رأى النور بمدينة الرباط في العكاري عام 1967 وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1989. شارك في العديد من الأعمال الفنية الناجحة مثل «دواير الزمان»، «المستضعفون»، «جنان الكرمة» ومسرحية «الهواري قايد النسا». إنه الفنان بنعيسى الجيراري الذي يتميز بقدرته على تجسيد مختلف الشخصيات والتنويع في اختياراته. لكن بالرغم من الشهرة الواسعة التي حققها، مازال الجهور المتابع لأعماله الفنية يجهل بالجوانب الخفية من حياته، خاصة تلك المرتبطة بعلاقته بأفراد أسرته، تفاصيل خاصة لم يتردد الفنان المغربي في تقاسمها مع القراء في السطور الآتية. «الفياق بكري بالذهب مشري»، حكمة حاضرة بقوة في حياة الفنان بنعيسى الجيراري، الذي يؤكد بأن يومه يبدأ باكرا في كل الأحوال، سواء تعلق الأمر بأيام العمل أو بالعطل وأوقات الفراغ. وتعتبر رياضة المشي أول الأنشطة التي كان يحرص بنعيسى الجيراري على القيام بها في الصباح الباكر حين لا يكون لديه التزامات مهنية، لكن الوعكة الصحية التي تعرض لها خلال تصوير أحد أعماله بمدينة مراكش في ظروف مناخية قاسية أرغمته على التخلي عن هاته العادة، بعدما صارت تلازمه آلام الظهر. يحرص بنعيسى الجيراري أيضا على اقتناء الجرائد لأنه يحب أن يكون دوما مواكبا للأحداث التي تهم المجتمع، قبل الخروج في نزهة أو للقاء أصدقائه. يشغل الجيراري أوقات فراغه بمتابعة الإنتاجات الوطنية، والاستمتاع بمشاهدة ما لا يقل عن ثلاثة أفلام على «دي في دي» خلال اليوم. يصف بنعيسى الجراري علاقته بأفراد أسرته بالجيدة جدا، ويعتبر نفسه محظوظا للغاية لأن الله أطال في عمر والدته، التي تقيم معه بنفس المنزل رفقة زوجته وإبنه نبيل. «هذا فضل كبير من عند الله لأن ولدي تيكبر قدامي وجداه كاينا»، يؤكد الجيراري. بالنسبة إلى علاقته بالمطبخ، يؤكد بنعيسى الجيراري أنها تتعدى حدود المتذوق، فهو يتفنن في تحضير العديد من الأطباق، ويصنف نفسه ضمن المجموعة التي تضم الفنانين محمد خيي ومحمد البسطاوي الأمهر في تحضير «الطواجن»، بينما يعترف بأن السيناريست والمخرج يوسف فاضل أقوى من ينافسه في هذا المجال ضمن الفنانين الذين جمعته بهم ظروف الإقامة أثناء التداريب الخاصة بالمسرحيات والأعمال الفنية التي تقاسموا بطولتها. يستحضر بنعيسى الجيراري بكثير من السعادة الممزوجة بالحنين بعض المحطات الجميلة في حياته التي كانت في نظره السبب وراء اقتحامه مجال الطبخ، حيث يتذكر الأيام التي كان يسافر فيها رفقة مجموعة من أصدقائه إلى الصخيرات وبوزنيقة ومدن مغربية أخرى، وكيف كان يجتمع الأصدقاء داخل الخيمة التي ينصبونها على رمال الشاطئ من أجل تحضير الوجبات التي يعتمدون فيها على الخضروات واللحوم التي جلبها كل واحد منهم بالإضافة إلى الأسماك التي يستمتعون باصطيادها. «كنرون فالكوزينا وكنخربق وكتصدق ليا» بنبرة مرحة يتحدث بنعيسى الجيراري عن التجارب التي يقوم بها داخل المطبخ معتمدا على المعلومات والمهارات التي اكتسبها من والدته في تحضير بعض الأطباق، فالطبخ بالنسبة إلى بنعيسى ابتكار بالدرجة الأولى، لذلك فهو لا يتردد في المزج بين مختلف العناصر التي تبدو للوهلة الأولى غير متجانسة، مؤكدا أن نتائج هاته «الروينا» تكون دوما في صالحه ويتمكن من إعداد وصفات شهية. أما بخصوص الأطباق التي يحب بنعيسى الجيراري تناولها باستمرار، فتتمثل في السمك الذي يؤكد أنه مستعد لتناوله بشكل يومي، ويرجع سبب حبه لمختلف الأطباق التي تعتمد على السمك إلى ارتباطه الشديد بالبحر، لأن الحي الذي يقطن به يبعد بمسافة قصيرة جدا عن البحر. «مكنشعرش حتى كنلقى راسي حدا البحر»، يقول الجراري، الذي اعتاد ممارسة هواية الصيد في وقت سابق، قبل أن تفصله عنها ظروف العمل، لكنه بالرغم من ذلك لا يفوت فرصة المشي على ضفاف الشاطئ للتخلص من ضغوط الحياة، لأنه يشعر براحة نفسية كبيرة عندما يكون على مقربة من البحر. يحتل الزي التقليدي مكانة مهمة في قلب الفنان بنعيسى الجيراري، لكنه بالرغم من ذلك لا يحبذ فكرة ارتدائه في الأيام العادية، لأنه يحرص على ارتدائه لمرات عديدة خلال المسرحيات والأعمال التلفزية، لذلك يفضل أن يكون الوضع مختلف عندما يتعلق الأمر بحياته الخاصة، «ولكن شي مرات كنبغي نلبس بلغا مع جينز» يقول بنعيسى الذي يتخلى في كثير من الأحيان عن الحذاء، ويفضل ارتداء «بلغا» مريحة، فيمزج بتلك الطريقة بين العصري والتقليدي في اللباس. «الأوقات العصيبة في حياتي هي اللي مكنكونش فيها خدام»، يقول بنعيسى الجيراري، الذي يعتبر أن أسعد الأوقات في حياته هي تلك التي يخلد فيها إلى النوم بعد أن يضبط منبه هاتفه على الموعد الذي ينبغي أن يستقظ فيه من أجل الذهاب إلى عمله، مؤكدا على أن دوافعه ليست مادية بالمرة، بل مرتبطة بشغفه بمهنة الفن، الذي يجعله يستمد الراحة النفسية والسعادة من معاناة الإبداع التي تتمثل في البحث في أبعاد الشخصية التي يجسدها وبذل المجهود خلال التداريب وساعات العمل الطويلة، على عكس الأيام التي لا يكون مرتبطا فيها بأعمال جديدة نظرا لضعف الإنتاج، حيث يكتفي بتعويض حالة الفراغ والملل التي يعيشها بالمطالعة ومتابعة الأعمال الفنية. شادية وغزو