يقع بجوار دواوير يعيش سكانها على الفلاحة و رعي المواشي ، وإلى الآن تماطل السلطات المحلية والمجالس المنتخبة في إيجاد حلول مرضية لها ، لكن قبل الحديث عن المطرح لابد من العودة إلى الوراء قليلا .
بلاد الذهب الأبيض
خلال جولة بسيطة في حاضرة الفوسفاط، ينتابك شعور غريب ، شوارع جميلة ، مباني غالبية أصحابها في ديار المهجر ،هدوء يعم الممرات والأزقة ، حركية المدينة ترتبط بشكل وثيق بالفوسفاط وعائدات المهاجرين، لكن المدينة لا تخلو من تناقضات ، حين تهم بمغادرة خريبكة عبر طريق الفقيه بن صالح ، تصدمك بعض الروائح الكريهة والقوية، تفرض عليك التساؤل عن مصدرها، وما إن تستوعب أنها صادرة من إحدى مراكز تجميع مياه الصرف الصحي ، حتى تسارع لإغلاق زجاج السيارة ، لكن جمال الحقول المترامية أمامك على مرمى البصر سرعان ما ينسيك تلك الروائح ، لكن لا تنسى أن كتبانا بل جبالا من الفوسفاط والمناجم والمقالع تزحف من كل جانب للتضييق على الفلاحة التي هي مصدر عيش كثير ممن لم يحالفهم الحظ في ايجاد عمل قار. على بعد عشرين كلمترا من مدينة خريبكة في اتجاه الفقيه بن صالح ، وتحديدا التقاطع الذي يتفرع إلى الطريق المتوجه إلى البروج يمينا ، ومركز جماعة المفاسيس يسارا، عند هذا التقاطع تصادف مشهدا غريبا لأعلام وطنية ولا فتات تستنجد بجلالة الملك ، ومواطنون يرددون هتافات هكذا في الهواء الطلق « هذا عار هذا عار المفاسيس في خطر … ضربونا قتلونا المطرح هو عدونا » ، مشهد يثير كل سائقي السيارات والشاحنات التي تعبر من هذا الممر ، وسرعان ما يتكشف أن السبب هو إحداث مطرح عمومي للأزبال وسط الدواوير. خريبكة عاصمة الفوسفاط تأسست سنة 1923 بعد اكتشاف الفرنسيين لمناجم الفوسفاط بها ، وعرفت منذ بداية الستينات استغلال المكتب الشريف للفوسفاط لكميات هائلة من الذهب الأبيض بالمنطقة، حيث انتشرت على نطاق واسع عمليات نزع ملكية مئات الهكتارات على أساس المنفعة العامة، سنة واحدة بعد تولي الملك الراحل الحسن الثاني الحكم ، قام جلالته سنة 1962 بزيارة إلى المنطقة، وكانت تعليماته واضحة ، تشغيل أبناء المنطقة بنسبة 70%، وبعدها مباشرة تم عقد اجتماع ضم المسؤولين بالمكتب الشريف للفوسفاط و أبناء المنطقة ، حول تفاصيل التشغيل كما تم الحديث على إرجاع الأراضي لأصحابها فور انتهاء استغلال الفوسفاط بها 0 إحدى هذه القطع الأرضية، تبلغ مساحتها 48 هكتار تجاور عددا من الدواوير الصغيرة ، توقف المكتب الشريف عن إستغلال الفوسفاط منذ سنة 1984، وظلت مهجورة منذ ذلك الحين ، وإلى جوارها عشرات الهكتارات من الحقول ، اختارت سلطات المدينة مؤخرا تحويلها إلى مطرح لتدبير النفايات المنزلية ، وبالفعل تم تسييج الأرض التي كانت مخصصة لمقلع الفوسفاط ، واجتياح هكتارات إضافية أخرى، تم إدخالها إلى حوزة المطرح الجديد ، دون احترام إجراءات نزع الملكية ودون تعويض حسب تصريحات المتضررين0
المفاسيس والكذبة الكبرى
فكرة إقامة مطرح للأزبال بالمنطقة عرفت انطلاقتها الفعلية منذ شهر دجنبر 2010، حيث قامت لجنة إقليمية بزيارة لمكان إقامة المطرح، وقد تم إخبار السكان ، أن الدراسات القائمة تأتي في إطار السهر على بناء معمل تابع للمجمع الشريف للفوسفاط إلى جانب مرافق اجتماعية ستوفر مناصب الشغل لأبناء المنطقة ، وهو الادعاء الذي أكده مسؤول إقليمي سابق في اجتماع مع ممثلي الساكنة بمقر عمالة إقليم خريبكة، مما دفع بالسكان إلى التفاؤل ، والترحيب بالمشروع مع انطلاق الأشغال الأولية والتمهيدية ، قبل أن يفاجئوا بقرار المصادقة عن إقامة مطرح للنفايات الإقليمية ، وتعليق لوحة معدنية على الطريق تشير إلى إنجاز مطرح عمومي بالمنطقة . واليوم يتساءل السكان عن الجدوى من تشبث الجهات المعنية بإقامة المطرح بالقرب من منازلهم وحقولهم الزراعية ، رغم علمها المسبق بالكارثة البيئية التي يمكن أن تخلفها إقامة المشروع على السكان والحيوانات والفرشة المائية بالمنطقة. الرقابي أحمد واحد من سكان دوار محمد بنقاسم، لا يفصل بيته و سياج المطرح سوى عشرين مترا فقط ، أكد أن المطرح هو ما دفع بهم إلى تدشين مسلسل طويل من الاحتجاجات والاعتصامات ، إلى غاية الزيارة الملكية للعاصمة الفوسفاطية، وتفجير فضيحة إقامة الفردوس ، حيث قدمت خلالها وعود للسكان بوضع حل للمشكل المطروح، لكن يضيف المتحدث أن الوعود المقدمة للساكنة ما لبتث أن تبخرت بعد الزيارة الملكية ، لكن المتضررين مستمرون في مواصلة محطاتهم النضالية والمطالبة بالحق في عيش كريم و بيئة سليمة، مشيرا في الوقت نفسه إلى حرصهم على مواصلة اعتصاماتهم واحتجاجاتهم إلى غاية إنصافهم، فهل يحتاج مطرح المفاسيس بخريبكة لزيارة ملكية أخرى، من أجل إنصاف السكان المتضررين ؟
كيف تم اختيار المطرح ؟
قبل زيارة اللجنة الإقليمية لمكان المطرح ، تم بتاريخ 14 أبريل 2009 أمام جلالة الملك التوقيع بالقصر الملكي بفاس على اتفاقية إنجاز مشاريع متعلقة بتدبير الماء و تنمية الموارد المائية بجهة الشاوية ورديغة. لإنجاز المشاريع المندمجة في ميدان الماء والبيئة في إطار البرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية. وقد حظي مشروع تدبير النفايات الصلبة بالإقليم في إطار تشاركي مع وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، ووزارة الداخلية والمجالس المنتخبة بخريبكة، باهتمام كبير ولهذا الغرض تأسست "مجموعة جماعات ورديغة" لتدبير النفايات بالإقليم طبقا للميثاق الجماعي. مجموعة جماعات ورديغة المحدثة كانت في حاجة لقطعة أرضية ، وقد سارعت بدورها للمصادقة على اتفاقية بينها وبين المجمع الشريف للفوسفاط بشأن وضع قطعة أرضية رهن الإشارة، لإنجاز مطرح إقليمي مراقب، وتشير بعض المصادر أن المجمع الشريف وضع بين يدي السلطات 16 بقعة أرضية جاهزة لإنشاء المطرح ، لكن وقع الاختيار على قطعة أرضية تبلغ مساحتها حوالي 48 هكتارا محددة في التصميم رقم 572 ، وتندرج ضمن ممتلكات المكتب الشريف للفوسفاط ، بموجب عقد شراء للأراضي ملك بين سنتي 1974 و1984 ، هذه القطعة خصصت لإيواء المطرح الإقليمي المراقب، وهي كمساهمة من المكتب في تأهيل القطاع البيئي بالإقليم. من بين البنود المهمة التي شملتها الإتفاقية المذكورة أن مجلس مجموعة الجماعات ورديغة سيتحمل كل المظاهر السلبية الظاهرة أو الخفية، المصرح بها أو غير المصرح بها، المتواصلة أو المتقطعة التي يمكن أن تتحملها القطعة الأرضية ، وسيتم العمل باستغلالها لمدة ثلاثين سنة قابلة للتجديد ، كما ستتحمل المجموعة جميع الضرائب والرسوم الخاصة بالبقعة. بهذا البند يكون المجمع الشريف للفوسفاط قد أبرأ ذمته من كل مسؤولية، وألقاها على عاتق مجموعة الجماعات، التي تكلفت أيضا بالبحث عن مصدر تمويل نصيبها والمتمثل في 205 مليون الدرهم، ولهذا الغرض تم توزيع ذلك على الجماعات الحضرية والقروية بالإقليم ، اعتمادا على معيار عدد السكان وميزانية تدبير النفايات لكل جماعة ، فهل ستلتزم مجموعة الجماعات ببنود الإتفاقية وتعويض السكان المجاورين للمطرح العمومي أم ستغمض أعينها عن مطالبهم ؟
اعتمادات بقيمة 85 مليون درهم
يوم الخميس 15 مارس 2012 اطلع جلالة الملك خلال زيارته لاقليم خريبكة، على برنامجي التطهير السائل والصلب للمدينة، اللذين رصدت لهما اعتمادات إجمالية تبلغ 485 مليون درهم، وأكد المسؤولون على المشروع أن هدفه هو تحسين الظروف الصحية للمواطنين وحماية الوسط الطبيعي واقتصاد الماء، من خلال إعادة استعمال المياه العادمة في عمليات غسل الفوسفاط ، وكذا مواكبة التنمية الاقتصادية للمنطقة والانعكاسات البيئية المهمة0 برنامج التدبير الشمولي للنفايات الصلبة وهو الذي يهمنا، رصدت له اعتمادات بقيمة 85 مليون درهم، ويتوخى هذا البرنامج الذي تشرف عليه وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، القضاء على التلوث والتأثيرات السلبية التي تتسبب فيها المطارح العشوائية للنفايات وتقليص كلفة نقل النفايات نحو المطرح المراقب. وشمل البرنامج إحداث المطرح الإقليمي المراقب بالجماعة القروية «المفاسيس» وتشييد ثلاثة مراكز لنقل النفايات بمدن خريبكة ووادي زم وأبي الجعد . لكن المثير للدهشة فعلا أن البرنامج والمشروع الذي عرض على أنظار جلالة الملك ، تجاهل تماما الحديث عن ترحيل السكان المجاورين للمطرح أو تخصيص اعتمادات مالية لتعويض أصحاب الأراضي القريبة ، وهو الأمر الذي يجعلنا أمام تساؤلات مشروعة , فهل كانت وزارتي الداخلية و الطاقة والمعادن تجهلان موقع المشروع ، وأنه سيحدث وسط دواوير مأهولة بالسكان ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، لماذا تغاضت السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة عن إثارة جزئية مهمة، في مشروع سيعرض على أنظار جلالة الملك ، خلال اتفاقياتها اللاحقة مع شركات النظافة ؟ علما أن الأمر يتعلق بتفاصيل قد تكون لها ثاثيرات لاحقة على المشروع ككل، وأخيرا من له مصلحة في اختيار موقع مطرح عمومي للنفايات وسط منطقة محادية للسكان ، وهي أصلا تعاني انعكاسات بيئية كبيرة ؟
تدبير مفوض افتراضي
تسعة شهور من اطلاع جلالة الملك على برنامج التطهير السائل و الصلب بمدينة خريبكة ، وتحديدا يوم الخميس 15 نونبر 2012 ، ترأس عامل إقليم خريبكة حفل توقيع اتفاقية التدبير المفوض لجمع وتدبير النفايات بإقليم خريبكة بين مجموعة الجماعات «ورديغة» وشركة "تكميد المغرب" مبلغ الصفقة بلغ 25 مليون درهم فازت بها شركة تكميد المغرب على إثر منافسة دخلتها ثلاث شركات متخصصة في ميدان جمع النفايات. وسيبدأ العمل بالاتفاقية الموقعة منذ فاتح يناير 2013، كما أنها تمتد إلى سبع سنوات بدءا من تاريخ حيز التطبيق. و قد أعلن أن هذا المشروع التشاركي، الذي تشرف عليه مجموعة الجماعات "ورديغة" يهدف الحفاظ على الموارد المائية وتحسين إطار عيش الساكنة عن طريق جمع النفايات المنزلية والمماثلة و تنظيف الشوارع والساحات العمومية من النفايات ونقلها إلى ثلاثة مراكز للتجميع المؤقت، قبل نقلها إلى المطرح الإقليمي المفاسيس، والذي لم تنته به الأشغال حتى الآن . توقيع الإتفاقية السابقة مع شركة تيكميد ، يعني ان المسؤولين يوقعون تعاقدا بالتزامات افتراضية مادام المطرح العمومي غير موجود حينها ، و يعني أيضا أن الشركة الحائزة على الصفقة ، تتقاضى مبالغ مهمة ، وبعد ستة شهور من توقيعها لاتزال تجمع النفايات بطريقة تقليدية وتتخلص منها في المطارح القديمة ، دون أن يتوفر المطرح الجديد حتى هذه اللحظة فهل ستحتسب مدة نصف سنة ضمن العقدة ؟ يوم الأربعاء 20 مارس 2013 شهد مكتب عامل الاقليم لقاء بطلب من برلمانيي العدالة والتنمية ، وقد أبدى العامل استعداده لتدارس كل القضايا، مؤكدا على ضرورة استمرار التواصل بين الطرفين للتعاون لما فيه فائدة المواطنين، سيما ما يتعلق بملف مطرح النفايات بجماعة المفاسيس حيث أكد بأنه لا يقبل أن يتضرر المواطنون من هذا المشروع ملتزما بايفاد لجنة ميدانية لتحديد المواقع السكنية الأقرب للمطرح قصد العمل لاحقا على تنقيل المواطنين المتضررين وتعويضهم ، لكن إلى اليوم لايزال السكان ينتظرون ، لا اللجنة حلت ولا التعويضات جاهزة ، فيما الأشغال تسير في المطرح نحو نهايتها ، فهل سيتم تجاهل الأضرار الخطيرة المحدقة بالسكان ؟
البيئة في آخر القائمة
في الحقيقة لا يعلم المرأ إن كان سوء الحظ هو الذي قاد هؤلاء المواطنين لهذا المكان ، وكأن ما بهم لم يكفهم ، لينظاف إلى معاناتهم اليومية مطرح عمومي للنفايات المنزلية ، ، فهذه الجماعة التي يتواجد بها مركبا صناعي ، تتعرض أراضيها لنزيف بيئي كبير ، حيث تتسرب إليها زيوت سوداء، تأتي على النباتات الخضراء، يحكي السكان أنه رغم احتواء هذا المشكل بتطويق الزيوت داخل بركة غير أن الفائض يجد طريقه للجوار 0 محاصيلهم الزراعية انخفض مردودها بشكل سلبي، وسيزيد الطين بلة، إضافة مطرح لتجميع بقايا المدار الحضري كهدية أخرى تقدم لهذه الجماعة الفقيرة 0 الساكنة نددت بالمطرح واحتجت بشكل حضاري عبر وقفات واعتصامات بيد أن القرار أخذ مجراه الطبيعي والمطرح يواصل الإشتغال بشكل عادي ، فمتى سيتم التفكير بالساكنة ؟؟ وهل يملك المسؤولون أي استراتجية لتنمية المنطقة وتشغيل شبابها بعد أن قضى شيوخها نحبهم جراء الأمراض التي يسببها الإستغلال المكثف للفوسفاط ؟ أسئلة تيقى معلقة 0 السكان المتضررون تجمع كل تصريحاتهم على ضرورة إخراج المشروع"اللابيئي" من الدوار وإبعاده بمسافات كافية حتى لا يتسبب في مشاكل بيئية و خيمة، ستضر بهم و بأبنائهم و ماشيتهم ، وأنهم ليسوا ضد المطرح في حد ذاته ، ولكن ضد تجاهلهم بهذا الشكل المهين، فهم على بساطتهم لم يستسيغوا أن كل مشروع اسثتماري يتطلب مساحات كثيرة، إلا وحاول المسؤولون بالمدينة وضعه في تراب جماعة المفاسيس ، مشاريع لايرى فيها السكان وسيلة لإنعاش المنطقة بل لتهميشها وتفقيرها وإبادتها ، وتحويلها إلى مركز للنفايات السامة، ففي الوقت الذي تطالب فيه ساكنة الجماعة بتوفير مناصب الشغل لأبنائها، والاستفادة من الإنارة، السكن، والعيش الكريم، يتم تضييق الخناق عليهم بالأشغال والمتفجرات المزعجة، وإكثار المستنقعات التي هي عبارة عن أحواض مياه كيماوية وكذا مطارح النفايات العمومية
مشروع قاتل
إلى حين إيجاد حلول عاجلة سكان دواوير أولاد محمد بن قاسم وأولاد عطي بجماعة المفاسيس، يواصلون احتجاجاتهم المنددة بإقدام الجهات المعنية على انجاز مطرح لا يبعد على مساكنهم إلا بأمتار قليلة، مجموعة من السكان الذين التقتهم «الأحداث المغربية» أكدوا بأن هذا المطرح سياتي على ما تبقى لهم، وأن حياتهم ستتحول إلى جحيم زيادة على غبار الفوسفاط0 أحمد رقابي أحد المعتصمين صرح بأن السكان لن يسمحوا بتشييد هذا المطرح فوق أرضهم . مضيفا بأن الأرض ينبغي أن تعود إليهم بعدما انتهى المجمع الشريف للفوسفاط من استغلالها تنفيذا للوعود التي قدمت لهم سابقا ، أو يتم تعويضهم وترحيلهم بشكل قانوني ، و يضيف نفس المتحدث بان المجمع الشريف للفوسفاط يملك عدة هكتارات بالاقليم خالية من السكان ، يمكن ان يشيد فوقها المطرح، مضيفا أن المجمع وضع بين يدي السلطات 16 بقعة أرضية جاهزة لإنشاء المطرح ، متسائلا لماذا تخلى عنها المسؤولون، واختاروا إنجازه بالقوة في هذا المكان ضد رغبة الساكنة ، إلا إذا كان غرضهم تهجير السكان من أرضهم بعد أن يشتد عليهم الخناق بالغبار وتشح آبارهم و ثلوت الفرشة المائية وتنتشر الروائح الكريهة. الرقابي قال إن العديد من الأمراض كالسيليكوز، الذي يقضي على الكبد والرئة والكلي ظلت تفتك بسكان المنطقة لسنوات ، وهم يعيشون حاليا وضعية مزرية وحياة قاسية، بعدما عانى أباؤهم من نزع ملكية أراضيهم وأصبحوا دون مأوى و أرض بدعوى المنفعة العامة ، واليوم تسلم للغير من أجل استغلالها، في حين كان من الأجدر أن تسلم لمالكيها الأصليين لاستغلالها في الفلاحة، علما أن المشروع يمكن إقامته في الأراضي السلالية أو أراضي المكتب الشريف للفوسفاط الخالية من التجمعات السكنية ، حتى تبتعد الأضرار والمشاكل التي يمكن أن يخلفها المطرح للساكنة والمواشي .
تظلم للديوان الملكي
في رسالة موجهة إلى الديوان الملكي ، طالب المعتصمون بالتدخل لرفع الضرر الذي سيلحق الساكنة جراء إقامة مطرح إقليمي للأزبال و تؤكد الشكاية أنه بالرغم من مراسلتهم لمختلف المصالح والوزارات، إلا أن مطالبهم المشروعة ووجهت بالتسويف واللامبالاة، بالرغم من التلوث الذي سيطال الفرشاة المائية بفعل تسرب المياه الناتجة عن عصارة الأزبال المفترض تراكمها بالمطرح، مما سيحول المطرح إلى كارثة بيئية بامتياز، تنضاف إلى مخلفات الغبار والأدخنة المنبعثة من معامل الفوسفاط، التي ظلت تجثم على نفوس المواطنين لسنوات طويلة، مخلفة العديد من الأمراض التنفسية والرئوية، إلى جانب التصدعات التي أصيبت بها مساكنهم جراء استعمال المتفجرات في استخراج مادة الفوسفاط. وقد عبر المحتجون عن ثقتهم في إنصافهم من طرف الملك إسوة بسكان مجمع الفردوس، منددين في الوقت ذاته بالأسلوب الذي نهجته الإدارة الترابية بالإقليم بتواطؤ مع إدارة المجمع الشريف للفوسفاط من أجل إقامة مطرح للأزبال بالقرب من مساكنهم، من خلال تغليط الساكنة وتقديم وعود كاذبة ومعطيات زائفة، عن نوعية المشروع المفترض إقامته بمكان المطرح، بالرغم من توفر المجمع على أراضي شاسعة توقف استغلالها في استخراج الفوسفاط وبعيدة عن التجمعات السكنية. وندد نص الرسالة بالهجمة الشرسة التي يتعرض لها السكان أثناء ممارستهم حقهم المشروع في الاحتجاج بشكل حضاري من أجل إيصال صوتهم، في وقت تعمل السلطات المحلية جاهدة رغبة في تلفيق تهم مجانية للمحتجين، بهدف ثنيهم عن مواصلة برنامجهم النضالي لرفع الضرر الذي سيلحقهم جراء إقامة مطرح للنفايات إقليمية بالقرب من دواوير آهلة بالسكان..
إدريس العماري
رئيس مجموعة جماعات ورديغة
ينبغي على المتضررين التكثل في ودادية سكنية المشروع تكلفت به منذ البداية كتابة الدولة في الماء سابقا، وزارة الطاقة والمعادن والبيئة والماء حاليا ، ولا يمكننا أن نقوم بأي شئ حاليا لأن الوزارة هي صاحبة المشروع ، نحن قمنا بتوقيع اتفاقية مع شركة «تيكميد» من أجل القيام بمهام التنظيف وكنس المدينة والجماعات الأخرى ونقل الأزبال صوب المطرح العمومي 0 كل الحلول يمكن التفكير فيها لصالح السكان، ولابد من انخراط السلطات المحلية فيها، أنا ابن المنطقة وأرجو إيجاد حلول لهذا المشكل ، كما أنه يمكن للسكان أن يتوحدوا في شكل لجنة ويتوجهوا بمطالبهم للعمالة ، من أجل الحصول على أرض ليس لدينا مشكل في الترحيل فالمكتب الشريف للفوسفاط، سبق أن قام بعمليات مماثلة على نطاق واسع 0 ويمكن للمتضررين أيضا التنظيم على شكل ودادية سكنية تناقش مشاكل السكان، وتفاوض باسمهم في هذا الإتجاه فالمشكل هو عدم وجود مخاطب ومحاور وحيد ، فقد تجد حلولا مع هذا الشخص ويرفضها الباقون، أو يتراجع بعد ذلك عن قبول الحل لابد من التكثل في شكل قانوني على شكل ودادية سكنية حتي يتم إيجاد حلول لهذا المشكل 0
قسماوي عبد الله
رئيس الجماعة القروية المفاسيس
العقار هو السبب وراء مشكل مطرح «المفاسيس» المشكل في هذا المشروع هو العقار، لأن مجموعة الجماعات ورديغة التي تشرف على إنجاز هذا المطرح ، وجدت صعوبة في توفير القطعة الأرضية ، لكن المكتب الشريف للفوسفاط وضع رهن إشارتها قطعة أرضية مجانية، حينما حلت لجنة لدراسة التأثيرات البيئية تمت مراسلتنا بشكل متأخر جدا ، لأننا جماعة قروية لا نتوفر على مركز للبريد، وبقيت المراسلة في جماعة حطان القريبة ، ولم نحضر نحن الذين نمثل سكان الجماعة ، وقد وجهنا لهم لوما شديدا 0 المهم أن الدراسة تحدثث عن كون المشروع ليس له تأثيرات بيئية، لكن كيف لنا أن نتحقق من ذلك و المشروع لم ينطلق بعد، وهل تم فعلا احترام كل المعايير في دفتر التحملات، لكن ينبغي أن تعلم أن شاحنات جمع الأزبال، لاتحترم تغطية حمولتها بواسطة الشباك، وتنبعث منها السوائل والروائحج الكريهة حتى في كبريات المدن ، ما بالك بجماعة قروية نائية السوائل ، فالمطرح لابد أن يكون له ثأثيرات على المنطقة دون شك 0 نحن جماعة قروية فقيرة جدا وزارة الداخلية أمدتنا بمنحة 900 ألف درهم ، وننتظر موافقة عامل الإقليم قريبا للتوقيع على الميزانية ، مع العلم أن لدينا جماعة سكانها 8000 نسمة لها مطالب في الماء والكهرباء ، لكن مشكل المطرح موجود بحدة ، ولطالما عبرنا عن مخاوف من الأضرار البيئية لهذا المطرح 0 الدولة الآن أنفقت في المشروع حوالي 20 مليار سنتيم ، ومن العبث التراجع عنه، لكن هناك مطالب اجتماعية للسكان القريبين من المطرح ، ونحن نقترح كحل لهذا الإشكال المطالبة بتجزئة سكنية في مركز الجماعة ، حيث يمكن تخصيص قطعة أرضية بالتعاون مع المكتب الشريف للفوسفاط ، تخصص كسكن لهم بمركز الجماعة ، فيما أراضيهم الفلاحية يستغلونها في النشاط الفلاحي، وهو حل نعتبره منصفا للسكان ، خصوصا أنها تجربة ناجحة سبق تطبيقها في حالات مماثلة، ووجدت نوعا من الإقبال، ونتمني حلا قريبا لهذا المشكل 0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.