تخوفات حقيقية تلك التي تحملها السلطات الإسبانية، وخاصة الاستخبارات الخاصة بهذا البلد هاته الأيام، وهي تبدأ تحرياتها وتحقيقاتها حول إمكانية تواجد “جهاديين” ضمن التشكيلة العسكرية بسبتة ومليلية المحتلتين، وبناء على تقارير استخباراتية واقعية اعتمدتها من مصادرها الخاصة من داخل الجيش، بل إن تحرياتها تلك تشارك فيها المصالح الاستخباراتية الأمريكية “س،إ،ي” والشرطة الفيدرالية الأمريكية “ف.ب.أ”، وهو ما يدل على أن مصدر المعلومة في الغالب هي الاستخبارات الأمريكية، التي لديها شكوك في تواجد إسلاميين راديكاليين من داخل التجريدة الإسبانية بالمدينتين المحتلتين، وتعني بذلك المغاربة المليليين والسبتيين المنظمين للجيش الإسباني. المعلومات التي تشتغل على أساسها تلك المصالح الاستخباراتية، تعود لمعلومات استقتها “س،إ،ي” الأمركية من بعض جنودها المشاركين في بعض التجريدات الدولية، حيث كشف بعض عناصرها عن علاقات ممكنة بين عسكريين إسبان من أصول مسلمة ومتشددين إسلاميين بمناطق مختلفة من العالم. وكان تحقيق سري قد فتح منذ قرابة السنة، وهم مجموعة من التشكيلات والمناطق، قبل أن يتم التركيز على تجريدتي سبتة ومليلية المحتلتين خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة، وتكثيف البحث والتحري بهذا الخصوص من قبل المصالح الاستخباراتية الإسبانية والأمريكية التي دخلت على الخط وبشكل كبير، برفقة مؤسسة الشرطة التابعة لها “إ.ف.ب” التي يبدو أنها تحمل معلومات مهمة وتجربة أهم بخصوص البحث والتقصي في شؤون المنتمين للجماعات الأصولية المتشددة. مصادر جد مطلعة، كشفت لبعض المصادر الإعلامية المقربة منها، أن هناك فعلا بعض المتورطين في شبكات أصولية متشددة من الذين ينتمون للجيش الإسباني، وهذا لا يعني اتهام المسلمين (يقصدون بهم المغاربة السبتيين والمليليين) بانتمائهم إلى حركات متشددة، بل هناك حالات محدودة ومعزولة يقول المصدر، لكنه لا يخفي القلق الحقيقي من ذلك لكونهم في رأيه “قنبلة موقوتة الانفجار”، وهو ما سيجعل البحث والتقصي لمعرفة هوياتهم وتحديدها في أقرب وقت، أول الأولويات لدى تلك المصالح التي بدأت فعلا تفكك بعض الشبكات والعلاقات الممكنة بين جنود إسبان وجماعات متشددة. القلق الشديد الذي يحمله المحققون ورجال التحري في هذا الموضوع، هو أن المشتبه فيهم من “طينة مختلفة” حيث يتعمدون إخفاء أية علاقة لهم بالدين، بل إنهم يستطيعون إيهام الغير بكون “آخر ما يمكن أن يشغل بالهم هو التدين”، حتى أنهم لا يقومون بشعائرهم الدينية إلى جانب باقي مسلمي المدينتين المحتلتين، مما يسهل عليهم الولوج والتحرك بدون رقابة، بل ويكونون بعيدين كل البعد عن أية شبهة أو تتبع من المصالح الإدارية التابعين لها، أو المصالح الاستخباراتية العسكرية التي تقوم بهاته المهام بشكل دائم، حيث يعتقد انتماؤهم لجماعة الدعوة والتبليغ الحاضرة بشكل كبير بإسبانيا. الرقم مخيف ومقلق بالنسبة للسلطات الإسبانية، التي تعتقد أن عدد المعنيين قد يصل إلى حوالي خمسين مجندا ينتمون إلى تلك الجماعة أو غيرها من الجماعات المتشددة، والذين التحقوا بالجيش أو كانوا أصلا مجندين به وتم احتواؤهم واستقطابهم، وهو ما قد يسهل أية عملية بالنسبة لهم، سواء داخل إسبانيا أو خارجها خلال مشاركاتهم في التجريدات الدولية، وهو ما قد يسهل على تلك الجماعات الأصولية تنفيذ عملياتها بسهولة. إسبانيا : مصطفى العباسي