الإحتجاج يتخذ صورا مختلفة لكن الهدف واحد، ساكنة شارعي الدارالبيضاء والمحمدية بتطوان، اختاروا الأسبوع الماضي أسلوبا آخر وشكلا نضاليا متميزا، للتعبير عن رفضهم لإقامة موقف لسيارات الأجرة بحيهم، واستمرار الإهمال واللامبالاة من طرف الجماعة اتجاهه. السكان اختاروا شكلا آخر للتعبير على الإحتجاج من خلال ما أسموه «ورش تطوعي احتجاجي»، يحمل رسالة واضحة للمسؤولين بالمدينة عن كون الحي له «من يحميه» وأن ساكنته لا تلهيهم مشاغلهم اليومية عن حيهم، وأنه في حاجة لتزيينه وتنظيفه ولغرسه بالشتلات بدل أن يكون موقعا لموقف لسيارة الأجرة، بعد سنوات من الإهمال رغم الرسائل والشكايات الموجهة للجماعة. الأطفال ذكورا وإناثا كانوا الأوائل والأكثر حماسا للورش التطوعي، استيقظوا ذلك اليوم مبكرين ليشاركوا آباءهم هذا الحدث بالنسبة لهم، فكان اللقاء بالشارع الذي نادرا ما يلتقون به لانشغالات كل واحد منهم. الأطفال، النساء والرجال متجمعين هنا وهناك يستعدون لبدء الورش الإحتجاجي الذي خططوا له سلفا، وهيأوا كل شروط وظروف إنجاحه، مناسبة للإحتجاج وأيضا للقاء والتشاور بشؤون الحي، الذي نسي أمره الكثيرون منذ مدة، قبل أن توزع المهام بين كل طرف على حدة. فاختارت النساء حفر الأرض وغرس الشتلات، فيما اختار الأطفال أن يستعملوا الجير لتزيين الشجيرات وجنبات الطريق، وترك للرجال أمر تنظيف وتهيئة جنبات الطريق المغروسة، ونقل الأتربة والأحجار المستخرجة من الأرض التي سيتم غرسها لاحقا. بجدية واهتمام بالغ ساهم كل عنصر ذكورا وإناثا كبارا وصغارا في هذا الورش التطوعي أولا والإحتجاجي ثانيا، كل بقدر طاقته وبقدر وقته المتاح له صباح يوم الأحد، منهم من هو من عشاق البارصا فاختار المشاركة في الورش وآثر على نفسه موعدا يعشقه في تتبع فريقه المفضل، وآخرون تركوا هواياتهم المفضلة في لعب كرة القدم أو الخروج للنزهة، وحتى هناك من أجل زيارة الأهل والأحباب، ليتفرغ لهذا العمل التطوعي ويعبر بدوره عن غضبه ورفضه ل«تلويث حيه» من خلال موقف السيارات الذي لم يراع في إنشائه لا استشارة السكان ولا توفير البنيات التحتية الضرورية لنقص الآثار السلبية له. لافتة كبيرة تم تخطيطها لهذا الغرض، وعدد من الأوراق التي تحمل عبارات الرفض والمطالبة بإصلاح الحي وتوفير منطقة خضراء به، تم تعليقها بالجدران وعلى الأشجار، قبل أن يختم السكان ورشهم ذلك بوقفة احتجاجية قصيرة تم خلالها رفع شعارات مناوئة لموقف السيارات، وتطالب رئيس الجماعة الحضرية بعقد اجتماع مع لجنة الحوار المشكلة لهذا الغرض، والتي يتهرب من لقائها منذ قرار إقامة الموقف هناك، فيما كان دور السلطة المحلية إيجابيا في عقد اجتماع سابق للبحث عن حلول للمشكل وفق وجهة نظر كل طرف من الأطراف المعنية بالملف. مصطفى العباسي