مؤشرات تتراجع، رسملة تتناقص، أسهم تتهاوي…تداولات شحيحة.. ما الذي يحدث ببورصة الدارالبيضاء؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح في سياق ظرفية صعبة دفعت بمسؤولي هذه الأخيرة قبل أسابيع، إلى اتخاذ حزمة إجراءات جديدة تستهدف ضخ جرعات إنعاشية في دينامية البورصة، ضمانا لاستشفائها من وهن نقص السيولة المستبد بشريانها منذ فترة ليست بالقصيرة. واقع ما كان لينأي بالمراقبين والمحللين الماليين، بعيدا عما يجرى داخل معترك هذا السوق المالي. فقراءتهم تفيد أن شبح التراجع الذي يخيم منذ فترة على مؤشرات وتداولات بورصة الدارالبيضاء، لا يرتبط فقط بتأثر الإقتصاد المغربي بتداعيات الأزمة المالية العالمية وما نتج عنها من تباطئ في الصادرات وتراجع التحويلات وانخفاض عائدات السياحة وتدني احتياطات الصرف وغيرها، بل يعود أيضا في نظرهم، إلى حزمة عوامل أخرى ذات أهمية موازية، من أبرزها تقلص تدفقات الإستثمار الأجنبي بالمغرب عوامل ذات طابع ماكرواقتصادي، شكلت حسب هؤلاء المحللين، أسبابا مباشرة لتدني معاملات بورصة الدارالبيضاء في الآونة الأخيرة، في الوقت الذي أفادنا فيه مصدر بهذه الأخيرة بعدما فضل عن الإشارة إلى إسمه، بأن رسملة سوق البورصة تكبدت منذ اندلاع شرارة الأزمة المالية العالمية سنة 2008، وإلى غاية شهر فبراير من السنة الجارية، خسائر بقيمة 270 مليار درهم، حيث تراجعت قيمتها في ظرف هذه الفترة الزمنية الممتدة لخمسة سنوات، من حوالي 700 مليار درهم إلى أقل من 430 مليار مع متم ثاني شهور السنة الجارية، يوضح المصدر ذاته في تصريح ل “الأحداث المغربية”. فتدنى معاملات البورصة، يجد مبرراته حسب تصور المهتمين بالشأن المالي، في تأثر الشركات المدرجة بحدة المنافسة القوية التي فرضتها عليها المقاولات الأجنبية، ما نتج عنه ركود وتراجع في نمو مشاريعها الإنتاجية بالسوق الوطني الذي تم إغراقه بمنتوجات هذه المقاولات الأجنبية، وخاصة منها تلك التي لا تتوفر على فروع إنتاجية لها بالمغرب. هذا في الوقت الذي لم تسلم فيه أسهم شركات كبرى مدرجة من قبيل الضحى واتصالات المغرب ولافارج المغرب والبنك المغربي للتجارة الخارجية من منحى الإنخفاض على امتداد هذه الفترة، تزامنا مع إقرار واقع الولوج الضعيف للشركات في البورصة ارتباطا بهاجس افتقاد الثقة في السوق، حيث تفيد المؤشرات أن الحسابات الجارية للشركات الهامة المدرجة، قد عرفت انخفاظا ملموسا داخل السوق، فيما تهاوت قيم أسهمها بنسبة 38 في المئة. أرقام مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية لم تعاكس مجرى التيار، حينما أفادت أن مؤشري مازي وماديكس أنهيا شهر فبراير الماضي على انخفاض طفيف على التوالي ب0,7 في المائة و0,8 في المائة مقارنة مع نهاية شهر يناير الماضي . حيث أوضحت المديرية في مذكرة الظرفية لشهر مارس أن مقياسي بورصة الدارالبيضاء بلغا في نهاية شهر فبراير على التوالي ما مجموعه 8923,82 و 7273,49 نقطة، لينقلا تراجعهما مقارنة مع نهاية دجنبر 2012 الى ناقص 4,6 و ناقص 4,5 في المائة . كما تراجعت رسملة البورصة بنسبة 0,7 في المائة مقارنة مع شهر يناير 2013 ، في حين تراجعت بنسبة 4,2 منذ بداية عام 2013 لتصل إلى 426,4 مليار درهم، توضح المديرية. هذه الأخيرة، أكدت أن من بين القطاعات 21 الممثلة في بورصة الدارالبيضاء، سجل 11 قطاعا أداء إيجابيا في فبراير الماضي مقارنة بالشهر السابق وتحققت أفضل النتائج لدى مؤشرات التعدين بزائد 9,3 في المائة والمشروبات ( زائد 8 في المائة) والترفيه والفنادق (زائد 7,9 في المائة) والهندسة وتجهيزات الصناعة (زائد 7,2